يسكن العالم العربي اليوم ملايين الشباب الذين يأملون ويخططون ويرغبون أن يعملوا. وبوجود أكثر من 100 مليون شاب وشابة في الفئة العمرية 15 – 29 سنة، يمثلون 30 في المئة من مجمل عدد السكان، تواجه المنطقة «تضخماً شبابياً» لم يسبق له مثيل.

أدى هذا الواقع إلى الكثير من التحديات عندما يعود الأمر إلى تشغيل الشباب. إلا أنه يمكن النظر إليه كذلك كفرصة لرعاية التغيير الإيجابي الذي يدفعه الشباب باستخدام الشبكات الاجتماعية والتكنولوجيا لإيجاد واقع هناك حاجة ماسة إليه.

واليوم، لا توجد ببساطة فرص عمل كافية للشباب الذين يدخلون أسواق العمل في المنطقة. لم تعد وظائف القطاع العام مضمونة للخريجين. كما أن القطاع الخاص غير قادر على النمو بسرعة كافية. على سبيل المثال، يدخل 600.000 شاب وشابة سوق العمل في مصر كل سنة، ولكن نحو 250.000 منهم فقط يجدون فرصاً للعمل.

النتيجة هي أن ملايين الراشدين يضطرون للحصول على لقمة العيش وحدهم من خلال العمل الخاص، على رغم انخفاض دخله. وبالنسبة للكثير من هؤلاء الرياديين الصغار الذين يملكون مؤسسات صغيرة جداً، فإن الأمر الوحيد الذي يقف بين مستوى دخل الكفاف والأعمال النشطة والقابلة للاستدامة هو انعدام وجود رأس مال يمكن تحمله والاعتماد عليه. إلا أن الكثير من المؤسسات المالية ترى الشباب يشكلون مخاطرة عندما يعود الأمر إلى إقراض الأموال.

وعلى رغم أن الشباب العرب ربما مازالوا يبحثون عن عمل، فإنهم قد وجدوا أصواتهم بالتأكيد. وقد وفر مجيء التكنولوجيات مثل الإنترنت والهواتف النقالة والإعلام الاجتماعي للشباب أدوات لمساعدتهم على جعل التغيير حقيقة. ومن أساليب تحقيق التغيير تمويل وإشراك الشباب الذين يحاولون الحصول على قوت يومهم وحدهم، والاحتفال بهم وإظهار كيف نستطيع نحن كأفراد وحول العالم أن نساعد على رعاية التغيير. تلعب التكنولوجيا والإعلام الاجتماعي دوراً مهماً في تحقيق ذلك.

بناءً على ذلك، قامت منظمتان هما «سيلاتك»، أكبر مزود للدعم في مجال المؤسسات الصغيرة للشباب في المنطقة العربية، و «كي?ا»، أكبر منبر في العالم لإقراض المشاريع الصغيرة على الإنترنت، بإيجاد «كي?ا للشباب العربي» وهو منبر على الإنترنت يقدّم سبيلاً للناس عبر العالم لمساعدة الرياديين من الشباب العرب على مباشرة أو توسيع أعمالهم من خلال قروض صغيرة تبدأ من 25 دولارا. ومن الأمثلة على كيفية عمل ذلك على أرض الواقع هو شوقي، البالغ من العمر 26 سنة، الذي يعيش في تعز باليمن.

لم يستطع شوقي تحمّل كلفة التعليم وقرر أن يفتح دكاناً خاصاً به، أداره منذ أربع سنوات للمساعدة على دعم أسرته، وهو يرغب بزيادة مبيعاته لإعطاء أسرته فرصة في مستقبل أفضل. ولكن حتى يتسنى له عمل ذلك فهو يحتاج إلى شراء المزيد من المنتجات التي توفر لعملائه المزيد من المواد المنوعة. وهو يفتقر إلى رأس المال ليفعل ذلك بنفسه، ولكن قرضاً صغيراً سيسمح له بشراء المزيد من المنتجات وزيادة مبيعاته. يمكن لمقرضي «كي?ا»، وهم أناس عاديون حول العالم، أن يقدموا مساهمات صغيرة نحو قروض لأفراد مثل شوقي في العالم العربي من خلال موقع «كي?ا» على الإنترنت، حيث تقوم «سيلاتك» بدفع قيمة مماثلة.

هناك فرصة واضحة لإيجاد برامج على الإنترنت بين النظراء بالعربية، تربط المؤسسات الخيرية والمقرضين والمقترضين (في الدول العربية وعالمياً)، يمكن أن تضم المؤسسات الخيرية الإسلامية، تقدم الدعم للشباب والشابات الذين يديرون أعمالهم الخاصة، من خلفيات أقل حظاً. هناك حركة متنامية في العالم العربي والمسلم نحو المزيد من أشكال الإقراض الخيري ولبناء القدرات، التي تركّز على الأثر المستدام بعيد المدى.

توفر نماذج العطاء مثل «صناديق القروض الدوارة» (التي تُقرَض وتُسدَّد وتعاد إلى المقرضين ليعاد استثمارها لمساعدة المزيد من الناس) أو «الاستثمارات الاجتماعية» (التي توجّه انتباه المستثمر نحو مشاريع توفر عوائد اجتماعية بدلاً من مالية بحتة)، توفر فرصة لاستخدام هذه البرامج التكنولوجية لتمكين المزيد من العطاء الذي يحقق أثراً ونتائج. يمكن إيجاد هذه البرامج للشباب، وكذلك من قبل الشباب بصورة محتملة.

وفي حال تبني هذه المبادرات التكنولوجية بشكل واسع في العالم العربي، تستطيع هذه البرامج حشد مليارات الدولارات من خلال إعادة التركيز على المجالات الحالية من العطاء الخيري. تقوم برامج مثل المجلس العالمي لصانعي الخير المسلمين، وهي شبكة دولية من الأفراد والمؤسسات والشركات الكبرى تشجع العطاء الخيري، بتوفير فرصة مهمة لعرض الحلول المحتملة التي تزيد المشاركة بين المانحين والمستفيدين وتموّل مشاريع لها آثار اجتماعية إيجابية.

تملك منظمات مثل «سيلاتك»، من خلال أصحاب الاهتمامات والمصالح فيها، ومن يعملون على رعايتها وشركائها في قطر وأماكن أخرى في العالم العربي، فرصة لإطلاق حوار كهذا والتأثير على الاستراتيجيات والأفكار حول الاستخدامات الإبداعية للتكنولوجيا، إضافة إلى أشكال جديدة من العطاء الاجتماعي.

يتوجب على هؤلاء الذين يشكّلون آراء الناس والرياديين الاجتماعيين والشخصيات الدينية وغيرهم من المؤثرين في المنطقة أن يأخذوا بالاعتبار مساندة ودعم هذا البرنامج وغيره من أشكال العمل الاجتماعي المستدام.