العدد 3597 - الخميس 12 يوليو 2012م الموافق 22 شعبان 1433هـ

قوي... ولكنك ضعيف!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ربّما يتكلّم الناس عن شخصية معيّنة، سواءً كان الكلام عن مدير أو رئيس أو وزير أو غيره من المناصب، بأنّه قوي وله نفوذ وسلطة، وأنّ الناس تخشاه بسبب المنصب الذي خلق تلك الشخصية، فنضحك عندما يتراءى لنا بأنّ هذه الشخصية القويّة ما هي إلاّ بالون، متى ما أُفرغ من منصبه وسلطته ونفوذه، حتى تذهب شخصيته مع الريح، ويصبح خاوياً جباناً ذليلاً، لا حول له ولا قوّة.

يظنُ نفسه بسلطته ونفوذه وجبروته، إلهاً ما بعده إله، ورسولاً لا يحق لأحد سواه، فقوله كالسيف، وحركاته عبادة، ومهما بطر وكبر، فإنّه مخلّد إلى يوم الدين، ونسي في لحظة بأنّه مخلوقٌ سائرٌ إلى القبر.

ولنا في عبرة الأوّلين حكمة، فبيبرس وقطز ومماليك الدولة الأيوبية، بطروا وتكبّروا وظنّوا بأنهم قوّة فوق القوّة، وسلطةً فوق السلطة، فظلموا أهل مصر، وعاثوا في الأرض فساداً، وما كان من سلطان العلماء العزّ بن عبدالسلام إلاّ أن يضع حدّاً لبطشهم وتكبّرهم وفسادهم، مع العلم بأنّه كان ضعيفاً وكانوا أقوياء، فهو كان ضعيف السلطة والجاه والمال والمنصب، ولكنه كان قوياً في الصدق والأمانة وقول الحق، عكسهم تماماً، فأصدر الفتاوى ضدّهم، حتى وصل الأمر إلى فتوى بيع قادة الجيش في سوق النخاسة، رغم وصول التّتار إلى حدود مصر ليحتلّوها، وكان العجب آنذاك قوّة العز بن عبدالسلام في الإفتاء بهذه الفتوى في وقتٍ حرج.

لقد كانت فتواه في وقتها المناسب، والسبب يكمن ما وراء هذه الفتوى، إذ كيف ينتصر جيشٌ على جيش التّتار العظيم، قادته يظلمون شعبهم، ويبطشون بناسهم، ويستهترون بالضعيف والقوي من أبناء شعب مصر.

لقد أيّد الشعب المصري فتوى العز بن عبدالسلام، ووقف بجانبه على رغم شدّة الموقف، وأرغم السلطان الأيوبي على بيعهم، وعندئذٍ انتصر الجيش على التّتار.

نذكر هنا الكلمات العظيمة التي قالها سيدي أبوبكر الصدّيق (رض) في إحدى خطبه: «والضعيف فيكم قوي عندي، حتى أُريح عليه حقّه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي، حتى آخذ الحق منه إن شاء الله».

إنّ القوّة ليست بالسلطة والجاه، وإنّما بالعدل وإعطاء الحقوق لأصحابها. هذه هي القوّة التي تطمح لها الشعوب ولا تنبغي التنازل عنها، ولقد رأينا العبر تلو العبر في عشرات السنين، ووجدنا بأنّ تساقط الدول إنما يتأتّى بالتسلّط وعدم العدل. وتذكّروا قول الله تعالى في سورة الأعراف الآية 146: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبّرون في الأرض بغير الحق»، وأيضاً قوله تعالى في سورة لقمان الآية 18، عندما وصف الذين يظّنون أنفسهم أفضل من غيرهم وأقوى وأكثر قوةً وبطشاً: «ولا تصعّر خدّك للناس، ولا تمشي في الأرضِ مرحاً، إنّ الله لا يحبُّ كلّ مختال فخور»... فمهما كانت قوة ابن آدم يبقى ضعيفاً. وجمعة مباركة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3597 - الخميس 12 يوليو 2012م الموافق 22 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 4:03 م

