العدد 3628 - الأحد 12 أغسطس 2012م الموافق 24 رمضان 1433هـ

الحقيقة... بين حلول للأزمة السياسية وإجراءات تأزمها وتعقدها!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في الأزمة السياسية التي تمر بالبلاد، التي أخذت تؤثر في مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والأمنية، وأصبحت حقيقة لا يمكن لأحد نفيها أو التغافل عنها، بعد أن تخطت الحدود، وأصبحت قضية تؤثر وتتأثر بالمحيط الإقليمي والعربي والدولي في مختلف المستويات الحقوقية والسياسية والأمنية، فكل من لديه أدنى فهم في السياسية يستشعر القلق الشديد على مستقبل الوطن بمختلف مكوناته الاجتماعية والمذهبية والعرقية، والعقلاء يضعون اللوم الشديد على بعض الجهات التي تتبنى الأيدلوجيات الطائفية البغيضة، والتي عملت بجد وبكل طاقاتها البشرية وإمكانياتها المادية التي أتيحت لها، وأخذت تحشد طائفياً بصور صريحة من دون حياء لا من الله ولا من الوطن، الذي تعوَّد أهله الكرام منذ مئات السنين على تلاحم أبنائه، لا يستطيع أحد من الأسوياء نفسياً وعقلياً وأخلاقياً ووطنياً، أن يقول إن البغض والكراهية والحقد الطائفي يبني مجتمعات وأوطان، لو أحد قال ذلك، لشك الناس الأسوياء في وطنيته وإنسانيته ودينه، لأن الأفكار التي تدعو إلى التفرقة الطائفية أو العرقية بين أبناء الوطن الواحد تكون بعيدة كل البعد عن العقلانية، ويكون شرها على الوطن واضح وجلي عند الصغار والكبار، ولا يحتاج من أحد توضيحها، لأن الجهات القائمة على الفكر المدمر للعلاقات الإنسانية هي التي تبرز ذلك الشر الطائفي في خطابها المحرض وممارساتها السلبية اتجاه المجتمع.

فالإنسان الذي يتحامل على الكفاءات الوطنية بسبب انتماءاتها المذهبية أو السياسية أو العرقية أو الفكرية، يبعد نفسه كثيراً عن متطلبات الوطن الأساسية في المواطنة الحقيقية التي لا يميز فيها بين مواطن وآخر إلا بمقدار العطاء الحقيقي الذي يقدمه لوطنه ولمواطنيه، فالأوطان التي خطت خطوات واسعة في التنمية والتطوير، كانت تؤكد على ترسيخ المفاهيم الديمقراطية الراقية التي تحفز مواطنيها على التعبير عن آرائهم دون حرج، لأنها تعلم أن تنوع الآراء والأفكار والتوجهات السياسية والاجتماعية والمذهبية يؤدي إلى رقيها وتطويرها وتنميتها في مختلف الميادين التخصصية وغير التخصصية، بلا شك أن من يفكر خلاف الواقع، يصطدم بالحقيقة التي لا يستطيع تغطيتها بالخزعبلات والترهات والشتائم والسباب والنعوت غير اللائقة، فهي ساطعة كأشعة الشمس في وقت الظهيرة، لأن الحقيقة ترفض رفضاً قاطعاً مسها بسوء، وترفض نعتها بنعوت لا تتناغم مع مفاهيمها الأخلاقية الحقيقية.

فهي لا تقبل في جميع الأحوال والظروف الاستخفاف بالكفاءات الطبية والتعليمية والعلمية والسياسية والوطنية والدينية والفنية والرياضية والتمريضية المبدعة، فكلها مكرمة ومقدرة عندها، لأنها تؤمن إيماناً راسخاً أن بدونها تتخلف الأوطان وتبتعد عن التطوير والتنمية مسافات بعيدة، لا يمكنها استيعاب ما فعلته وزارة التربية والتعليم ومازالت تفعله في كوادرها التربوية وخبراتها التعليمية المؤهلة التي مارست حقها في التعبير عن رأيها، وتساؤلات كثيرة تثيرها منظمات حقوقية وجهات سياسية في داخل البلد وخارجها، وبعض من تلك التساؤلات هي، لماذا اتخذت ضدهم إجراءات الفصل أو التوقيف عن العمل، لماذا تستقطع من رواتب الكثيرين منهم؟ لماذا تمتنع عن دفع رواتب عدد منهم؟ لماذا حولتهم إلى لجان التحقيق وإلى لجان التأديب؟ لماذا تعاملت معهم بطائفية بغيضة وكأنها تسيرها أيدلوجيات حاقدة وغير ودودة لجميع المواطنين؟ لماذا لا تطبق في تعاملها معهم مفهوم المواطنة الحقيقية التي تدرسها لطلبة المرحلة الابتدائية؟ لماذا تعيش التناقض الكبير بين أدبياتها وسلوكياتها ومعاملاتها مع التربويين؟ لماذا قامت بتوظيف أكثر من 600 عنصر خارج المعايير التربوية التي ألزمت نفسها بها وهم غير مؤهلين لا تربوياً ولا تعليمياً؟ لماذا لم توظف من العاطلين التربويين الذين اجتازوا جميع خطوات المسابقة التربوية وهم بالمئات؟ لماذا أزاحت الكثير من أصحاب الخبرات والكفاءات التربوية المؤهلة عن مواقعهم الريادية والمتقدمة وحلت مكانهم من هم أقل منهم خبرة وتأهيلاً؟ لماذا تصر على أن تكون الجودة في التعليم شكلية بعيدة عن مفهومها الحقيقي؟ لماذا حاولت بكل الوسائل المتاحة لديها التلاعب في البعثات الدراسية للمتفوقين والمتفوقات، بابتداع خطوات غير تربوية، التي قد تستبدل البعثة الدراسية إلى منحة، وقد تجعل الرغبات الدراسية من التخصصات الرائدة إلى تخصصات ثانوية؟ ولماذا استقطعت 40 في المئة من معدلاتهم التراكمية وجعلتها للمقابلات الشخصية؟ ولماذا لم تنشر معدلات الناجحين التراكمية في الصحافة؟ ولماذا لم تنشر الأسماء المترشحة للبعثات الدراسية بمعدلاتها التراكمية في الصحافة المحلية وفي موقعها الإلكتروني؟

