العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ

لماذا ندخل الحوار؟

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يُتَداول موضوع الحوار في كثير من المجالس والمقاهي والعمل، لكن ما لفت انتباهي أثناء تواجدي في جلسة شعبية، وتمت مناقشته سياسياً على هيئة دائرة مستديرة وكأنه ورشة عمل من غير تنظيم عملي مسبق ولا رئيس حوار ولا سكرتارية، فالكل يدلي برأيه من غير حجر أو قمع للآراء بل تجمعهم قلوبهم المنفتحة وليس هناك ريبة في آراء من كان مع أو ضد الحوار.

مع أنني لم أشاركهم النقاش ليس لقلة الاهتمام بالأمر، بينما كنت لا أود أن تأخذ مواقفي على أنها هي الأصوب من جهة، ولكونهم غطوا الموضوع على أساس احترام رؤى الآخرين بشكل ممتع ومفيد من جهة أخرى، وهذا ما جعلني مستمعاً جيداً للحوار الشيق.

ضمن ما تداول من قبل المحسوبين مع الحوار، بأنهم سئموا الإخلال الأمني وعدم ممارسة حياتهم الطبيعية. أما الذين ضد الحوار، يبررون مواقفهم بأزمة الثقة البارزة بين الشعب والنظام، وعدم جدية الأخير للحوار، وليس هناك تهيئة حقيقية للحوار كتنفيذ توصيات لجنة تحقيق تقصي الحقائق، لا سيما على مستوى الإعلام والمحاكمات والمساواة بين المواطنين في الخدمات العامة والتوظيف والترقيات وغيرها.

مع أنني أميل للحوار ولي قناعاتي الخاصة المتمثلة في الظروف الإقليمية والسياسية، ولكنني لن أتطرق للسقف السياسي المطلوب، فهذا في أيدٍ أمينة، وسأتركه للمفاوضين السياسيين فيه، ولكنني سأضيف على المبررات السالفة الذكر، بأن هناك دواعي وأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية تدفعنا للحوار.

لو بدأنا بالأعلى أهمية، وهي الأسباب السياسية: نميل للحوار لوقف المحاكمات السياسية ومنع طوفان التوظيف السياسي وتوزيع الخدمات الإسكانية - على الهوية - وقطع الخدمات - البنية التحتية - عن بعض المناطق، وسندخل الحوار لمعالجة الفوضى فيما يخص استنزاف مقدرات الشعب على حساب الآخرين في ظل إبعاد وإقصاء لفئة تمثل نصف الشعب، ووقف أيضاً المهازل والأجندات السياسية في المجال التعليمي، كإبعاد البعثات الدراسية والترقيات عن فئة بعينها، من غير مساءلة سياسية أو إدارية، وسندخله بسبب احتواء كراسي البرلمان من شريحة أو طيف تحمل ذات الأجندات المتحكمة بالشأن السياسي، التي لا تمثل الشعب تمثيلاً عادلاً، بعد انسحاب الكتلة الانتخابية الأكثر تمثيلاً.

ومضطرون للدخول بهدف توزيع المناصب بالنظم الصحيحة التي تبنى على الكفاءة لا على الانتماءات الحزبية. كذلك تهيئة المصالحة السياسية لإطلاق سراح المسجونين وارجاع الشارع للهدوء والاستقرار.

ما تعرضنا له من الأسباب السياسية، ما ظهر منها وما خفي كان أعظم، فضلاً عن إطالة المدة في عدم الدخول، وإذا لم نتدارك الأمر سريعاً، سنكون في خانة المحرومين في كل من الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي لفترة زمنية طويلة، وعلاج ما سيتم تدميره سيكون صعباً جداً. فهل نعي حجم المأساة عندما تسلب حقوقنا كشعب وتستنزف مقدرات الوطن وعند خراب الأمة.