      يعز من يشاء ويذل من يشاء

      لنا في حسن مبارك ومحمد مرسي عبرة كان مرسي في السجن و مبارك رئيس والان مرسي رئيس ومبارك في السجن فاعتبرو يا أولى الالباب

    • زائر 18 | 12:40 م

      صح لسانك

      اتمنى ان يقرأ مقالكى مسئولى وزارة الصحة للعبرة والتطبيق .وإعطاء الحقوق لأصحابها ؟

      ما شاء الله اسرع وزارة طبقة توصيات اللجنة المستقلة ؟ الله اكبر عليكم

    • زائر 17 | 10:29 ص

      الواقع واضح

      ولا تنسين معتوه ليبيا المقبور ولص تونس الهارب وجبان اليمن المطرود...هذا غير طاغية العراق صدام والعميل شاه ايران وينهم ما يبقي الا العمل الصالح هذا ما يأخذه الانسان لإخوته

    • زائر 16 | 9:38 ص

      كلنا ضد الظلم ومعا للحرية والكرامة

      من يضن ان اهل السنة ضد الأخوة الشيعة فضمه خاطء لكن في هذا الوقت الحرج في تاريخ البحرين اختلط الغث بالسمين بسبب المت مصلحين المنافقين ودعاة العنف والتخريب واصبحت الفءة الراشدة من الطاءفتين مهمشين ليس لهم وزن ولهذا لانرى اي بصيص امل لحل الأزمة التي فرقت أبناء الوطن الواحد.

    • زائر 15 | 8:37 ص

      الطغاة دائما يكابرون إلى أن يأتي أمر الله فيذهب جاههم و قوتهم و عظمتهم

    • زائر 14 | 7:40 ص

      شكرا لهذ القلم الوطني العادل!

      قدسية الكلمة ، أمانة القلم. طريق الاشواك ، الابتلاء ، الصبر ، الضمير ، الوعيد ، السعادة ، الحزن . كلها كلمات ستواجهينا في حياتك وستختبرك طالما أمسكتي بقلمك. فاليكن الله ملهمك.

    • زائر 13 | 6:45 ص

      ولنا

      ولنا فى الخميني العظيم اسوة لقد قهر اكبر طاغوت فى هذا العصر اي شاه ايران ،ولم يكن يملك الا إيمان بالله القوي (جمعة مباركة

    • زائر 12 | 6:36 ص

      مرايم الحد

      نحتاج الى الكثير من مرايم الحد فى البحرين ؟

      الف شكر لكى

    • زائر 11 | 6:24 ص

      محرقية

      قوى اليوم ضعيف بكره ... وضيعف اليوم قوى بكره والدينا دوراه ....

    • زائر 10 | 5:50 ص

      نا سين روحهم

      ((نسوا الله فأنساهم أنفسهم))
      هؤلاء الطغمة لو اقول لو... يذكرون الله للحظة لما ظلموا ولكنهم نسوا الله فألبسهم الله لبس النسيان عن الآخرة والعذاب والحساب والقبر ووووو
      دعوهم يزدادوا اثما هم والراضين عنهم

    • زائر 9 | 4:52 ص

      زمن بلا اخلاق

      يقول سيدي وحبيبي رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله :انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .. ولذلك وضعت نصب عيني حديثه نبراسا في الظلمات .. لأجد الحق حيث أجد مصداق خلقه العظيم .. أما من يزبد ليل نهار باسم الله وتفوح من فيه رائحة الشياطين سبابا وقذفا وتحليليا لحرمات الله البينه .. فلا يجتمع ذكر الله والفحش من القول في قلب انسان..

    • زائر 8 | 3:45 ص

      مقال معبر

      كم انت قوي يا شعبنا بعدالة مطالبك و صمودك و كم هو ضعيف خصمك..

