العدد 3533 - الأربعاء 09 مايو 2012م الموافق 18 جمادى الآخرة 1433هـ

الإصلاح الدستوري في البلدان العربية (2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

هناك بعض البلدان التي شهدت انتفاضتها ضمن الربيع العربي وقدد تم قمعها أو التعايش معها، لكن الإصرار على الإصلاحات الدستورية مستمرة.

البحرين: تعود المطالبة بإصلاح دستوري إلى 14 فبراير 2003، عندما انعقد المؤتمر الدستوري، والذي شمل منظمات سياسية ومجموعة من المحامين ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات نافذة. صاغ المؤتمر تعديلات دستورية مقترحة وشن حملة شعبية وبرلمانية لدعم التعديلات.

قدمت مجموعة الوفاق البرلمانية (18 نائباً) مشروع تعديلات دستورية بعد انتخابها في أكتوبر 2006، فيما وقع على عريضة المطالبة بتعديلات دستورية ما يتجاوز 100 ألف موقع. لكن سيطرة النظام على البرلمان وعدم الالتزام بالإرادة شعبية أحبط عملية الإصلاحات الدستوري حتى يومنا هذا.

إن الإصلاح الدستوري هو في قلب المطالب الشعبية وقد تم التعبير عن ذلك بمختلف الوسائل. فعلى رغم أن مطلب الأقلية هو الاستفتاء على مطلب النظام الجمهوري، ومطلب الأقلية الموالية هو رفض أية إصلاحات دستورية ذات معنى، فإن غالبية السكان تطالب بإصلاحات جذرية باتجاه مملكة دستورية ديمقراطية.

تبلور ذلك في رسالة منظمات المعارضة السبع إلى ولي العهد سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، والذي فوضه والده الملك حمد بن عيسى آل خليفة للدخول في مفاوضات مع المعارضة للوصول إلى تسوية.

وقد أعلن ولي العهد بتاريخ 13 مارس/ آذار 2012 عن مشروع النقاط السبع كأساس للمفاوضات من أجل التسوية والتي تشمل:

- رئيس وزراء يعكس الإرادة الشعبية.

- إعادة ترسيم رسم الدوائر الانتخابية بشكل عادل.

- برلمان بصلاحيات حقيقية.

وعلى الرغم من كل ما حدث في الأحداث الماضية فإن الشعب لايزال متمسكاً بتسوية تفاوضية والتي تشمل الإصلاح الدستوري. وعلى رغم أن السلطة نظمت ما يدعى بـ «حوار التوافق الوطني» خلال يونيو/ حزيران 2011 والذي ضم 335 مندوباً حيث تمثلت المعارضة بـ 35 مندوباً فقط، فقد كانت التوصيات دون إصلاحات دستورية ذات معنى.

هناك إرادة وطنية للإصلاح الدستوري وتلكؤ رسمي وجهود من المجتمع الدولي من أجل تسوية تفاوضية بما في ذلك الإصلاحات الدستورية، لكنه يتوجب علينا الانتظار في ظل وضع يتميز باستمرار المواجهات والخسائر البشرية والهبوط الاقتصادي.

الكويت: يفاخر الكويتيون أن ربيعهم سبق الربيع العربي بسنوات. فقد نجح تحالف من الشباب من مختلف الأطياف، مستخدمين الفضاء الإلكتروني والتواصل الاجتماعي في حملتهم لإعطاء المرأة حقوقها السياسية في 2005، حيث شاركت المرأة في الانتخابات كمرشحة وناخبة لأول مرة منذ 1962. وخلال انتخابات 2009، نجحت أربع نساء في الوصول إلى مجلس الأمة فيما لم تفز أي امرأة في انتخابات فبراير 2012، كما قام الشباب بحملة ناجحة أخرى لتحويل نظام الانتخابات من 25 دائرة إلى 5 دوائر كبرى في 2006، وفي ظل نشوة الربيع العربي، تحرك الشباب الكويتي مرة أخرى من خلال العالم الافتراضي والعالم الواقعي، حيث اعتصموا في ساحة الإرداة المقابلة لمجلس الأمة منذ سبتمبر/ أيلول 2011، مطالبين بإقالة رئيس الوزراء وحل البرلمان المتورطين في قضية فساد كبرى، وقد استجاب الأمير صباح الصباح وأقال الوزارة، وعين وكلف وزارة برئيس وزراء جديد، ودعا إلى إجراء انتخابات نيابية في 1 فبراير 2012، ترتب عليها حصول الإسلاميين على الغالبية.

