العدد 3594 - الإثنين 09 يوليو 2012م الموافق 19 شعبان 1433هـ

ليبيا على وقع التغيير... هذه البداية ومازال الكثير

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

عاشت ليبيا على إيقاعات لم تعهدها منذ عقود حيث شهدت يومي السبت والأحد أول انتخابات حرة وديمقراطية ذلك أن آخر انتخابات عامة على المستوى الوطني أجريت في ليبيا كانت في العام 1965، وهي انتخابات كانت نتيجتها معروفة سلفاً نظراً لسياسة الإقصاء والتهميش التي يسلكها النظام الملكي آنذاك ضد الأحزاب السياسية. ثم كانت حقبة من الدكتاتورية مع المخلوع معمر القذافي.

وقد سَجّل أكثر من 2.8 مليون ناخب أسماءهم في هذه الانتخابات لاختيار جمعية وطنية تتألف من 200 عضو، ستتولى انتخاب رئيس للوزراء ومجلس لهم قبل تمهيد الطريق لتنظيم انتخابات برلمانية كاملة العام المقبل في ظل دستور جديد. وفي النظام الانتخابي الجديد المعقد يخوض نحو 2500 مرشح الانتخابات في القوائم الفردية ويتنافسون على 120 مقعداً. في حين يتنافس على باقي المقاعد وهي 80 مقعداً أكثر من 500 مرشح من خلال القوائم الحزبية.

وعلى عكس ما حدث في تونس ومصر حيث كانت حركة النهضة وجماعة الإخوان المسلمون الأوفر حظاً فإن الانتخابات الليبية ستسفر عن برلمان مؤلف من 200 مقعد يضم مجموعة غير مترابطة من الساسة يمثلون مصالح محلية مختلفة.

ومن المتوقع فوز ثلاث مجموعات بارزة بعدد كبير من المقاعد في الجمعية الوطنية التي ستساعد على صياغة دستور جديد لليبيا الجديدة. والجماعة الأكثر تنظيماً هي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمون بقيادة السجين السياسي السابق محمد صوان. ومن الأحزاب الجديدة لكن لها ظهور قوي حزب الوطن الذي يتزعمه بلحاج.

كما أن تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل له شعبية خاصة بين الليبيين الأكثر علمانية والتجار الذين أعجبوا بأدائه عندما كان رئيساً للوزراء في المجلس الوطني الانتقالي وبسبب سياساته الاقتصادية.

ومن أبرز التحديات التي اعترضت المفوضية العليا للانتخابات بقيادة نوري العبار والمرشحين والناخبين تواضع الثقافة الانتخابية للمواطن الليبي فلقد ظلت الأحزاب السياسية محظورة حتى قبل تولي المخلوع معمر القذافي السلطة العام 1969 لذا فإن الليبيين لا يتمتعون بتجربة تذكر في ممارسة الديمقراطية.

وعلى رغم ذلك فقد شهد الكثير من المراقبين بالجهود الضخمة لإنجاح هذه التجربة من أؤلئك ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وعن مركز كارترالأميركي وقد أشاد المراقبون الدوليون بتنظيم العملية الانتخابية وسلوك الناخبين، ووصف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا إيان مارتن هذه الانتخابات بالإنجاز الرائع، وقال إن البعثة الأممية لم تتلقَّ أي شكاوى تتعلق بالجانب الفني لسير العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن هناك قلقاً بالنسبة للشأن الأمني.

لكن بعض المتشائمين لا يتوقفون عن تحجيم هذه الإنجازات فلقد قالت ماري فيتزجيرالد وهي صحفية تجري تحقيقات عن الإسلاميين في ليبيا وتعتزم تأليف كتاب (ليس هناك لغة سياسية في ليبيا): «ليس هناك لغة للديمقراطية أو أي مستوى من مستوى الخبرة بالسياسة».

وأضافت «حين يخوض الشعب تجربة الانتخابات، لأول مرة يستخدم المرشحون لغة تلقى صدى لدى الناخبين، وفي هذه الحالة هي لغة الدين والتقاليد والثقافة».

لكن هذه النقود المتشائمة لن تسرق فرحة الليبيين بإنجازهم العظيم حيث أشاد الليبيون - الذين أدلى كثير منهم بأصواتهم ودموع الفرح تملأ عيونهم - بالانتخابات التي أجريت يوم السبت باعتبار أنها تضع نهاية لدكتاتورية حكم القذافي وترسم مستقبلاً أفضل لبلادهم.

ويبقى سؤال المستقبل ينوء بكلكله على الليبيين ودول الجوار حولهم، فنتائج الانتخابات الأولية غير الرسمية بين مد وجزر فهي هناك لمصلحة حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة الإخوان وهناك لمصلحة الليبراليين حيث يلاحظ تقدم التحالف الوطني برئاسة محمود جبريل.

وأياً كانت النتيجة وبعيداً عن اللغة الإعلامية بأن الفائز هو الشعب الليبي فإن اليوم في ليبيا دولة جديدة تبنى ونظام جديد يولد من رحم ثورة شعبية طاهرة ونبيلة وأعتقد أن على الجميع أن يترفع عن كل الصغائر وأن يتعالى عن كل الأحقاد على الأقل احتراماً لما سطرته هذه الثورة من انتصارات واحترام للشهداء الذين سقطوا فيها... ولابد أن يكون مستقبل ليبيا متجانساً وأن تحترم فيه حقوق الانسان وأن يتم الحسم من خلال صناديق الاقتراع وليس من خلال العودة إلى السلاح والثأرات القبلية.

إن نهاية الانتخابات لا تنهي التساؤلات عن مصير ليبيا... وسيناريوهات المرحلة القادمة... لأن الانتخابات لم تكن يوماً غاية في ذاتها... فكيف سيتعاطى الليبيون مع استحقاقات هذه المرحلة... وكيف سيتعاملون مع مسألة الوجود الأجنبي ببلادهم... وهل سينجحون في تحصين أنفسهم وبلادهم من مخاطر الحرب الأهلية التي تتربص بهم... وكيف سيواجهون ميراثاً ثقيلاً من التحديات خلّفه نظام معمر القذافي قبل خلعه؟

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3594 - الإثنين 09 يوليو 2012م الموافق 19 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:15 م

      ليبيا على وقع التغيير.

      تسلم إيدك أستاذ
      للأسف لم يلق موضوع الانتخابات الليبية اهتماما في الصحف البحرينية وها أنت تحاول
      شكرا لك من الجالية الليبية في البحرين

    • زائر 5 | 9:42 ص

      VIVELYBIE

      لن تسرق فرحة الليبيين

    • زائر 4 | 7:13 ص

      هذه البداية ومازال الكثير

      ينتظر اشقاءنا الليبين الكثير
      كان الله في عونهم

    • زائر 3 | 7:06 ص

      نعم تساؤلات عديدة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      إن نهاية الانتخابات لا تنهي التساؤلات عن مصير ليبيا.

اقرأ ايضاً