العدد 3492 - الخميس 29 مارس 2012م الموافق 07 جمادى الأولى 1433هـ

الثورات العربية وتحديات المستقبل

علي الحداد comments [at] alwasatnews.com

بعد المنعطف السياسي الذي مرت به أكثر الدول العربية، حيث استطاعت الشعوب في مصر وتونس وليبيا تغيير النظام السياسي وإحداث تغيير نسبي في مؤسسات الدولة، بينما الشعب اليمني عبر تدخلات خليجية وإرادة شعب محلية استطاع إزالة رأس الدولة علي صالح وتولي نائبه الرئاسة المؤقتة حتى مرحلة الانتخابات بالرغم أن اليمنيين يؤكدون أن ثورتهم السلمية التي استمرت سنة لم تحقق أهدافها بينما طموحهم إسقاط جميع رموز نظام علي صالح في المؤسسات وداخل الجيش. كما شملت الإصلاحات الدستورية في الجزائر والمغرب والأردن ونأمل أن تكون مملكتنا البحرين ضمن مسار التعديلات الدستورية.

ونتيجة لرياح التغيير حصدت بعض القوى السياسية في هذه الدول نصيب الأسد نتيجة لعمل دؤوب قامت به في أوساط الجماهير عبر الوسائل الاجتماعية والخيرية مما حصدت ثمرة جهودها والحق يقال وبغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع توجهاتهم السياسية.

وعندما تتحول أية قوة سياسية كانت في صفوف المعارضة والآن تمثل السلطة فحتماً ستخضع هذه القوى لتحديات واختبارات وقوانين دولية ومحلية بالأمس كانت ضدها واليوم هي ملزمة بمراعاتها. ولذلك نقول لا توجد في السياسة مبادئ وإنما توجد مصالح فالمصلحة لهذه القوى عندما تكون في المعارضة تختلف تماماً عن المصلحة عندما تكون في السلطة، بينما الجماهير لا تعرف هذه المجاملات وإنما تريد موقفاً سياسياً من هذه القضية وتلك، ولهذا ستواجه القوى السياسية المتربعة على قمة النظام السياسي تحديات كثيرة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

على صعيد جمهورية مصر العربية، فوز حركة الاخوان المسلمين يتطلب الدعم المصري للفلسطينيين في غزة وفتح بوابة رفح وتسهيل مرور الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر فهل سيتجاوب الإخوان مع أقرب الناس إليهم فكراً وهي حركة حماس، أم سيخضعون إلى مجاملات بعض الدول التي تراعي مصلحة «إسرائيل» في الأول والأخير على حساب الموقف المبدئي للإخوان.

ثانياً: أسعار الغاز الذي يضخ إلى «إسرائيل» بأسعار زهيدة، هل سيستمر هذا العطاء والبذخ الذي كان حسني مبارك يتكرم به على حساب إيرادات جمهورية مصر وانعكاسه على مستوى معيشة الشعب أم ستكون العلاقة مع «إسرائيل» هي الأساس.

ثالثاً: السياحة في مصر حيث يعمل ما يقارب أكثر من مليون عامل وموظف في هذا القطاع الحيوي حيث يتدفق السياح من جميع أنحاء العالم وتوفر السياحة ومنتجاتها جزءاً كبيراً من دخل الجمهورية، هل سيضع الإخوان قوانين جديدة تضع قيوداً على السياح سواء من الداخل أو القادمين من الخارج وهذه حقيقة معضلة أخرى أو تحدٍ يواجه السلطة الجديدة في مصر.

رابعاً: حل مشكلة البطالة وهجرة الأدمغة المصرية التي تتزايد قبل الثورة وبعدها ومعدل البطالة وارتفاعها بشكل مستمر والخريجون يتزايدون بأعداد كبيرة من الصعب استيعابهم بالسوق المحلية، فهل سيأتي الإخوان باستراتيجية تنموية جديدة تضع في مقدماتها حل مشكلة البطالة.

خامساً: مشكلة الديمقراطية والإيمان بالرأي الآخر:

يردد المثقفون الليبراليون أن تيار الإسلام السياسي عندما يكون في المعارضة يتبنى الديمقراطية ويؤمن بها ويلتزم ببعض قوانينها وبنودها وعندما يصل إلى السلطة يحتكرها وينفرد بها ويتخلى عن الديمقراطية، أعتقد أن هذا أكبر التحديات التي ستواجه الإخوان في مجتمع مصري منفتح متعدد الطوائف والأديان حيث يوجد المسيحيون واليهود والمسلمون بتعدد مذاهبهم فهل هم قادرون على خلق تعايش سلمي ما بين فئات المجتمع بعيدة عن الفتن والتناحرات والذي كان آخرها الهجوم على كنيسة الأقباط، علماً بأن الشعارات التي صرح بها زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنوشي يريد تغيير النظام السياسي من نظام ابتلع السلطة في شخص واحد وهو الرئيس إلى نظام يدع السلطة للشعب.

ولا تختلف هذه التحديات في مصر عن غيرها من الدول العربية التي شملها التغيير حيث تتشابه جميعها في الظروف السياسية مع بعض الاختلاف من بلد إلى بلد، فمثلاً في ليبيا تتنافس القبائل على السيطرة على الريف في الجنوب الشرقي من البلاد كما تتجدد الاشتباكات في مدينة الكفرة من قبل مليشيات وجماعات قبلية ضد المجلس الانتقالي، كما يواجه اليمنيون نفوذ علي صالح وأتباعه في مؤسسات الدولة والجيش، فهل يستمر التغيير من غير تطهير المؤسسات والجيش من نفوذ علي صالح وأتباعه؟ وهل الجنوبيون سيكفون عن المطالبة بالانفصال عن الشمال أم ستظل عقبة أخرى تواجه التغيير؟ وكيف يتم استقطاب كل التيارات بما فيهم الحوثيون في برنامج موحد يتعايشون فيه؟

وأخيراً سيظل هذا الحراك كمقدمة لحراكات أخرى ليس بالضرورة في الوقت القريب وإنما في المدى المتوسط وستطرق رياح التغيير كل الأبواب ولن تستثني أحداً.

إقرأ أيضا لـ "علي الحداد"

العدد 3492 - الخميس 29 مارس 2012م الموافق 07 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:08 ص

      الاخ العزيز علي الحداد

      مقالاتك جدا رائعه وتعبر الواقع وفعلا رياح التغيير لن تستثني احد من جميع الانظمه العربيه الدكتاتوريه والتي يعيش شعوبها الظلم والاطهاد والتهميش ولكن لي عتب عليك لانك لاتواصل كتابة المقالات دائما تطل قليلا ارجو منك ان تكون مقالاتك يوميه او اسبوعيه وشكرا جزيلا لك ياابن الحداد على كل مقالاتك

    • زائر 1 | 3:19 ص

      تصحيح

      السياحة في مصر تستوعب أكثر من مليوني شخص يعملون بها.وليس هناك يهود في مصر سوي الذين في السفارة التي في العمارة.أما الاخوان فهم يتمتعون بقدر كبير من الانتهازية السياسية ومستعدون لفعل أي شيء وعقد أية صفقات مادامت وقودا يقودهم للسلطة.فلقد استغلوا فقر المهمشين وجهلهم وتدين المصريين الفطري في حصد أغلبية فاجأتهم هم أنفسهم فأرادوا اختطاف الدولة ولكن هيهات .الغريب أنهم لم يروا في رأس مبارك الطائر ما يلفت الانتباه .سينتبهون قريبا!

اقرأ ايضاً