وعلى رغم عدم تصدر الإصلاحات الدستورية هذا التحرك فقد كان موجوداً تحت السطح وفي العمق. ظلت المعارضة الكويتية تعارض تاريخياً تعديل الدستور لأنه مطلب الحكم من أجل إضعاف سلطة البرلمان والمشاركة الشعبية العامة. لكن هذه المرة فالأمر يختلف. لقد طرح بعض المرشحين التعديلات الدستورية على أجنداتهم، وتتضمن:

- حصر عضوية البرلمان على الأعضاء المنتخبين، حيث الوزراء هم أعضاء بالبرلمان حكماً حالياً.

- تكليف الأمير رئيس الوزراء المنتمي لأكبر كتلة أو تحالف برلماني.

يبدو حالياً تعايشاً بين البرلمان ذي الأغلبية المعارضة مع الحكومة فيما تبدو الإصلاحات الدستورية مؤجلة.

عمان: شهدت عمان انتفاضة جماهيرية لا سابق لها في 17 فبراير 2011 في ولايات ثلاث رئيسية، وهي العاصمة (مسقط)، وصحار المركز الصناعي، وصلالة عاصمة ظفار، لكن جرى تجاهلها من قبل المجتمع الدولي. وقد استمرت طوال سنة وجرى قمعها بشدة. وقد استخدم الشباب الوسائل ذاتها التي استخدمها الشباب العربي في البلدان الأخرى. وقد طرح الشباب المطالب التالية:

- إصدار دستور تعاقدي، حيث يستمر حكم عمان بموجب نظام الدولة الصادر عن السلطان قابوس بن سعيد العام 1992.

- ضمان أن يكون الشعب مصدر السلطات والشرعية.

- تعديل المؤسسة التشريعية والرقابية بحيث يكون هناك برلمان منتخب ذو صلاحيات كاملة، حيث إن السلطة التشريعية حالياً مكونة من مجلس الشورى شبه المنتخب ومجلس الدولة المعين من كبار المسئولين، وعندما يجتمعان يشكلان مجلس عمان ذي الصلاحيات الاستشارية.

- استئصال الفساد المستشري.

قطر: تشكل قطر استثناءً خليجياً، فلم تشهد أي احتجاجات، واقتصرت على عريضة تقدم بها عدد من المثقفين إلى الأمير الشيخ خليفة آل ثاني، مطالبين بتفعيل الدستور الذي صوت عليه الشعب بأغلبية كاسحة العام 2006، وفي رد على ذلك وعد الأمير بإجراء انتخابات العام 2013.

لكن قطر شهدت ثورة افتراضية في محطة الجزيرة، والتي روجت للثورات والانتفاضات في البلدان العربية.

إن القاسم المشترك فيما بين دول الخليج، هو تقديمها لمنافع مادية للمواطنين وشمل ذلك زيادة الرواتب، ومنافع للمتقاعدين ومجموعات من المواطنين الآخرين، وخلق فرص عمل ومشاريع إسكانية.

يتساءل الكثيرون عن دوافع مواطنين ذوي امتيازات في القيام بالانتفاضة، إنه نزوع إلى الكرامة، حيث يطمحون ليكونوا مواطنين وليس مجرد رعايا.

وهناك قضايا أساسية أخرى مثل التناقض الفاضح ما بين الثروة الضخمة وقصور التنموية، والفجوة ما بين مجتمع متطور ونظام سياسي مختلف.

قضايا معقدة

حاولت معظم الدول العربية تجنب الانهيار أو احتواء الاحتجاجات من خلال بعض الإجراءات الاقتصادية، وإقالة بعض المسئولين واعتراف غير مباشر بالانتهاكات، لكنها جميعاً دون المطالب ومتأخرة.

الاستنتاجات

بغض النظر عما جرى، وتقييماته باعتباره ربيعاً دموياً أو ربيعاً مزهراً، فإن الربيع العربي لا سابق له والساعة لن تعود بعقاربها إلى الوراء، هناك مجموعة معقدة من الدوافع والقضايا والطموحات بعالم جديد حيث تضمن الكرامة والمواطنة المتساوية.

كان الإصلاح الدستوري وسيظل في قلب الإصلاحات المعطلة لعقود.

إن الثورة هي عملية مستمرة، وكذلك الإصلاح الدستوري، وقد تأتي بعض الإصلاحات الدستورية محبطة للآمال، وبعضها أقل من التوقعات، وبعضها سيجهض، لكن عملية التغيير قد بدأت. إن مرحلة جديدة قد دشنت في العالم العربي وهي مرحلة الربيع العربي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3533 - الأربعاء 09 مايو 2012م الموافق 18 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً