العدد 3589 - الأربعاء 04 يوليو 2012م الموافق 14 شعبان 1433هـ

لن تكون على ما يرام حين يروّج لذلك!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لا يحتاج المواطن العربي إلى الاحتفال بعيد ميلاده؛ لأن أعياده أساساً شحيحة بل لا وجود لها. ذلك آخر همّه أن يؤجل هدفه الرئيسي في مطاردة الرغيف المتدحرج من مرتفع كي يكون موضوع مهزلة فراغ بإشعال شمعة وإطفائها. لا وقت لديه لمثل ذلك العبث وإهدار الوقت بالنسبة إليه.

لا وقت لديه سوى للانحناء على قبور تمتد وتتطاول ولا يعرف مأوى وملجأً في أوقات فراغه أو حتى انشغاله سواها. يطمئن في الحديث إلى أصحابها. أصحابها الأحياء الذين لم يحل التراب بين أرواحهم والناس فيما قدموا وبذلوا وتنادوا إليه من الحق وأهله.

الأوطان التي يصبح فيها كل شيء على ما يرام بدءاً بنفي الإنسان وتغييب كرامته وليس انتهاء بتعطيل طاقاته وملكاته وإمكاناته.

مثل تلك الأوطان لا مكان فيها إلا للشواذ والتنابلة والمسترزقين على حساب عناء وشقاء الآخرين. لا مكان فيها لمن لا يمكنه التصالح مع الخلل والأخطاء والتجاوزات. لا مكان فيها لمن يجهر بكلمة حق في وجه وقف كل ذلك!

المصابون بقلقهم على الأوطان لا يهتمون كثيراً في مسألة أن يكونوا بخير أو خلاف ذلك. أن يكونوا على ما يرام أو نقيضه. ما يهمهم في الدرجة الأولى أن تكون أوطانهم بخير. نعلم أن كثيرين سيتعاملون مع هكذا نظر باعتباره انسلاخاً عن الواقعي ولجوءاً إلى ما يؤدي إلى سلامة صاحبه في التوصيف وفي أقل تقدير يكون لجوءاً أو هروباً إلى رومانسية مصطنعة ومفتعلة. لن يصمد أمام ذلك الذين لم يصمدوا أمام صلافة وعنف وقهر الممارسة التي لم ولن تنتهي ما بقي زمان ومكان هذا الكوكب.

ليست مصادفة أن الذين يذودون عن أوطانهم في مفاصل الخيار ومفترق الطرق هم من يدفع أثمان ذلك ويكونون وقوداً لأكثر من جهنم انتقامٍ وترصد، وفي أقل تقدير محاولة تجيير وتفسير مواقفهم تلك في الوجهة التي تضمن لهم شيئاً من منافع مهما صغرت أو كبرت. المهم أن موضوع ونص وصك غنيمة مغرٍ في طريقه إلى أحدهم!

ويراد لك بعد ذلك أن توقع على أكثر من ألف ميثاق للشرف يطلع عليك ويقترحه حتى أولئك الذين لا يتذكرون أين ركنوا سياراتهم لفرط ما أوغلوا في ماء الغياب.

رواج أن الأمور على ما يرام بما تتولاه أجهزة الكذب الرسمي وبالنظام الرقمي يسيء أساساً في ذلك المعطى التقني والمعرفي بسوء استغلاله ممن لا علاقة لهم حتى بدرجة حرارة أو رطوبة العالم لأنهم خارج كل طقس ومنبوذون حتى من الكائنات المرفهة في حضرتهم بمجرد أن يستشعروا انتهاء صلاحياتهم التي من دون صلاحية أساساً!

كلما نما إلى سمع أحد منا «كل شيء على ما يرام» سنكون في العمق من الغباء والغفلة إن لم يعمد العقل إلى إخضاع مقولة كتلك بكل كوارثيتها إلى فحص ما بعد أي أشعة يمكنها اكتشاف التحايل على حقيقة هذا النظام الفيزيائي في محيط لا يؤمن بكروية الأرض كي لا يخضع لجاذبيتها إن استطاع إلى ذلك سبيلاً.

ما يريدونه أن يكون على «مايرام» بما يتناسب مع ما يضخ من أرقام لا شيء يدل عليه ويمكن إيجاد خريطة منطق وسبب وتلازم من دون جهد يذكر. الأجهزة، وخبراء واقتصاديو المنافع، وضيوف الاكتوار الذين يتم استكتابهم على حساب عرق الذين وثقوا بأمناء الخزائن الذين لم يكونوا سوى قراصنة سواحل.

نريد أوطاناً تعالج مشكلاتها بالمواجهة والتحدي والاعتراف بالأخطاء ولا ضعف في ذلك. الضعف والغرور وما ينتج عنهما هو الذي سيحجب كل شيء يمكن له أن يكون على ما يرام ليكون على النقيض من ذلك تماماً. لن تجد شيئاً أساساً ولن تجد ما توّهمت أنه على ما يرام بممارسات تصرّ أنها بذلك تحاول وتجتهد في إنقاذ العالم وما بعده!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3589 - الأربعاء 04 يوليو 2012م الموافق 14 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:56 ص

      الفكر المتحرر

      هل أقول تسلم ايدك أم يسلم قلمك؟ لا هذا ولاذاك...بل اقول فكر جميل وتسلم روحك الرياضية

    • زائر 3 | 2:55 ص

      nice

      نريد أوطاناً تعالج مشكلاتها بالمواجهة والتحدي والاعتراف بالأخطاء ولا ضعف في ذلك. الضعف والغرور وما ينتج عنهما هو الذي سيحجب كل شيء يمكن له أن يكون على ما يرام ليكون على النقيض من ذلك تماماً.

    • زائر 2 | 12:50 ص

      عندما يكون الامين على الخزائن هو من يسرق الكحل من العين

      ياسوسنه في بلد صغير ومتعدد الثروات وكل يوم يحاولون الباسه ثياب باليه مقطعه لكي لا يخرج من هيئه العوز او الفقر سرقات وصلت مليارات وتجاوزت مئات الملايين والاسماء يعرفها القاصي والداني والبلد تشبه طراره اما مسجد تمد يدها للغريب والقريب موشحه وجهها بلسواد لكي لا تخدش عفتها لم نسمع ان من حوكموا على سرقات من كبيري الكروش ادخل السجن لانه اختلس احلام الوطن ونهب ثراواته اذا لماذا تعج الجرائد الرسميه بقضايا الفساد المالي طبقوها واستر يستار ام ان التجاذبات في طبقات الجو العليا تحيل دون المحاسبه؟ديهي حر

    • زائر 1 | 12:30 ص

      باختصار مطلق

      رائع مؤلم واقعي هذا ما استطيع قوله استاذة على هذا المقال شكرا لك

اقرأ ايضاً