العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ

بعض المفاهيم الخاطئة

نهاد نبيل الشيراوي comments [at] alwasatnews.com

استشارية العناية المركزة والأمراض الصدرية

هناك بعض المفاهيم الخاطئة التي يؤمن بها بعض المرضى إيمانا غير قابل للجدل. المشكلة تكمن في أن تناقل هذه المفاهيم غير الصحيحة بين الناس ينتشر بسرعة عجيبة كانتشار عدوى الانفلونزا وأنها تترسخ في الأذهان بصورة يصبح معها إقناعهم بالعكس أمرا بالغ الصعوبة. سأحاول في هذا المقال أن أصحح بعض المفاهيم الخاطئة التي يأتيني بها بعض المرضى والتي تؤثر على استجابتهم للعلاج وتؤخر الوصول إلى النتيجة المرجوة.

الإدمان على البخاخ

من المخاوف الكبيرة لدى مرضى الربو ان استخدام البخاخ بشكل منتظم سيؤدي إلى الإدمان عليه بحيث يصبح الاستغناء عنه أمرا مستحيلا. ولكي نوضح هذا الأمر يجب أن نعرف معنى الإدمان أولا. يعرف الإدمان على أنه رغبة قهرية في تناول عقار معين مع ميل لزيادة الجرعة المتعاطاة. يوجد نوعان من الإدمان: الأول هو الاعتماد النفسي وفيه يستحوذ العقار على تفكير الشخص وانفعالاته بحيث يفقد السيطرة على ذاته ويصبح البحث عن العقار هو هدف الشخص الدائم. أما النوع الثاني فهو الاعتماد الجسدي وفيه يتكيف الجسد فسيولوجيا مع العقار بحيث يصبح الاستغناء عنه أمرا بالغ الصعوبة وتظهر الأعراض الانسحابية على المرء عند التوقف عن تناول هذا العقار. من هنا نجد أن الإدمان يحدث في شخص سليم لا يعاني من مرض معين وإنما يتناول عقارا أو مخدرا لغرض ما ويستمر في تناوله على رغم تأثيراته السلبية ويصاحب ذلك سلوك منحرف كالسرقة والعدوانية. والمواد المسببة للإدمان معروفة وهي الكحوليات، والأفيونات، والنيكوتين، والكوكايين، والأمفيتامين. أما بالنسبة لحاجة مرضى الربو إلى استخدام البخاخ بشكل منتظم فهو لا يعتبر بأي حال من الأحوال إدمانا على هذا البخاخ. يحتاج مريض الربو إلى استعمال البخاخ بشكل منتظم للسيطرة على المرض وليس بسبب الإدمان، تماما كما يحتاج مريض السكر للحبوب أو الأنسولين للسيطرة على مرض السكر وليس لأنه أدمن عليها. معظم مرضى الربو لا يحتاجون إلى زيادة الجرعة وإنما غالبا ما يحدث العكس، حيث يقوم الطبيب بتخفيض الجرعة إلى أقل جرعة ممكنة تسيطر على المرض.


الكورتيزون الموجود في البخاخ له الأعراض الجانبية نفسها للكورتيزون المتناول بالفم

الكورتيزون عبارة عن هرمون تفرزه الغدة الكظرية (فوق الكلوية) وهو ذو أهمية كبيرة للإنسان وخاصة في وقت الإجهاد والتوتر. تم تحضير الكورتيزون كيميائيا بأشكال مختلفة نظرا لفوائده في علاج الالتهابات غير الجرثومية (Inflammation). يعد البخاخ من أفضل الطرق لإعطاء الكورتيزون وذلك لسببين رئيسيين: السبب الأول هو تأثيره المباشر على القصبات الهوائية والثاني هو خلوه من الأعراض الجانبية المهمة. عند استخدام البخاخ المحتوي على الكورتيزون، فإن النسبة التي تمتص من القصبات الهوائية إلى داخل الجسم تكاد لا تذكر، لذا فإن الأعراض الجانبية المعروفة للكورتيزون (كزيادة نسبة السكر، هشاشة العظام، زيادة الوزن) لا تحدث مع استخدام البخاخ. تقتصر الأعراض الجانبية لاستخدام بخاخ الكورتيزون على حدوث التهابات فطرية في الحلق أو بحة في الصوت ويمكن الوقاية منها عن طريق الغرغرة بالماء بعد استخدام البخاخ.


