العدد 3585 - السبت 30 يونيو 2012م الموافق 10 شعبان 1433هـ

التنمية المهنية للمعلمين

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

التنمية بمفهومها الواسع تعني تنمية الإنسان ذاته من جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية وغير ذلك.

كمثال مضيء وقديم نسبياً على التنمية نذكر اليابان وألمانيا الغربية، فلم يظل طوب على طوب في هاتين الدولتين بعد الحرب العالمية الثانية إلا أنهما وخلال ثلاثة عقود استطاعتا النهوض بالاقتصاد لتكونا ثاني وثالث أغنى دول العالم.

ولدينا البرازيل كتجربة حية وحديثة في التنمية، إذ استطاع الرئيس البرازيلي ذو الميول اليسارية لولا دا سيلفا الذي انتُخب رئيساً للبرازيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2002، والذي عمل كماسح للأحذية بضواحي ساوباولو، وبائع خضراوات وصبياً عاملاً بمحطة بنزين وخراطاً وميكانيكي سيارات، أن يساهم في إحداث نقلة نوعية في بلاده، لتكون ضمن أقوى الاقتصادات والقوى الإقليمية المحورية في أميركا الجنوبية.

هذا الرجل استطاع خلال ثماني سنوات من تحويل البرازيل من أكثر دول العالم مديونية إلى تسديد جميع ديونها، بل وقامت بإقراض صندوق النقد الدولي 10 مليارات دولار، ورفع معدل دخل الفرد أضعافاً، وانتشال ما يقرب من 30 مليون برازيلي من خط الفقر، إذ تحوَّلت البرازيل اليوم إلى 6 أغنى دول العالم، لتزيح بريطانيا العظمى عن هذا الموقع، كل ذلك بسبب الاهتمام بالتنمية البشرية.

ولاشك أن للتعليم دوراً أساسياً في تحقيق متطلبات التنمية، فتطوير النظام التعليمي لا يتوقف على اختيار أفضل الأبنية المدرسية أو الكتب والمناهج الدراسية المقررة والأنشطة والوسائل التعليمية وغيرها، بقدر ما يعتمد على اهتمام المؤسسات التعليمية بـ (التنمية المهنية) ودورها في تطوير أداء المعلمين ورفع كفاءتهم وإنتاجيتهم.

أصبحت التنمية المهنية ـ بوصفها عملية تحسين مستمرة ـ جزءاً مهماً من البرامج التطويرية المعمول بها حالياً في عدد من المدارس البحرينية ضمن مشروع تحسين أداء المدارس، فهي تهدف لمساعدة طاقم التدريس بالمؤسسات التعليمية على بلوغ المعايير ذات الجودة العالية للإنجاز الأكاديمي لتعلّم المهارات الجديدة في الممارسات المهنية كاستراتيجيات التدريس المتنوعة وتحفيزهم على السعي نحو التطوير والتعلم مدى الحياة؛ لتحقيق مخرجات تربوية عالية الجودة تلبي احتياجات سوق العمل.

من التغييرات الأساسية التسعة التي تستطيع المدارس القيام بها في المدارس الابتدائية والثانوية لإعداد التلاميذ للقرن الحادي والعشرين بطريقة أفضل، كما وردت في سلسلة كتاب (آفاق تربوية متجددة) عن الدار المصرية اللبنانية هي: «تكريس مزيد من الوقت للتنمية المهنية للمدرسين والإداريين»، حيث تقول فلوريتا ماكينزي Floretta Mckenzie رئيسة مجموعة ماكينزي والمراقبة السابقة للمدارس العامة في واشنطن «نحن بحاجة إلى الاستثمار في مدرسينا، إذ يحتاج المدرسون إلى مزيد من التنمية المهنية، ومزيد من الخبرات في تطبيق المواد التي يدرسونها في الحياة العملية».

جميع الدراسات الميدانية الحديثة في الدول المتقدمة تؤكد أن الهدف من التنمية المهنية للمعلمين هو إتاحة الفرصة للمعلم لتطوير مستواه في جوانب عدة أهمها «الجانب العملي»؛ لأن أدوار المعلم ومهامه قد تغيرت تماماً في الآونة الأخيرة، فلم يعد المعلّم مجرد ناقلاً للمعرفة وللخبرات فقط، بل أصبح هو الموجه والمرشد والمحفز على تعلّم مهارات التعليم العليا والإبداع والتفكير الناقد وما شابه ذلك.

في أميركا، على رغم الطلب المتزايد على التنمية المهنية على مستوى الشركات والمؤسسات، إلا أنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي في حقل التعليم، ما جعلهم يعيدون صياغة سياساتهم التعليمية، فمعظم المدارس غير مصممة بحيث تسمح للمعلمين بأن يتعلموا من بعضهم البعض، أو أن يتشاركوا فيما يمتلكون من معارف وخبرات.

ولأننا مهتمون بالتربية على حقوق الإنسان، فإن التنمية المهنية تتيح أمام جميع المعلمين الفرص المتكافئة لتطوير قدراتهم وإمكانياتهم الذاتية خدمة للطلبة، وهو ما يخلق جواً من التنافس المحمود داخل المؤسسات التعليمية للحصول على الترقيات والحوافز على أساس الكفاءة.

