العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ

الوطن... كيف نخرجه من أزمته السياسية؟!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في الأزمة السياسية التي تمر بالبلد منذ 14 فبراير/ شباط 2011، التي خلفت الكثير من التراكمات النفسية والمعنوية والاقتصادية والحقوقية في أوساط المجتمع، من الواضح عند الكثيرين الذين تألموا للحال الذي وصلت إليه الأمور، والذين ينظرون إلى المسألة بموضوعية ومن دون تعصب لفكرة معينة، أن البعض القليل ومن عدة تيارات وفئات اجتماعية، قد استغلوا الأزمة بسلبية مفرطة لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصالح الوطنية، وراحوا يهرولون بخطى واسعة وسريعة، لعلهم في اعتقادهم الذي بنوه على أسس غير واقعية، أنهم يحصلون على مغانم مالية ومكانية مستخدمين شتى الطرق والأساليب المتنوعة وبآليات عديدة، وتوظيف كل إمكاناتهم المتاحة وغير المتاحة في سبيل ألا تفوتهم في تصورهم الفرصة الذهبية التي بحسب رؤيتهم قد لا تتكرر، ويمكن أنهم بذلوا الجهود الكبيرة لإطالتها ليكسبوا أكبر قدر من الفوائد الشخصية، وهناك من تعامل معها بطائفية بغيضة، وراح يفرغ ما في قلبه من كراهية مذهبية غير مسبوقة في هذا البلد وغير معهودة عند أبنائه، وأخذ ينتقم ويقصي ويهمش ويفصل ويوقف عن العمل ويستقطع من الرواتب ويصب جام غضبه على كل فرد ينتمي إلى المكون الذي يصنف في أدبياته الأيديولوجية تحت عناوين قاسية تبعده مسافات طويلة عن مصلحة الوطن والمواطن، وتبعده عن رحمة الله وغفرانه، وتقربه كثيرا إلى غضب الله وانتقامه الشديد، دون أن يلتفت لنفسه ويعطيها فرصة يتذكر فيها قدرة الله وعظمته لحظة واحدة، خشية منه أن يرجعه تذكره لخالقه عن أفاعيله القاسية ضد إخوانه في الوطن والإنسانية، التي في اعتقاده ان تلك الممارسات تؤمن له حياة سعيدة رغيدة دون غيره في هذه الدنيا الزائلة التي لا يعلم مداها إلا الله وحده، التي قد يكون عمرها مئات السنين، وقد يكون أقل من ثانية وقد تنتهي في طرفة عين.

والفرص التي يهيئها الله جلت عظمته، الذي وضع أسس العلاقات الإنسانية الحقيقية التي تفضي إلى العدل والمساواة والإنصاف إذا ما تقيد الانسان بكل تفاصيلها وحيثياتها الدقيقة، وينتهي عن الظلم بعناوينه المختلفة، وعن سلب الحقوق بمسمياتها المتنوعة، وعن انتهاك الحرمات بكل ما تحمله تلك المفاهيم والمصطلحات من معان سلبية خطيرة، والعمل بجد على تجنبها مطلقا، وتصحيح الوضع مع الخالق من خلال تصحيح الوضع مع البشر والمدر الذي مورس ضدهما الخطأ، لحماية النفس قبل كل أحد من المساءلة الإلهية الشديدة، والتي حذرنا بها في محكم كتابه الكريم ودستوره الحكيم، بعبارات واضحة جلية، لا تقبل التأويل أو التحريف، والذي في نهاية المطاف بين لنا أنه سبحانه وتعالى سيكون الخصم لكل مخالف للنواميس الإلهية والإنسانية يوم الفزع الأكبر.

وان عدم الالتفات جيدا للتقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية العالمية، وعدم التنفيذ لكل التوصيات التي جاءت بها لجنة تقصي الحقائق المستقلة، التي قالت بصريح العبارة ان ما فعل كان مخالفا لأبسط حقوق الإنسان، وعلى إثر ما توصلت إليه من حقائق دامغة لا تقبل التأويل ولم تجد لها تبريرا يعتد به في العالم الحقوقي، أوصت بإرجاع المفصولين في القطاعين العام والخاص إلى مواقعهم السابقة وإنصافهم، وإنهاء هذه المخالفة من دون تأخير ولا تسويف، ويستوجب حقوقيا أيضا محاسبة من تسبب في إحراج الوطن أمام المنظمات الحقوقية العالمية باتخاذه هذا الإجراء القاسي الذي أدى إلى مآس إنسانية واسعة في مختلف الفئات الاجتماعية، وليس كما تفعل وزارة التربية والتعليم في الكثير من المعلمين والمعلمات من فصل وتوقيف عن العمل واستقطاعات من الرواتب والامتناع عن تسليم الرواتب إلى بعضهم، وليس كما قامت به وزارة الصحة من إجراءات لا تتناغم مع توصيات اللجنة في كوادرها الطبية والتمريضية والفنية وغيرها في مختلف الأقسام الصحية، وقد أعطت رأيها في محاكمات المحتجزين ودعت إلى إطلاق سراحهم وأسمتهم في تقريرها بسجناء الرأي، وطلبت بناء المساجد التي هدمت بقرار غير محسوب العواقب الشرعية والحقوقية والوطنية، وأوصت بتغيير الأساليب المتبعة في الإعلام وإعطاء الفرصة في وسائله المتنوعة للتعبير عن الرأي بالطرق والأساليب والضوابط الأخلاقية التي وردت في العهد الدولي لحقوق الإنسان، الذي يعطي للجميع حق التعبير السلمي عن آرائهم، ودعم النهج السلمي في المطالبة بالحقوق، ويشجع جميع الأطراف على نبذ العنف والعنف المضاد بكل أشكاله وأنواعه الجسدية والمادية والمعنوية والنفسية .