الربو عبارة عن تضيق في الشعب الهوائية فقط

إذا عرفنا الربو بأنه مجرد تضيق في الشعب الهوائية، سيكون هذا التعريف نظرة سطحية لهذا المرض. الربو مرض مزمن يصيب القصبات الهوائية حيث تكون شديدة الحساسية لعوامل معينة (المهيجات). لا تنقبض الشعب الهوائية عند تعرضها للمهيجات فحسب وإنما يحدث نوع من الالتهاب غير الجرثومي في جدارها وتنتفخ ويزيد إفرازها للمخاط. تفرز جدران القصبات الهوائية مواد تسبب انقباض عضلاتها وزيادة إفراز المخاط وجذب خلايا الالتهاب المختلفة. نتعرض جميعنا إلى استنشاق الهواء المحمل بذرات من الغبار وحبوب الطلع والمهيجات المختلفة. فقط الشخص المعرض للإصابة بالربو هو من يصاب بتهيج القصبات الهوائية وتضيقها عند استنشاق مثل هذه المواد. أدى تطور هذا المفهوم في تعريف الربو إلى تطور وسائل العلاج. في السابق كان التركيز على البخاخات التي تؤدي إلى انبساط العضلات الموجودة في جدار القصبات الهوائية مثل بخاخ الفنتولين (Ventoline). لكن ومع اكتشاف أن مرض الربو أكثر من مجرد انقباض في عضلات القصبات الهوائية، صار التركيز على البخاخات المحتوية على مادة الكورتيزون والتي تسيطر وتخفف من الالتهاب غير الجرثومي الموجود في جدران القصبات. يؤدي استخدام بخاخ الفنتولين إلى الشعور بالراحة السريعة وذلك لتأثيره المباشر والسريع في حدوث انبساط في عضلات القصبات، ما يؤدي إلى توسعها، لكنه لا يعالج السبب الرئيسي وهو الالتهاب (Inflammation). من هنا تأتي أهمية استعمال البخاخ المحتوي على الكورتيزون بصورة منتظمة وانتظار النتيجة التي قد لا تظهر إلا بعد مرور اسبوع أو أكثر من بداية الاستخدام.


لا يستطيع مريض الربو ممارسة الرياضة

من المفاهيم الخاطئة لدى مرضى الربو هو محاولة تجنب ممارسة الرياضة لأنها قد تسبب نوبة الربو، لذا يبتعد المريض عن ممارسة أي مجهود بدني من شأنه أن يؤدي إلى حدوث أو زيادة شدة النوبة. أثبتت الدراسات الحديثة أن مريض الربو يمكنه ممارسة الرياضة بلا قيود ما دام ملتزما بإرشادات الطبيب. يتسبب استنشاق الهواء البارد والجاف الذي يدخل إلى القصبات الهوائية أثناء ممارسة الرياضة في تحسس تلك القصبات عند بعض مرضى الربو. أما إذا استخدم المريض البخاخ الموسع للشعب (الفنتولين) عشر دقائق قبل ممارسة الرياضة، فسيمنع ذلك حدوث نوبة الربو. كما يجب الامتناع عن ممارسة الرياضة في الأماكن المزدحمة والملوثة. تعتبر السباحة في المياه الدافئة من أكثر الرياضات ملاءمة لمرضى الربو وذلك بسبب الرطوبة التي تمنع تهيج جدران القصبات.

إقرأ أيضا لـ "نهاد نبيل الشيراوي"

العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 5:12 م

      شكرا لك

      ايتها الطبيبة الانسانة الوطنية دمتي سالمة وهنيئا لاهلك بك ياجوهرة

    • زائر 15 | 2:34 م

      لك المجد

      يكفيك .. أن خيالك سيبقى محفورا في ذاكرة البحرين .. وستحملك الأجيال تاج كرامة وفخر وعزة .. ومشعل حب ووفاء ..

    • زائر 14 | 1:05 م

      التثقيف الصحي بهذا الإسلوب الجميل ضرورة

      شكراً لإبنة البحرين و إبنة كل أسرة بحرينية مخلصة لوطنها، الطبيبة والإنسانة التي خُلقت بقلبين، قلب الطبيبة التي لم تخن شرف مهنتها، و قلب الإنسانة التي تحس بمعاناة و آلام الآخرين و تتألم من أجلهم. فإبنتنا العزيزة الدكتورة نهاد تتطرق في كتاباتها التثقيفية الصحية إلى أمور مهمة يجب على المريض أن يدركها، و تصب في مصلحته، و تساهم في تجاوبه للعلاج. أكرر شكري لإبنتي العزيزة الكتورة نهاد، و أتمنى عليها مواصلة الكتابة بهذا الأسلوب الأدبي الجميل الراقي

    • زائر 13 | 7:50 ص

      بارك الله فيك يا دكتورتنا العزيزة.

      بارك الله فيك يا دكتورتنا العزيزه،ما قصرتين.

    • زائر 12 | 7:23 ص

      التثقيف مهم للمرضىولكن

      هناك الكثير من المحاظرات والتوعيات الصحية للمرضى ولكن طريقة حشو النصائح تشعر المريض بالملل فيجب ابتكار طريق افضل بحيث تجعل المعلومة راسخة في عقول المرض
      تحية حب لك يادكتورتنا نهاد وكم تمنيناك ان تكوني هناك في ICU between you pt.

    • زائر 11 | 6:13 ص

      دموع غالية

      تداخلت الكلمات حين هنأتك بعودتك لمرضاك .. لا أدري كيف .. لكن وددت القول أن الثمن الغالي الذي دفعته لم يكن إلا لكون دموعك غالية فانحدرت كاللؤلؤ من قلب الانسانة الطبيبة .. ستعودين يوما كما تريدين .. لك المجد ولشانئيك البتر والخزي

    • زائر 10 | 4:41 ص

      شكرًا دكتوره

      من الواضح ان الدكتوره نهاد تعيش هم ومعانة المرضى في كل جنبات حياتها ولذلك هي لا تترك اي فرصة لتثقيف وعلاج المرضى فشكرا لك على هذا الاهتمام ونشر الوعي والتثقيف الصحي وجزاك الله الف خير

    • زائر 9 | 4:25 ص

      شكرا لكم

      من قلبي أشكركم على إهاتمامكم بمواضيعي .. أحب الكتابة و الطب معا" و أتمنى أن أنشر الوعي الصحي بين أبناء مجتمعي الذين أحبهم من كل قلبي
      شكرا" لكم

    • زائر 8 | 4:24 ص

      الدكتورة الانسانة

      اهلا وسهلا بالدكتورة الانسانة والتي اثبتت للجميع عن اخلاقها العالية وقلبها النظيف ابان الاحداث السياسية في قسم الطوارىء بالسلمانية .

    • زائر 7 | 4:06 ص

      محرقية

      معلوماتكي مفيدة وخاصا الرياضة مع الربو

    • زائر 6 | 3:39 ص

      المزيد

      شكرا للدكتوره ابنتنا العزيزه تحية من القلب لك ولأبويك ولعائلتك المحترمه .

    • زائر 5 | 3:01 ص

      الحاجة الى تثقيف المريض

      المريض مالم يعرف بمرضه لن يكون مساعدا للطبيب

      ويسارع في شفائه

      حبذا لو وجدت مثقفة صحية تعرف المريض بمرضه وطرق علاجة وماهيته حتى يصبح معينا للطبيب ويسارع في شفائه أو تفادي مخاطره

      كثير من الاطباء يصف الدواء دون تعريف المريض بمرضه

      وربما يكون ذلك لضيق وقته

    • زائر 3 | 1:04 ص

      شكرا

      شكرا الي الدكتورة نهاد على الطرح الجميل ونتمنى لها التقدم والازدهار الدائم

    • زائر 2 | 11:37 م

      زميلة مهنة

      د.نهاد رغم قناعتي بانك سوف تكونين من افضل الطبيبات في مجال الامراض الصدرية كما هي عادتك دائماً لكني لا أراك الا طبيبة عناية مركزة فمرضاك هناك بحاجة لك في مكان لا يملأ فراغه سواك وامثالك من الاطباء الذين لا يعوضون في مجال تخصصهم وفقك الله أينما اخترت

اقرأ ايضاً