العدد 3520 - الخميس 26 أبريل 2012م الموافق 05 جمادى الآخرة 1433هـ

«تويتر» أسرع من البرق

عمران الموسوي comments [at] alwasatnews.com

.

زارني منذ أيام الفنان محمد بوحسن؛ صاحب مؤسسة الوراقون ومن لا يعرف «الوراقون»، فليعلم أن هذه المؤسسة البحرينية قد أنجزت أعمالاً عديدة ورائعة من خلال قيامها بطبع مجموعة مجلدات شملت الكثير من الحرف اليدوية والعادات والتقاليد في منطقة الخليج، وأشرف بوحسن بنفسه على إخراج هذه المجلدات بشكل جميل ورائع من حيث الكتابة والصورة ويتفوق بعمله هذا على الكثير من دور الطباعة ذات السمعة العالمية.

هذا الفنان لم ينسَ وهو في زيارتي تقديم بعض الهدايا لي ومنها المجلد الرائع لتاريخ «العود في الخليج» وكتاب آخر تحت اسم «نقوش» للمغرد السعودي خالد الدوسري.

وفكرة الكتاب الذي أهداني إياه رائعة حيث إنها تحاكي روح العصر وأمزجته، فالأغلبية في الخليج باتت تعتمد على تغريدات عالم التويتر المختصرة والتي ليس فيها أي نوع من الإسهاب محاكاة للحكمة القديمة الشائعة «خير الكلام ما قل ودل».

إن عالم التويتر هو العالم البديل لعالم المقالة وعالم الخطب الرنانة ويختار المشارك بنفسه من يريد متابعته، ومن جانب آخر يطلق تغريداته في فضاء النت لمن يريد أن يقرأه، أو يتابعه، فالعالم لم يعد لديه الوقت لسماع خطب زعمائه ومرؤوسيه بقدر ما يرغب في وجود أكبر قدر ممكن من المعاني في جملة مفيدة واحدة تفي بالغرض وتوصل المعاني وتلغي نظرية أو قاعدة «لكل مقام مقال» بمعنى لا جمل رتيبة ولا حشو إنشائياً ولا تمطيط بل كلمات موجزة تفي بالموضوع.

فهذا العالم الجديد قد لا يعطي لصاحبه الفرصة الكاملة للتعبير عما في داخله أو ما يريد توصيله ويقع في الفخ بقصد أو من دون قصد، فالمغرد الذي تعرض للسجن في في دولة عربية بعد تعرضه بالإساءة لسيدنا محمد (ص) هو أحد هذه الحالات وعلى رغم دخوله السجن إلا أن السجناء أنفسهم الموجودين في زنزانته عاقبوه بعدة طعنات في رقبته، ولم يكتفوا بما تؤول إليه الأمور القضائية جراء تغريداته ضد سيد المرسلين محمد (ص).

وللرجوع لكتاب خالد الدوسري «نقوش» وهو الكتاب الذي ضم كل ما غرده طوال حياته عبر «تويتر»، فإن القارئ سيكتشف أن التويتر سيكون لغة التواصل بين الناس وفي كل الظروف العادية منها والأزمات حتى وإن لم يكن تأثيرها كما هو حال الصحافة والكتاب والتلفزيون.

لذا على الأنظمة العربية جمعاء أن تعي لما هو قادم وأن الأبواق والخطب الرنانة في عالم الإعلام لم يعد لها مكان، وكما نشاهد الآن وعلى الهواء مباشرة مجرد أن ينتهي اللقاء التلفزيوني أو الإذاعي مع أيٍ كان وإذا بالتعليقات تنهال في التويتر كالسيل الجارف، تنفي وتحلل وتتمسخر وتهاجم وتشيد حول الموضوع الذي تمت مناقشته للتو وذلك بكلمات مختصرة لا تتطلب الجهد الكبير بقدر ما تحتاج إلى معاني ومفردات مركزة تعكس ثقافة وروح العصر في التعبير عن كل القضايا الملحة التي تدور في بال الجماهير.

إنه عالم جديد، على المؤسسات الرسمية والأهلية أن تتماشى مع عقلية المغردين فهو جيل جديد ويفكر بطريقة مغايرة عن جيلنا وطلباته وطموحاته، ورغباته هي الأخرى مختلفة، لذا أرجو التفريق بين جيل الأمس وجيل اليوم، فالذي يقبله ويرتضيه من هو في عمري قد لا يقبله من هو في سن ولدي وهذا هو حال الدنيا وهذا هو عالم التويتر وعصره، فيه الخبر والصورة والفيديو، فيه الرأي والرأي المضاد.

في الأيام المقبلة ستتضاعف أعداد المغردين المبدعين والذين سيغيرون الكثير من المفاهيم والآراء وحتى القضايا التي تنحدر في رأينا ضمن الثوابت... إنه عالم الكلمات المختصرة، أو كما يحلو لصاحبي تسميتها بالكبسولات الخبرية.

فالحكومات القائمة والجديدة أمام تحدٍ كبير تجاه جيل التويتر «أو البرقية القصيرة» فهذا الجيل له ثقافته الخاصة وتفكيره المتجدد ونمط حياته المتسارع.

فالتعامل معه يجب أن يكون على هذا الأساس وإلا سنشهد ثورات متلاحقة ومستمرة على خطى الربيع العربي.

إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"

العدد 3520 - الخميس 26 أبريل 2012م الموافق 05 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:53 ص

      وما يدريك لعل القادم ...

      وما يدريك ويدري القارئ ان القادم يحمل المفاجات

      للجميع وهو مالم يؤخذ بالحسبان واثاره

    • زائر 1 | 12:53 ص

      تويتر

      شركة تويتر حققت نجاح متميز أيضاً من مميزات هذه الشركة انها تنشر الأخبار بشكلٍ سرعي وهذا ما جعل الناس تشارك في هذا البرنامج.

اقرأ ايضاً