العدد 3576 - الخميس 21 يونيو 2012م الموافق 01 شعبان 1433هـ

المصريون قلقون من الاضطراب وسط انتكاسات سياسية

تعمق الإحباط الشعبي في مصر بعد أن عمل الحكام العسكريون على الاحتفاظ بسلطات واسعة في البلاد لكن مبعث القلق الأكبر لدى كثير من المواطنين المنهكين هو أن تثير أزمة سياسية جديدة احتمالات تجدد الاضطراب في الشوارع.
وتسبب عملية انتقال سياسي مضطربة هيمنت عليها خلافات بين السياسيين وأحيانا أعمال عنف في إنهاك البلاد التي كانت منتشية عندما اضطر الرئيس السابق حسني مبارك تحت ضغط ملايين المحتجين الذين غصت بهم الميادين والشوارع في كثير من المدن إلى التخلي عن السلطة التي بقي فيها 30 عاما.
وبعد أكثر من 16 شهرا من سقوط مبارك وبعد جولة إعادة للانتخابات الرئاسية أجريت في بداية هذا الأسبوع ولم تعلن نتيجتها حتى الآن لا يزال المصريون غير قادرين على تبين متى يعود العسكريون إلى ثكناتهم.
لكن ما هو واضح بالنسبة للكثيرين هو أن الحوار وليس المظاهرات هو المطلوب بشدة لاستعادة الاستقرار وتحقيق المطالب.
وقال أديب عشري (54 عاما) الذي كان ضحية للاضطراب الاقتصادي حين فقد وظيفته كمحاسب في شركة أدوية "لم نر سياسيين يهتمون بالخدمات للمواطنين. يجب أن يجلسوا ويتحدثوا معا."
وأضاف "الذهاب للعمل أفضل من الاحتجاج."
لكن هذا لا يعني أن عشري أقل غضبا من غيره من المجلس العسكري الذي قرر حل مجلس الشعب بعد صدور حكم في الأسبوع الماضي من المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم دستورية قانون انتخاب المجلس الذي كان الثمرة الملموسة للانتفاضة التي أسقطت مبارك في مطلع العام الماضي.
وأصدر المجلس العسكري أيضا إعلانا دستوريا تكميليا يمنحه سلطة التشريع من جديد ويقلص سلطات رئيس الدولة.
ومن غير المنتظر إجراء انتخابات تشريعية جديدة قبل نوفمبر/ تشرين الثاني مما يقوض تعهد المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين بحلول الأول من يوليو/ تموز.
وقال عشري "(يتصرفون) كما لو كانوا يجروننا من شعرنا ويمسحون بنا الأرض."
لكنه حذر من التسرع في رد الفعل قائلا "الجماعات السياسية يجب أن تقدر قوتها قبل أي مواجهة مع الجيش."
ولا يزال سياسيون ونشطاء ينتقدون الخطوات التي اتخذها الجيش والتي وصفها كثيرون بأنها "انقلاب عسكري".
ويقول النشطاء إن الشارع أثبت أنه إحدى القنوات القليلة التي تفيد في الحصول على تنازلات من الجيش.
وعلى سبيل المثال يقول النشطاء إنه لم يكن من قبيل المصادفة أن أعلنت السلطات قرار محاكمة مبارك العام الماضي بتهم تتصل بقتل المتظاهرين قبل أيام من تنظيم مظاهرات حاشدة رغم أن المجلس العسكري يؤكد أن المسألة قضائية وليست سياسية.
ولن يتخلى النشطاء عن السيطرة على الشوارع التي كانت بعيدة المنال بالنسبة لهم أيام سيطرة قوات الأمن القوية عليها في عهد مبارك.
لكن النشطاء يقرون بأنه صار من الصعب الآن تعبئة الجماهير التي نال منها التعب لتنزل إلى الشارع.
وقال طارق الخولي أحد قادة حركة شباب 6 ابريل التي كانت من بين الحركات التي ألهبت الاحتجاجات التي أسقطت مبارك "من يحتجون هم فقط المسيسون وأعضاء الجماعات السياسية" مشيرا إلى أنه كان من الأسهل بكثير دعوة الناس للتظاهر أيام الانتفاضة.
وربما كان من بين أسباب ذلك أن الهدف المباشر في وقت الانتفاضة كان الضغط من أجل إسقاط مبارك لكن القضايا التي تعرض على الناس اليوم تثير الانقسام مثل شكل الدستور والسلطات التي ينبغي أن تكون لرئيس الدولة.
لكن هذا لا يعني أن الشارع لا يمكن أن يشتعل من جديد على الرغم من أن قوة الدفع حاليا تراجعت.
وقال الخولي "إذا نظرنا إلى السنة ونصف الماضية نجد أن المزاج العام صار غير ممكن التنبؤ به. من الصعب جدا أن تقيسه."
والمسألة الأكثر إثارة للانقسام هي الانتخابات الرئاسية التي خاض جولة الإعادة فيها مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي والعسكري السابق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.
وكل منهما يدعي الفوز بالمنصب لكن لجنة الانتخابات الرئاسية هي المنوط بها إعلان النتيجة رسميا بعد أن تتخذ قرارا بشأن طعون قدمها المرشحان. وقال أحمد عبد الفتاح الذي يبلغ من العمر 70 عاما معبرا عما يشعر به الكثيرون من سخط "رئيسان يتقاتلان على الرئاسة ونحن المواطنون في الوسط نتلقى الضربات بالأيدي والأرجل."
وحذر صاحب متجر في منطقة العتبة التجارية بوسط العاصمة طلب ألا ينشر اسمه وقال "لن تمر الأمور على خير."
وأضاف "السياسيون يربكون كل شيء."
ويخشى كثيرون من أن فوز شفيق من شأنه أن يشعل الشارع من جديد بسبب غضب من أسقطوا مبارك والذين لا يطيقون أن يروا في مكانه رجلا يعتبرونه نسخة منه.
لكن الشوارع في الوقت الحاضر أهدأ بشكل عام وكان العنف أقل في الشهور الماضية.
ووقعت أحدث أعمال عنف في مايو/ ايار قرب مبنى وزارة الدفاع في شمال العاصمة خلال اعتصام طالب المشاركون فيه بإنهاء الإدارة العسكرية لشؤون البلاد.
ويقول أحمد علي وهو أب لثلاثة ويعيش قرب حي العباسية حيث وقع العنف قرب وزارة الدفاع إن ما تحتاجه مصر هو الاستقرار لاعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح.
وقال علي وهو موظف "أشعر بالقلق وعدم الارتياح."
وأضاف "غير الموسرين يكابدون. لا نريد اشتباكات الآن. نريد محادثات وأن تبقى الاحتجاجات سلمية."
 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً