العدد 3564 - السبت 09 يونيو 2012م الموافق 19 رجب 1433هـ

مصر بين محاكمة مبارك واحتشاد «التحرير»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

منذ صدور الحكم على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وميدان التحرير يعجّ بالمتظاهرين الذين ينددون بقضاء غير مستقل وبمشاركة أحمد شفيق، رئيس الوزير السابق لمبارك، في الدور الثاني للانتخابات.

القرار القضائي زاد الطين بلة قبيل أيام من انعقاد الدور الثاني للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يومي السادس عشر والسابع عشر من الشهر الجاري.

وقد تم الحكم على الرئيس المخلوع ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالسجن مدى الحياة بتهمة الأمر بقتل المتظاهرين خلال الثورة. لكن تمت تبرئة ستة مسئولين من وزارة الداخلية بحجة انعدام الأدلة. وكذلك كان الحال بالنسبة لنجلي مبارك علاء وجمال لانقضاء الأمد القانوني.

إن ما يحدث اليوم في الشارع المصري يعكس حال الغضب والإحباط في كيفية إصدار أحكام غير قوية على المسئولين وعلى رأسهم الرئيس المخلوع الذي تسبب في مقتل المتظاهرين السلميين إبان أحداث ثورة 25 يناير 2011.

الإعدام وإن كان أمراً غير إنساني إلا أنه هو ما كان يتوقع في محاكمة مبارك على المستوى الشعبي، وذلك لأن مبارك مارس العقلية الأمنية وقتل نظامه كل من يطالب بحقوقه المسلوبة، واعتبر هذا المستبد ان من يطالب بحقوقه متمرداً لابد من القضاء عليه لحماية أركان الفساد القائمة.

لقد اختلفت نظرة المصريين الآن عنها قبل عام، فهم يريدون رسم نظام ومستقبل لا يهضم حقهم كما كان على مدى زمن طويل، ولهذا فهم يحتشدون مرة أخرى بكثافة في ميدان التحرير في إشارة واضحة بأنهم يرفضون ثقافة «الإفلات من العقاب» لاسيما لأولئك الذين سقط ضحيتهم عدد كبير من المواطنين الأبرياء.

ويرى محللون غربيون أن الاحتشاد في ميدان التحرير هي إشارات لثورة أخرى قادمة إذ إنها لم تأتِ من فراغ ولكن من قهر سياسي لم يعترف يوماً بإنسانيتهم ولا بحقوقهم، وبالتالي فإن الحكم على مبارك جاء بعد عودة الاحتجاجات في ميدان التحرير التي تطالب بتطبيق قانون العزل السياسي القاضي بعدم السماح لمسئولي النظام السابق بالترشح للرئاسة حتى لا يتمكن أحمد شفيق من الفوز، وهو ما جعل الشعارات التي ترفع في ميدان التحرير منذ يوم السبت الماضي وحتى لحظة كتابة هذا المقال لا تتحدث فقط عن محاكمة مبارك بل تتطرق عموماً لموضوع الفلول والنظام السابق وأيتامه المتناثرين هنا وهناك.

وبحسب التقارير الصحافية، فإن هناك توجّهاً لمقاطعة الدور الثاني للانتخابات لأن هناك من باتوا لا يثقون بأي مبادرة هي من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو ما يعرف بالمجلس العسكري الذي يمسك بعنان السلطة في هذه الفترة الانتقالية.

المتظاهرون في ميدان التحرير بالقاهرة لهم انتماءات مختلفة، منهم الليبرالي ومنهم الإسلامي، أو من هو بكل بساطة ضد أحمد شفيق، وهناك من نزل للتظاهر لأول مرة، وهم أشخاص قبلوا بتجاوزات المجلس العسكري على أمل حلّ الأزمة بطريقة قانونية لكنهم أصيبوا بالإحباط من جراء المحاكمة.

أحد المصريين الذي تكلم مع قناة «فرانس 24» قال «استأت لما أسفرت عليه هذه المحاكمة لكن ما يحدث الآن في التحرير يمنحني شعوراً بالأمل. غداة الدور الأول من الانتخابات، كنا لا نرى سوى طريقين لا ثالث لهما: إما «الفلول» أو الإسلاميين. لكن الأنظار تتوجه اليوم مجدداً نحو التحرير وقد أضحت طريقاً ثالثة ممكنة».

الأمل في التغيير هو ما يدفع بالمصريين وغيرهم في شوارع وميادين العواصم العربية للاعتراف بأن كل شيء ممكن قابل للتشكيل والتصحيح وأن زمن تراكم الأخطاء وبناء دولة على ركائز الفساد غير ممكن أن تستمر في ظل هذه المرحلة الحالية التي تتطلب توفير الوظائف مثلاً لحل مشكلة البطالة والقضاء على بؤر الفساد التي تؤدي إلى سلب حقوق المواطن وإفقاره.

لقد لجأت الشعوب العربية إلى شوارعها وميادينها اليوم لممارسة الحق في التجمع السلمي والحق في التعبير على أمل تغيير أوضاعها السياسية التي بدورها ستساهم في تحسين أوضاعها الحقوقية والاقتصادية معاً. وهو ما يعني أن الحراك الإنساني ومتطلبات المعيشة الأساسية خلق حراكاً وفكراً مبنياً على مبادئ مستمدة من مواثيق حقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3564 - السبت 09 يونيو 2012م الموافق 19 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً