العدد 3475 - الإثنين 12 مارس 2012م الموافق 19 ربيع الثاني 1433هـ

النظام في حكم المنتهي وأخطار كبيرة تحدق بالبلاد

سنة على الانتفاضة السورية

بعد مرور سنة على الانتفاضة السورية، يبقى الرئيس بشار الأسد متمسكاً بالحكم، إلا أن محللين يرون أن نظامه في حكم المنتهي وأن أخطاراً عديدة تحيط بسورية، ليس أقلها الحرب والتقسيم.

ويقول مدير مركز بروكينغز للأبحاث في الدوحة، سلمان شيخ لوكالة «فرانس برس»: «لو طرح قبل سنة السؤال عما إذا كان الأسد يمكن أن يكون في طريقه إلى الانتهاء، لكان كثيرون رفضوا مجرد الفكرة. (...) لكنني أعتقد اليوم أن النظام يخسر، والوقت ينفد منه».

ويضيف «بعد سنة، حتى لو أن بعض المؤشرات تدل على أنه لن ينهار بسهولة، فهناك مؤشرات أخرى على أن الانتفاضة حية وبحالة جيدة ومستمرة، وستقود على الأرجح إلى نهاية هذا النظام».

بدأت الانتفاضة في منتصف مارس/ آذار 2011، عندما قام بضعة فتيان لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة بالخربشة على جدران مدرستهم في مدينة درعا (جنوب) «الشعب يريد إسقاط النظام»، متأثرين آنذاك بشعار الثورتين التونسية والمصرية اللتين نجحتا سريعاً في إسقاط نظامين متسلطين ورئيسين احتكرا السلطة لعقود.

كان رد فعل النظام عنيفاً، فاعتقل الفتيان وزجهم في السجن. تظاهر أفراد عائلاتهم ومتعاطفون مطالبين بالإفراج عنهم. قمعت التظاهرة بالقوة، وسقط قتلى.

تزامن ذلك مع تظاهرتين صغيرتين نظمهما ناشطون سياسيون معارضون في سوقي الحميدية والمرجة في دمشق تضامناً مع المعتقلين السياسيين. كان ذلك كافياً، في ظل أصداء «الربيع العربي» التي وصلت، بعد تونس ومصر، إلى ليبيا واليمن وغيرها، لإطلاق شرارة حركة احتجاجية واسعة.

حاول بشار الأسد تلقف المطالب الشعبية، فأعلن على دفعات عن مجموعة إصلاحات تشكل مطالب مزمنة للمعارضة مثل رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ عقود، ووضع قانون للإعلام، وآخر للأحزاب، وصولاً إلى دستور جديد يلغي أحادية قيادة حزب البعث للبلاد.

لكن القمع العنيف للتظاهرات وتزايد عدد القتلى والاعتقالات والتسويق لرواية عن «مجموعات إرهابية مسلحة» تعيث الخراب في البلد، جعل كل كلام عن الإصلاح يفتقر إلى المصداقية.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باري-سود الفرنسية، خطار ابو دياب «الثورة السورية تتسم بطابع خاص بالمقارنة مع حركات الربيع العربي الأخرى، بالنظر إلى التضحيات الكبرى للشعب في ظل درجات من القمع غير مسبوقة (...) والتسلط الذي يكاد يوازي بعض أشكال الستالينية».

وتسببت حملة القمع على مدى سنة بسقوط 8500 قتيل تقريباً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنذ أسابيع، تترافق التعبئة الشعبية مع تمدد للتحرك المناهض للنظام إلى مناطق كانت في منأى نسبياً عن الاحتجاجات مثل حلب ودمشق، إنما كذلك مع تصعيد في المواجهات العسكرية.

ويقول ابو دياب إن «درجات القمع دفعت الناس إلى الدفاع عن أنفسهم (...) المعارضة كانت سلمية وشعبية، والنظام بذل أقصى جهده من أجل عسكرتها».

بعد شعار «الله، سورية، حرية وبس»، يرتفع اليوم بإصرار في التظاهرات شعار «نعم لتسليح الجيش الحر»، مع تزايد الدعوات في العالم إلى دعم هذا الجيش المؤلف من جنود منشقين ومؤيدين، بالسلاح والتجهيز. غير أن جهات عدة أبرزها واشنطن تتحفظ.

وتشن قوات النظام هجمات بالمدفعية والأسلحة الثقيلة على معاقل الجيش الحر الذي يعجز عن الصمود بأسلحته الخفيفة والمتوسطة التي استولى عليها من الجيش النظامي أو هربت إليه من دول مجاورة.

ورغم المنحى العسكري المتصاعد الذي تضاف إليه ظروف إنسانية ومعيشية مأسوية، يعجز المجتمع الدولي عن الوصول إلى توافق بشأن الأزمة.

ويرى ابو دياب أن هناك «مأزقاً داخل سورية، ومأزقاً حول سورية نتيجة حرب باردة غير معلنة» بين الدول الغربية وغالبية الدول العربية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى مدعومتين من دول قريبة من النظام أبرزها إيران.

ويقول ابو دياب «هذه الثورة لم تجد لها حليفاً»، مشيراً إلى أن انحياز الجيش القريب من الغرب إلى الحركة الشعبية في كل من تونس ومصر سرع في سقوط النظامين، «كما فتح النفط شهية الدول على التدخل في ليبيا».

في سورية، لا الغرب متحمس لفكرة التدخل ولا الممانعة الروسية والصينية في مجلس الأمن لأي قرار يدين النظام تسهل التوصل إلى تسوية.

في ضوء ذلك، يرسم المحللون صورة قاتمة لمستقبل سورية على المدى القريب.

وجاء في تقرير لمجموعة الأزمات الدولية صدر الأسبوع الماضي بشأن سورية «حتى لو تمكن النظام من البقاء لبعض الوقت، فقد أصبح مستحيلاً عليه عملياً أن يعيد السيطرة على البلاد أو يعيد الحياة الطبيعية إليها. قد لا يسقط، لكنه (...) سيتحول إلى ميليشيات متنوعة تقاتل في حرب أهلية».

ويتخوف سلمان شيخ من «مجازر» إذا تم تسليح المعارضة غير المنظمة وغير الموحدة، معتبراً أن هذا الأمر «سيشكل وقوداً إضافياً لإشعال النزاع الأهلي». لكنه يرى، رغم ذلك، أن الحل الوحيد يكمن في «دعم حقيقي وحاسم» للمعارضة من الخارج. ويقول ابو دياب «خطر التقسيم موجود. فإذا تبين للنظام أنه ليس في إمكانه إبقاء سيطرته على كل البلاد، قد يكتفي بمنطقة علوية».

أما في أسوأ الاحتمالات، «فلن يتردد في إشعال المنطقة عبر افتعال انقلاب في لبنان أو العراق، أو حرب إقليمية مع إسرائيل. فهو يريد البقاء حتى لو حول سورية إلى صومال أو بوسنة ثانية».

العدد 3475 - الإثنين 12 مارس 2012م الموافق 19 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:18 م

      .

      آل ثورة سورية آل .. .. يعني بذمتكم وين ثورتنا قمة السلمية وثورة هالإرهابيين قتل سفك دماء تفجيرات انتهاك أعراض

اقرأ ايضاً