    • زائر 7 | 3:36 ص

      كلام جميل و منطقي

      ولكن يا اختي مريم . ما أكثر العبر واقل المعتبر . دائما ما يرى الناس جرذان وحشرات . وهو الخالد .

    • زائر 6 | 2:53 ص

      البعض يحاول ان يتهرب استحقاقات العدالة بالادعاء ان هذه الفئة تسب الصحابة وابو بكر وعمر و السيدة عائشة وجرى حديث مع اخ ردد نفس هذا التهريج فقلت له انما من الداعمين الاقوياء لتطبيق نهج عمر السياسي فهل انت داعم له ؟ لنعمل معا لتحقيق نهج عمر و ابو بكر في ادارة الدولة

    • زائر 5 | 1:08 ص

      قرءنا و سمعنا

      قرءانا و سمعنا عن طواغيت العصور

    • زائر 4 | 12:31 ص

      نسوا بأن الله هو القوي الجبار يقصم الظالمين والمتكبرين، وإنما أمره كن فيكون..

      يظنُ نفسه بسلطته ونفوذه وجبروته، إلهاً ما بعده إله، ورسولاً لا يحق لأحد سواه، فقوله كالسيف، وحركاته عبادة، ومهما بطر وكبر، فإنّه مخلّد إلى يوم الدين، ونسي في لحظة بأنّه مخلوقٌ سائرٌ إلى القبر ..

      ولنا في عبرة الأوّلين حكمة، ممن بطروا وتكبّروا وظنّوا بأنهم قوّة فوق القوّة، وسلطةً فوق السلطة، فظلموا العباد وعاثوا في الأرض فساداً ..

    • زائر 3 | 11:53 م

      ما اكثر العبر واقل المعتبرين

      قول قالها امام المتقين علي ابن ابي طالب سلام الله عليه .اذا عرف بني ادم حجمة وقوته لما فكر يوما في الظلم وعدم اعطا كل صاحب حق حقه والآية المباركة بينة ضعف الانسان امام الذبابة فما بالك بضعفه ووهنه امام خالقه كيف يظلم وهو يعلم بان ظلمه امام عين الخالق الجبار المتعال .اامل من الله ان ترجع بحريننا الغالية بامانها وامنها وناسها الطيبين الى سابق عهدها وافضل من ذلك . اين المخلصين دعاة الصلح والنصيحة من القطبين الكريمين الجميع محاسب يوم الحاسب فلا تفوتو على انفسكم الفرص.

    • زائر 2 | 11:52 م

      الموضوع روعة يامريم

      موضوعاتك عجيبة ولها قيمة كبيرة لأنها تركز على المبادئ والقيم الأخلاقية والنظرة المنطقية فموضوعك اليوم فيه وعي كبير بأن القوة ليست بالجاه ولا اللسان السليط أو الانتماء إلى نسب معين إنما القوة في ممارسة العدالة وحسن التصرف والوصول إلى الأهداف الشريفة دون ظلم الآخرين

    • زائر 1 | 11:17 م

      الدنيا دار العبر لكل من له لب يا دانه الحد

      الاسكندر المقدوني اذكى قائد عسكري على مر العصور حكم 12 عام وخلال فتره حكمه سيطر سيطره تامه على اهم البقع المهمه على وجه الارض واوصى المقربين منه بأن يخرجو يديه من تابوته في حاله موته وهم في طريقهم لدفنه استغرب من هم حوله من طلبه الغريب وسائله احدهم عن سبب طلبه هذا فاجاب انها عبره لباقي الناس ان يروا يدي خاليتين من اي شيىء وانا ذاهب للأخره كما اتيت لهذه الدنيا خالي اليدين برغم سيطرتي على العالم من اخره الى اخره اينكم يا عباد الدنيا من هذه العبر وهل دامت الدنيا لاحد قبلكم؟جمعه مباركه.ديهي حر

اقرأ ايضاً