ولا يمكنها أيضاً أي (الحقيقة) فهم الأسباب والمبررات القانونية والحقوقية والوطنية والإنسانية التي جعلت وزارة الصحة تعاملها بهذه الحدة مع كوادرها الطبية الوطنية، الذين برأتهم المحكمة أمام العالم أجمع، من جميع التهم التي وجهت إليهم من دون وجه حق، إلى الآن لم تجد لها مبرراً واحداً يجعلها لا ترجعهم إلى مواقعهم المهنية معززين مكرمين، ولم تعلم عن الأسباب التي جعلتها الامتناع عن عدم تعويضهم معنوياً ومادياً ومهنياً، ولا تدري لماذا لا تطالب بمساءلة ومحاسبة كل من أساء لهذه الفئة المتميزة بالقول والفعل؟ ولم تستوعب لماذا رفض أعضاء مجلس النواب الكرام مشروع بقانون لتجريم التمييز بكل أشكاله الطائفية والعرقية؟ وهم في نفس الوقت يعلنون على رؤوس الأشهاد أنهم يمثلون جميع المواطنين دون تمييز، لماذا جلهم تحولوا في الأزمة السياسية وكأنهم سلطة تنفيذية في جميع المحطات الإعلامية والاجتماعية وفي المحافل الإقليمية والعربية والأوروبية؟

ولماذا عطلوا أهم الأدوات النيابية التي تمكنهم من الرقابة والمساءلة والاستجواب؟ لماذا اكتفوا بإطلاق العناوين الفارغة التي يقصدون منها تدغدغ مشاعر المواطنين، كالزيادة في الرواتب وفي علاوة الغلاء وإسقاط المبالغ المتراكمة عليهم في فواتير الكهرباء والماء، وهم يعلمون أنهم لن يحققوا من تلك العناوين شيئاً، فقد جربوا قدرتهم بالحد الأدنى، عندما طلبوا من وزارة التربية والتعليم تأجيل تنفيذ قرار تمديد زمن اليوم الدراسي ولم يطلبوا الإلغاء، لم يتمكنوا ثني وزارة التربية والتعليم قيد أنملة عن تنفيذه في المدة التي قررتها، بالله عليكم، ماذا تعني هذه المسألة؟ أليس يعني أنهم لا حول لهم ولا قوة نيابياً في المسائل الصغيرة ناهيك عن الكبيرة منها؟ هذه حقيقة يراها كل بصير في داخل البلد وفي خارجه، فلا يمكن لأحد من الناس أن يلوم ناخبيهم إذا ما كفروا بقدراتهم النيابية، فالحقيقة واضحة وجلية عندما فصلت وزارة البلديات وأوقفت عن العمل، واستقطعت من رواتب الكثيرين من موظفيها في مختلف المواقع الوظيفية والمتقدمة منها وغير المتقدمة، وواضحة أيضاً في الشركات الكبرى الصناعية وفي المؤسسات التجارية وفي بعض البنوك، وفي الغرفة التجارية، وواضحة في غيرها من الجهات العامة والخاصة، أليس وضوحها يتطلب من الأطراف المعنية تحركاً جدياً نحو حل الأزمة عاجلاً؟ لتحقيق ما هو في صالح البلاد والعباد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتشريعياً وأمنياً، فالتأخير يزيدها تأزماً وتعقيداً، وهذا ما لا يرغب أحد من العقلاء الوصول إليه، أدوات الحل واضحة وجلية لمن يريد لهذا الوطن خيراً، وأدوات التأزيم والتعقيد جلية لمن يريد له شراً.

اللهم أري أبناء وطني الأعزاء الحق حقاً ليتبعوه وأرهم الباطل باطلاً ليتجنبوه، واجعلهم في أمن وأمان وراحة واطمئنان، وأبعدهم عن سوء الأعمال وشر الأشرار وطوارق الليل والنهار.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3628 - الأحد 12 أغسطس 2012م الموافق 24 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:56 ص

      لا حلول للأزمة

      من يقل لك ان هناك حلّ قادم فهو متفاءل كثيرا وعن نفسي لا ارى في الافق ما يدعوني الى التفاؤل
      ولكني وبصراحة ارى ان حراك الشارع هو صاحب المبادرة

    • زائر 1 | 12:35 ص

      هل يحسب الانسان أن الحساب يوم الحساب فقط؟

      لم تصل حالة الأزمة من البرادة في كيس مجمدة بسبب العدل المقيم لكن لما دونه ترجع الأسباب.
      فلو كان الميزان لدى الناس لقضى الأمر بقضائهم، لكن الأمر والقضاء والحكم لا يعود الا الى رب والاه الناس من خلق الناس ووضع الميزان.
      لذا من الصعب أن تجد هادى للناس بعد ظلمهم لأنفسهم ولبعضهم البعض؟
      فهل يهدي الله الضالمين أم انهم ضلوا وضاعت البوصلة؟

اقرأ ايضاً