في المؤتمر الثامن لوزراء التربية والتعليم العرب، والذي عقد أخيراً بدولة الكويت بحضور ومشاركة وزراء التربية والتعليم في الدول العربية وممثلي المنظمات العربية والعالمية، تمحور أعمال هذا المؤتمر حول «المعلم»، وتأثير الثورات العربية التي شهدها عدد من الدول العربية في منظومات التعليم بالدول العربية، ليتم التركيز بشكل أكبر على حقوق الإنسان والمواطنة والعدالة والمساواة، إذ تطرقت ممثلة الأمين العام لجامعة الدول العربية فائقة الصالح في كلمتها إلى دور المعلم الذي يمثل الحجر الأساس في تطوير المجتمع البشري، وضرورة أن تولي الدول العربية اهتماماً أكبر بقضية المعلمين من حيث تحسين أوضاعهم وإعدادهم وتأهيلهم، فمحورية المعلم هي ما سعت إليه الجامعة العربية منذ العام 2008، بالتعاون مع عدد من المنظمات الإقليمية والدولية، وكذلك بالتعاون مع الـ «يونيسيف» في إعطاء هذا الموضوع الأولوية ضمن برامجهم.

إن نجاح التنمية المهنية للمعلمين مرتبط بتحسين وضع المعلم وإعداده وتدريبه، وقبل ذلك كله وحفْزه حفْزاً معنوياً ومادياً لائقاً، وهو ما أكده مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج علي القرني.

ما ننشده ألا تكون التنمية المهنية على حساب وقت راحة المعلم، فنظام التأمين بالمدارس (في حال غياب أحد المعلمين عن الحصص الدراسية) يجعل الإدارات المدرسية في حالة إرباك لإيجاد البديل الذي غالباً ما يكون المعلم الذي لديه فترة استراحة، فما بالكم إذا ألزمناه علاوة على ذلك بمهام وأعباء إضافية كحضور جلسات تطويرية وورش عمل للتمهُّن فترة الدوام المدرسي مع تعذر إقامتها في الفترة المسائية، إلى جانب ما يقوم به المعلم يومياً من مهام غير التدريس والتأمين كحضور الطابور الصباحي واستقبال المراجعين من أولياء أمور الطلبة والمراقبات اليومية في أوقات الاستراحة وغير ذلك.

من أجمل ما ينقل عن مكانة المعلم قول أحد السياسيين، وقد شغل منصب رئيس الوزراء في اليابان عن سر التطور التكنولوجي في اليابان فأجاب: لقد أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وإجلال الإمبراطور!

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3585 - السبت 30 يونيو 2012م الموافق 10 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:09 م

      المعلم البحريني مظلوم

      الاستاد فاضل اداارت تنمية للمعلم فلاتنسي المشلكلة ابتداء من اختيار المعلمين والاخصائين والمدراء اللدين يتم اختيارهم بالواسطة بينما اصحاب الشهادات والكفاءة مغيبن تارة انت راسب وتارة مافي شاغر وتارة انتظر دورك علي الرغم من الجهد الدي يبدل من قبل المعلمين في طرق التدريس وابتكار اساليب التربية الحديثة ولكن المشتكي لله

    • زائر 3 | 8:11 ص

      المعلم.. موضوع ذوو شجون

      هناك الكثير فيما يقال بخصوص المعلم..
      ننشد تطوير التعليم ولا يزال المعلم يدرس في صفوف مكدسة وبنصاب كامل
      المعلم يقوم بمهام متعددة وقد يكون بائعاً أو سباكاً أو عامل نظافة اذا استدعى الأمر
      راتب المعلم ربعه مخصص لمتطلبات التدريس
      لا يوجد تأمين صحي للمعلم الذي تذهب صحته نتيجة لأعباء التدريس.. وتذهب الصحة ويذهب المال ويبقى المعلم محلك سر في كل الأمور

    • زائر 2 | 8:11 ص

      المعلم.. موضوع ذوو شجون

      هناك الكثير فيما يقال بخصوص المعلم..
      ننشد تطوير التعليم ولا يزال المعلم يدرس في صفوف مكدسة وبنصاب كامل
      المعلم يقوم بمهام متعددة وقد يكون بائعاً أو سباكاً أو عامل نظافة اذا استدعى الأمر
      راتب المعلم ربعه مخصص لمتطلبات التدريس
      لا يوجد تأمين صحي للمعلم الذي تذهب صحته نتيجة لأعباء التدريس.. وتذهب الصحة ويذهب المال ويبقى المعلم محلك سر في كل الأمور

    • زائر 1 | 12:22 ص

      الواسطه

      كيف تنمي المهنيه والموجه صار موجه بالواسطة وهو لا يعرف ق من غ كيف تحسن الاداء وهذه المجموعات منتقاه على اساس ؟؟؟؟ كيف تطلب الجوده وفريق الجوده لا جوده فيه وش قال المهنيه المهنيه لا تحذفون التعليق

اقرأ ايضاً