العدد 3504 - الثلثاء 10 أبريل 2012م الموافق 19 جمادى الأولى 1433هـ

الأدمغة البريئة والمتسلطة والواعية

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه تشكيلات للعقول المرتبطة بالناس في كل المجتمعات، لكن في البحرين لها مذاق خاص وهي فريدة من نوعها، فكل دماغ يلعب أو يريد تشكيل الآخر أو الغاء الفكر الآخر، فعلى سبيل المثال نرى العقل المتصلب يفرض بالقوة أيدلوجياته، ويعمل على احتواء العقول الواعية ببسط أفكار تخوينية أو طائفية ضده. فاذا لم يستطع استقطاب طريقة تفكيره، يستخدم طرقاً متنوعة من الارهاب الفكري كتلفيق التهم الجزاف والتخوين والتكفير. كذلك يقوم هذا المتسلط بشحن الادمغة البريئة بأفكار عدائية حاقدة ضد من لا يتماشى مع تفكيره الاقصائي (سياسة محو الادمغة الأخرى).

العقول الواعية، تقوم بنشر أفكارها المتنورة الحضارية، والتي - حسب اعتقادها - ترتكز على مبادئ حقوق الانسان وحرية الرأي والتفكير والديمقراطية، ومن هذا المنطلق يحدث بينها وبين العقول المتسلطة تصادم وصراع يهدد مصير الأمة المتشكلة منها، وكلاهما يريد إفراغ ما لديه من سياسات ورؤى للوضع المختلف عليه في العقول الاخرى.

هذا الوصف لم نستنتجه من الكواكب المظلمة، وانما هذا ما استقصيناه من واقعنا الحقيقي الذي لا نعرف الى أين يقودنا في ظلمة الدرب العسير والطريق الوعر وفي ظل هذا التشابك المؤدلج الخطير.

ليعذرني شعبنا العظيم، هذه النماذج من التشكيلات لم تأت من فراغ، وانما بسبب سلبيتنا في اتخاذ القرار، والسماح للغير باستلاب عقولنا، والتفكير بالنيابة عنا، في حين ان الله وهبنا العقول لنستبصر بها، كي نحدد بها مسارنا وطريقنا ومصلحتنا. فمن هذا المنطلق نستصرخهم عذرا، حرروا عقولكم من القيود، ولا تقبلوا بتحديد تفكيركم وارادتكم.

لم أستوعب كيف المواطن البحريني يسمح لنفسه، أن يسب أو يشتم أخاه في الوطن أو يقذف طائفة بأكملها لخلافاته مع شخوص عقائديا أو سياسيا. لِكوننا نعرف الشعب البحريني جيدا، بأنه من الشعوب التي تتحلى بالاخلاق والطيبة والتسامح والمغفرة والحكمة، فما الذي أوصله لهذه المهاترات والعداوات بين أخوانه. فهل صراع وغسيل الأدمغة لها دور فيما حصل؟.

حاولت الاستلهام والتفكير عميقا، كيف يمكننا احتواء هذه الفتن. حقيقة، لم أستطع اعطاء تصور واضح لوضع سيناريو لانهاء التوتر الطائفي بسبب الحرب الضروس بين الادمغة وشحنها ضد بعضها البعض، لكننا في الوقت نفسه لن نيأس وسنواصل في كتابة هذا النوع من المقالات لتقريب وجهات النظر لمحو هذه العداوات التي فُرِضت علينا.

فمن يقومون بالكذب والافتراءات ونشر مفاهيم مغلوطة لشق الناس وتناحرهم، سينقلب عليهم سحرهم وهذا ما استقيناه من تجارب الحياة بأن من يشحذ ذهنه لنشر المكر والخديعة والوقيعة بين الناس سينقلب عليه حتما، وفقا لقوله تعالى في محكم كتابه الكريم «ولا يَحيق المكر السيّئ إلا بأهله» .

أملنا بالله انه سترجع الناس لعقولها وستنجلي الحقيقة، طال الزمن أم قصر، فان الحق يعلو ولا يعلى عليه. فمهما حاول المتملقون والمتسلقون والمتسلطون شحن الأدمغة الخاوية بالأحقاد والعداوات البغيضة بين الناس، فسيأتي اليوم الذي يُفرِغون هذه الاحقاد من عقولهم البريئة وسيرجعون لرشدهم وأصلهم ونفوسهم الطيبة المعروف بها شعب البحرين.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3504 - الثلثاء 10 أبريل 2012م الموافق 19 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:54 ص

      الله يساعدك

      ابو يوسف مع احترامي لك وتقديري لجهدك في كتابة مواضيع ذات اهميه, اقول باقي بس الرياضه ما كتبت فيها, الى الأمام وتستاهل كل الخير

    • قلم أسود | 3:30 ص

      نأمل ذلك

      أقدر لك يا دكتور تسمية العقول البريئة بهذا الاسم لأنك معروف من الوسط المعتدل ولا تحب تجريح الآخرين وبالخصوص في هذا الوضع المتأزم

      كما أتفق بعض الشيء مع الزائر 2 لوصفه للأدمغة المتسلطة وأختلف معه أيضاً فالأدمغة المتسلطة قد تكون لعالم دين أو رئيس حزب أو أب أو أم أو أخ أو صديق أو مسئول في العمل وهكذا ، ولذلك أرى أن وصف الدكتور أقرب وأشمل

      ولكن ما حدث ليلة البارحة من قيام مجموعة تسمي نفسها أسود الرفاع بمحاولة الهجوم على القرى المجاورة يتسحق أن تطبق عليه الأسماء الصريحة التي ذكرها الأخ الزائر 2

    • زائر 2 | 1:22 ص

      عفوا استاذ

      الأدمغة الحاقدة والمنافقة وليس المتسلطة.

      كن دقيقا في التسميات، وشكرا

    • زائر 1 | 1:19 ص

      شكرا لك

      ستظهر الحقيقة وسترجع الناس المغرر بها لعقولها وسينقلبون على الحاقدين قريبا انشاء الله حيث ظهرت بوادره في غرفة التجارة وستتبعها مؤسسات المجتمع المدني.

اقرأ ايضاً