ورأت اللجنة أيضا أنه بحسب القواعد والأسس الدولية والمحلية أن المطالبة السلمية بالحقوق المدنية والسياسية والأمنية والإعلامية والاقتصادية حق مشروع في ميثاق العمل الوطني والدستور وموثق في أدبيات وأخلاقيات ومواد المنظمات الحقوقية الأممية، وقالت انه يمكن ممارسة هذا الحق بشتى الطرق والوسائل السلمية المتعارف عليها دوليا وحقوقيا وقانونيا، التي تعتقد الجهات والأطراف المعنية في المعارضة بأنه بتحقيقها ينتهي الفساد المالي والإداري الذي يورده التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية والإدارية، وتتحقق العدالة والمساواة والإنصاف والمواطنة الحقيقية، ونبذ التمييز بأشكاله المتعددة العنصري والعرقي والطائفي والمذهبي، وتقدر الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات التخصصية وغير التخصصية التي يعيش الوطن بكل مكوناته وفئاته وأطيافه في داخلها، وتحترم إنسانية وكرامة وعزة كل فرد يعيش على هذه الأرض الطيبة، وترسخ العلاقات الإنسانية بين جميع مكونات البلد، وتوجد أرضية صلبة في التقدير والاحترام للمعتقدات والمشاعر الدينية والعرفية والسياسية والاجتماعية، وفي تصوراتها أيضا أن تلبية المطالب يسهم بصورة كبيرة في تحقيق طفرات نوعية واسعة للوطن، في كل المجالات والميادين العلمية والأدبية والتربوية والتعليمية التعلمية والتقنية والفنية والرياضية والتكنولوجية والمعمارية والسياحية والاقتصادية والتجارية والخدمية، مع الحفاظ على هيبة وسيادة الدولة واستقلالها وعدم المساس بها في جميع الأحوال والظروف، لا من بعيد ولا من قريب. نسأل الله أن يمن على بلدنا وعلى أبنائه بلا استثناء، بالخير والرخاء والازدهار والحياة السعيدة الهانئة، ويبعد عنهم الحقد والكراهية والبغضاء والضغينة والحسد والبهتان والقذف والوشاية والتدليس والسب والشتم والافتراء وكل سوء وشر، ويجعل أيامهم كما كانت أو أفضل منها، أيام محبة وود ووئام وتآلف بين قلوب كل أطيافه وفئاته، التي تميزوا بها منذ الأزل بين الأمم الإنسانية، كانوا ومازالوا يفخرون بتلك السجايا الأخلاقية والإنسانية الراقية أمام العالم أجمع وفي كل محفل يتواجدون فيه، وأن يوفق جميع عشاق هذا الوطن في تنميته وتطويره، لما فيه خير البلاد والعباد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3539 - الثلثاء 15 مايو 2012م الموافق 24 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 10:01 م

      تسلم

      تسلم أستاذي العزيز

    • زائر 3 | 4:28 م

      سلمت يداك يا ابا محمد

      انت وطني حقا ومقالك يدل على اصالتك وحبك لوطنك حمال الله وامثالك من كل شر

    • زائر 2 | 2:45 ص

      مطالبة مطالبة مطالبة الى متى المطالبة والحقوق معروفة

      لا حاجة لمسيرات ولا حاجة لاحتجاجات فالأمور أوضح من واضحة وجليّة ولكن عمك أصمخ لذلك استمرار المسيرات حتى يرفع من به صمم صممه من آذانه.
      البعيد شخص وعرف مشكلة البحرين قبل القريب
      ومن بالبحرين يصرّ على إبقاء الوضع على ما هو عليه
      أو عمل اصلاحات قشرية بعيدة عن أن تطال شيء ملموس من حقوق الشعب؟
      مختصر الكلام
      المشكلة مشخصة ومعروفة ولكن من بيده الحل لا يريد لها الحلّ

اقرأ ايضاً