العدد 3544 - الأحد 20 مايو 2012م الموافق 29 جمادى الآخرة 1433هـ

ممنوع التدخين... لو سمحت!

عمران الموسوي comments [at] alwasatnews.com

.

عرف الإنسان التبغ منذ آلاف السنين وكان تحديداً في منطقة الأكوادور في أميركا اللاتينية، وبقي آلاف السنين يستخدم لأغراض مختلفة عما نعرفه الآن فكان يستخدم للتخدير والعلاج وأحياناً بمثابة بخور، وظل على هذا الحال حتى القرن السادس عشر عندما بدأ الأوروبيون يستخدمونه بالطريقة المألوفة حالياً وكان جان نوكت أول فرنسي في العام 1560 يقوم بجلب هذا النوع من السلع إلى فرنسا حتى بات اسم نوكتين ملتصقاً باسمه هذا.

وظلت عادة التدخين قائمة وانتشرت في شتى أنحاء المعمورة بشكل مخيف حتى جاءت اللحظة الفارقة في تاريخ الإنسانية بسن قانون منع التدخين في الأماكن العامة والمطاعم والمقاهي والصالات.

وتعتبر عادة التدخين بكل أنواع التبغ من أسوأ العادات التي يمارسها الإنسان حتى أن البعض من المدخنين حاول الإقلاع عنها مراراً وتكراراً إلا أن الرغبة الجامحة بالعودة إليها تلزمه ممارستها على رغم معرفته الكاملة بكل الأضرار النفسية والصحية والمادية التي يصاب بها نتيجة استمراره، هذه العادة السيئة موجودة في كل دار إلا ما فيما ندر.

وما يثير الدهشة والاستغراب أن الإنسان انتظر كثيراً حتى سن القوانين الحديثة التي تمنع التدخين في الأماكن العامة مثل المطاعم والمطارات والمقاهي على رغم معرفته التامة بالأضرار الجسيمة للتدخين ونحن معشر العرب قد تأخرنا عن بقية الأمم في تطبيق هذا القانون.

وعلى رغم معرفتنا التامة بالأسباب والمسببات إلا أننا لم نسن هذا القانون إلا حديثاً، هناك بعض الأماكن مازالت تخرق القانون وتسمح للرواد من الزبائن بممارسة عادة التدخين وتعكير الجو على الجميع.

ما جرني للحديث عن التدخين وسن قانون منع التدخين وغضب المدخنين لهذا القرار المزعج الذي نزل عليهم كالكارثة على رغم فوائده الصحية ورحمة بغير المدخنين الأبرياء الذين يستنشقون الأدخنة ويصابون بشتى أنواع العلل هو جزئية التعصب والغضب لدى المدخنين حول هذا القانون، على رغم فوائده العديدة التي لا تعد ولا تحصى وعلمهم بذلك أيضاً.

في الوقت الحاضر هناك الكثير من المطالبات لدى الشعوب العربية في تعديل الدساتير وتطويرها بحيث تتماشى مع روح العصر وتطبيق كل ما جاء في الدرس الثامن في كتاب المواطنة حول حقوق الإنسان، إلا أن هذه المطالبات تصطدم في نهاية المطاف بعوائق عدة على رغم أنها لمصلحة الجميع من دون استثناء إلا أن البعض يصر على عدم الالتفات إليها بتاتاً.

إن ما يدور في عالمنا العربي من حراك هو في حقيقة الأمر حراك لمصلحة الجميع على المدى البعيد، فحتى وإن خمدت الثورات لبعض الوقت ستثور من جديد، وقد تكون بطريقة أكثر عنفاً ودموية.

إن الإصلاح والتطوير والتحديث والتغيير وسن القوانين التي تصب لمصلحة المواطنين من دون تفرقة هي في نهاية المطاف (مطلب الجميع) وسيعود بالفائدة على الكل من دون استثناء.

إن التقوقع والتعصب وعدم مراعاة حقوق الآخرين وعدم الالتفات لمن هم مهمشون لن تؤدي إلا للخراب وعدم الاستقرار.

لقد استغرق سن قانون منع التدخين في أوروبا وأميركا أعواماً عديدة وعندما تم تطبيقه واكتشاف فوائده بدأت الحملة الجديدة في إلغاء صناعة التدخين برمتها، وهذه الحملة لم تكن حديثة العهد حيث كان النازيون في العام 1929 أول من طالبوا بإلغاء صناعة التدخين من على الخريطة تماماً نتيجة الأضرار الصحية والنفسية التي يسببها التبغ.

إننا عندما نغير القوانين ونجعلها تتماشى مع روح العصر سنكتشف لاحقاً أننا في وضع سياسي واقتصادي أفضل وسنندم على الأيام التي مرت ونحن نصر على عدم التغيير.

وللرجوع لموضوع قانون منع التدخين، إن أوروبا الآن تندب حالها كيف سمحت للمدخنين في السنوات الماضية أن يصولوا ويجولوا بغلال الدخان في كل الأماكن من دون أية مراعاة لحقوق الآخرين غير المدخنين، والذين تعرضوا للأذى نتيجة استنشاقهم الهواء الملوث وإصابتهم بالأمراض الخبيثة.

إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"

العدد 3544 - الأحد 20 مايو 2012م الموافق 29 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:20 ص

      مذلة

      رأيت مجموعة من الموظفين خارج مبنى عملهم في عز الحر والشمس وهم يدخنون. ما الذي يجبرهم على ذلك.

    • زائر 1 | 9:33 م

      التعنطز

      المشكلة أن معظم المدخنين يعتقدون أن من حقهم تعكير الجو ويستائون. إذا منعوا. بصراحة معظمهم ماعندهم إحساس بأن حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرين بإستنشاق هواء نظيف وخصوصا عوائلهم. مجالسة المدخنين سوء.
      حاليا يتم السماح لمدخني الشيشة بافساد رئاهم والضرر سيكون جليا بعد عشرين سنة.

اقرأ ايضاً