أما بالنسبة للأسباب الاجتماعية: تتمثل في وقف طوفان الحقد والعداء المستشري بين أبناء الوطن. نقصد من ذلك التصدي لمن يهدف شق اللحمة الوطنية وزرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب التي له أبعاد خطيرة على التعايش، وأبعاد عدائية جسيمة. ولذلك سنقبل بالحوار بهدف سحب البساط من تحت أرجل الحاقدين والمنتفعين، وتحجيم وضعهم وإرجاعهم إلى حجمهم الحقيقي، ولن نسمح أن يخيط وينسج المجتمع ويبث فيه السموم، من ليس له قيمة اجتماعية أو علمية أو سياسية، على أمل الرجوع رويداً رويداً إلى وضع البلد الطبيعي، وتنميته من قبل جوقة متخصصة أكفاء، مخلصين وليسوا طائفيين.

أما بالنسبة للأسباب الاقتصادية: وقف نزيف الخسارة التي تطال المؤسسات الصغيرة، وبالتالي تعرض العوائل إلى العوز والحاجة. واحتواء التجار البسطاء الذين قد يتعرضون إلى إفلاس، أو إضعاف الناس اقتصادياً وإلغاء قائمة المقاطعات التي لا تخدم المجتمع، وكذلك تذويب محنة الاقتصاد بإرجاع البلد إلى عافيته وشفائه اقتصادياً.

خلاصة الامر، سندخل الحوار من أجل انتشال البلد من الغرق السياسي والفوضى المجتمعية ووقف التجاوزات على جميع المستويات وفي كل مفاصل الدولة التي قامت به شلة من الطائفيين وضعفاء النفوس والحاقدين على أبناء الوطن، وسندخل الحوار لسد الطريق أمام العابثين بخيرات الوطن، ومن أجل وقف الفساد الإداري والمالي الشامل على مستوى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية.

عندما نطالب بالدخول في الحوار ليس اعتباطاً، وإنما من باب خوفنا على البلد من الانهيار الاقتصادي، ومن انشقاق مجتمعي يهدم أركانه الأساسية المتمثلة في الشعب، ولمناهـضة أية مشاريع سياسية ترتكز على الطائفية، ولا تتطابق مع النظم الأخلاقية والشرائع الدينية أو القوانين الوضعية.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:50 ص

      نعم اعطاء الطائفيين حجمهم الطبيعي

      نعم لن نسمح بمثل هؤلاء الذين تمت تهيئتهم وتغذيتهم ايدولوجيا من قبل من خرقوا السياده الوطنيه

    • زائر 3 | 2:43 ص

      من يهمه الوطن والمواطن لا لا

      من يهمه الوطن والمواطن لا يقدم على

      قتل المواطنين الذين يختلفون معه في الراي
      اعتقال ...........................................
      جرح ...............................................
      فصل ...............................................
      اغلاق مواقع ونشرات المعارضة ..............
      توظيف الاعلام الرسمي لزرع الفتنة والطائفية

      اقصاء المواطنين من مواقع العمل في القطاع العام

      معارضة مشروع قانون منع التمييز
      من ينتسب للوطن يفديه

    • زائر 2 | 2:26 ص

      حيرتنا يا دكتور مع الحوار لو ضد الحوار

      صباح الخير دكتورنا العزيز

      هل أنت مع الحوار أم أنك مضطر لدخول الحوار

      حسب قرائتي للمقال فإن دخول الحوار من وجهة نظركم هي لدفع الضرر وتجنب تبعات هذه المرحلة التي من المفترض أنها ستدوم فترة طويلة

      بالنسبة للأسباب الاقتصادية فأنا معكم جداً فيما تميلون اليه فأنا صاحب مشروع في احدى القرى وأخسر شهرياً مبالغ وأفكر كل يوم في الغاء المشروع وهي خسارة تمسني وعائلتي أكثر من ما تمس الاقتصاد الوطني

      بارك الله فيك يا دكتور

    • زائر 1 | 1:00 ص

      صح لسانك وقلمك يا ابن الديرة

      كلام جميل وتوصيف للأسباب التي تدعونا دخول الحوار. منها وقف المهازل والسرقات والتمييز في البلد

اقرأ ايضاً