العدد 3588 - الثلثاء 03 يوليو 2012م الموافق 13 شعبان 1433هـ

قرض إسكاني

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

جاءت الدفعة الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة الإسكان للمستفيدين من قروض الشراء والبناء -كالعادة- مخيبة لآمال شريحة واسعة من المواطنين البسطاء، الذين لا يطمحون بالعيش في قصور فارهة، ولا يتمنون إطلالة لبيوتهم على شلالات نياجرا، ولا يطالبون بأكثر من حقهم الدستوري الطبيعي بالعيش في مستوى لائق يحفظ كرامتهم، ويتناسب مع احتياجاتهم كبشر.

60 ألف دينار يراد لها أن تأوي أسرة مكونه من 5 أو 7 أفراد في بيتٍ لا يُحكى عنه إلا في قصص الخيال، ولا يمكن أن يوجد في أية رقعة جغرافية على أرض البحرين، ليس في هذا الوقت فحسب بل على مدى أعوام قادمة، فالمضاربات في أسعار العقارات، وإفساح المجال أمام مواطني الدول المجاورة للتملك، جعل المواطن في ذيل قائمة المقتدرين شرائياً إلى حد العجز، فلا راتبه يسعفه للمزيد من الاقتراض لسداد 100 أو 120 ألف دينار على أبسط تقدير، ولا الدولة تدعمه بقرض يمكنه من شراء بيت الأمنيات.

قد تكون واحدة من حسنات طلبات القروض الاستجابة السريعة، إلا أنها لا تواكب السرعة المضطردة في أسعار العقارات، والقفزات التي يشهدها السوق كل يوم، ولا تعوض هدر الأعوام الضائعة في التحويل من طلب إلى آخر، فمن أراد التنازل عن القرض، والاستفادة من خدمة إسكانية أخرى، يعود إلى نقطة الصفر من جديد، ويسير في ركب الانتظار ذاته، فإما يسعفه الحظ، ويكون ضمن منطقته مشروع لامتدادات القرى، وإما يعلق في زحمة أولوية الطلبات.

والأعجب أن أصحاب طلبات القروض لا تصرف لهم مبالغ بدل إيجار أسوة بأصحاب طلبات الوحدات السكنية، على رغم أنهم يقيمون في شقق مؤجرة بمبالغ لا تقل عن 200 دينار، والمبالغ المخصصة لهم للشراء جمدوها حتى إشعار آخر، أو يهل عليهم فرج قريب، وعلى الأرجح فإن المبلغ سيسحب منهم بعد فترة من الزمن، ويخصص لآخرين سيعانون من إشكالية الحيرة والعناء ذاته، بكل ما تحمله من ألم.

وإن قرر المواطن مواصلة ما تبقى من حياته بتسيير أموره بشيء من التقشف والتقتير، لكي يتمكن من سداد قرض «الإسكان»، وقرض مصرفي آخر، فلن يخرج وفي جعبته أكثر من 80 ألف دينار، وهذا المبلغ لا يغطي كلفة منزل حديث بحسب مواصفات وزارة الإسكان، التي تشترط أن لا يتجاوز عمره 15 عاماً. أي أنه سيخرج بخفي حنين، فلا كسب البيت القديم قانعاً قابلاً بنصيبه من هذه الدنيا الفانية، ولا تمكن من إقناع الوزارة بأن شراء منزل بـ 60 ألف دينار، هو ضرب من ضروب المستحيلات.

وفي ظل الالتزامات المسبقة (قرض شراء سيارة، زواج، دراسة، تأثيث، علاج... وغيرها)، تتزايد العقبات والعراقيل أمام المواطن، وتنهار أمامه كل المخططات البديلة والمخارج لأزمته، فالأولوية بالنسبة له حينها الخلاص من هذه الالتزامات، حتى يتمكن من إضافة أعباء جديدة، بمعنى آخر أمامه 5 أعوام على أقل تقدير للبدء في رحلته الطويلة إلى بيت العمر، وخلال هذه الفترة كل الحسابات تتداخل والأرقام تتبدل، والعقار الذي كان بسعر 100، قفز إلى 150 و180 ألف دينار.

لا يوجد خلل غير مطروح للنقاش والدراسة، وكل الخطط القصيرة وبعيدة المدى لا بد من تقييمها مرحلياً، كل 10 أو 20 عاماً على الأقل، فإن كانت الدولة غير قادرة على رفع سقف المبالغ المخصصة للمواطنين لشراء عقارات، فمن الأجدر أن تُستغل لدعم خطة المشروعات الإسكانية في مختلف المناطق، بدلاً من تركها معلقة في عهدة بنك الإسكان، إذ من شأن زيادة عدد الوحدات المنجزة أن يقلص من قائمة الانتظار المتخمة، ويحل مشكلة أصحاب القروض، ويجنبهم مشقة البحث والحيرة.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3588 - الثلثاء 03 يوليو 2012م الموافق 13 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:40 ص

      ماذا عن دخل الاسرة فوق 1200 دينار

      عزيزي الكاتب، انت تطرقت لمعانات اشخاص مشمولين بالخدمات الاسكاني ولكن ماذا عن الاسرة التي يزيد دخلها عن المبلغ المذكور، اسرتي واحدة من هذه الاسر، احسب معي، دخل الاسرة 1,500 يذهب منه 750 قرض لشراء ارض لأحد البنوك المحلية،و200 دينار ايجار شقة و190 قرض سيارة و220 قرض من احد الاقارب،الان، بعد كل هذا كيف تبني هذه الاسرة ارضها؟

اقرأ ايضاً