العدد 3641 - السبت 25 أغسطس 2012م الموافق 07 شوال 1433هـ

الشتات العربي فرصة للأعمال

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يشكّل التوتّر بين محاولة البقاء مرتبطين مع وطنهم الأصلي ومحاولة الانخراط في ثقافة جديدة، بالنسبة للمهاجرين في الشتات العربي، الذين غادروا أوطانهم العربية إلى الغرب أو إلى مناطق أخرى، يشكّل تحدياً كبيراً. إلا أن جيلاً جديداً من الشباب المبدعين الأذكياء في الشتات العربي يجدون أساليب جديدة للتعامل مع ذلك.

بدلاً من الاختيار بين ترك أوطانهم ليكونوا جزءاً من ثقافة جديدة، أو رفض مجتمعهم الصغير الجديد للعودة إلى بلدهم الأصلي، يختار أفراد الشتات العربي أسلوباً جديداً: بناء جسور تسمح لهم بالمساهمة في كلا العالمين. ويعني ذلك إيجاد شبكات جديدة تربط وطنهم ودولهم المتبناة، أو الاستفادة من الطلب على المنتجات والخدمات من دولهم الأصلية في مجتمعاتهم.

مع نمو تقنيات المواصلات وأساليب السفر العالمية، لم يعد أفراد الشتات بحاجة لترك أوطانهم للانخراط في مجتمعاتهم الجديدة، فهم يستطيعون بدلاً من ذلك الاختيار بأن يكونوا جزءاً من كل منهما، فيشجّعون التبادل بين كلا المجتمعين. من خلال عدم تركهم بلدهم الأصلي أو اختيار العودة، قاموا ببساطة «بإعادة التفاوض على الروابط مع هويتهم في الشتات»، حسب قول أرجون أباندوري، عالم السكان الاجتماعي الثقافي.

تعني عملية إعادة التفاوض على هوية الشتات اعتناق واقع هوية معقدة تضم كلاً من «بلد الأصل» و»الوطن الجديد» والتأكيد عليه، والانتقال للإجابة على أسئلة بشأن الاحتياجات المحددة لكل مجتمع في الشتات. لم تعد هذه الأسئلة وبشكل متزايد جدلاً نظرياً، وإنما فرصاً للأعمال.

أفراد الشتات أصبحوا اليوم أكثر تنظيماً من السابق وبشكل واضح. يوفّر تطور الاتصالات وتقنيات المعلومات للجماعات الأدوات الضرورية لتزدهر كمجتمعات دينامية عابرة للقوميات. وقد أسّست مجموعات الشتات العربي بشكل خاص جذوراً جديدة قوية حول العالم. فهناك 1.7 مليون أميركي على الأقل من أصول عربية يعيشون في الولايات المتحدة، حسب مؤسسة المعهد العربي الأميركي. ويعكس أثرهم على الأسواق المحلية عالماً يتسامى عن الجغرافيا ويدعم هويات تتشكل نتيجة للثقافات المختلفة.

ومن الأمثلة البارزة هادي خوري، الذي اخترع تطبيق «كيفك» للأفراد الذين يرغبون بتعلّم اللغة العربية باللهجة اللبنانية. خطرت الفكرة لهادي، وهو خبير أمن المعلومات اللبناني المقيم في باريس، عندما لاحظ أنه وعدد من المهاجرين مثله في فرنسا يواجهون صعوبات في تعليم اللغة العربية لأبنائهم.

ويأخذ الشعور المتنامي بالهوية كجزء من ثقافتين كذلك شكل شبكات تدعم النمو الاجتماعي في الدول الأصلية. على سبيل المثال، يختار المهاجرون الذي أسّسوا أنفسهم في وادي السيليكون بأميركا الاستثمار في أصحاب الأعمال المبدعين في أوطانهم، ويساعدونهم ليتمكنوا من المنافسة على مستوى عالمي.

تساعد المنتجات والخدمات التي تتوجه إلى أسواق الشتات كذلك على ملء فراغ ثقافي في دولهم الجديدة، مدخلة الثقافة اللبنانية إلى البرازيل أو الأطعمة المغربية إلى كندا، على سبيل المثال تسمح فرص الأعمال هذه للشتات بالمساهمة في بلادهم الجديدة، مما يؤكد على أنهم لم يعودوا غرباء عنها. وهي كذلك تثري المدينة عندما يكتشف سكانها طعام وموسيقى أو أفكار ثقافات أخرى. كل ما يحتاجه الأمر أحياناً هو مطعم لبناني أو متجر ألبسة أردني.

يشكّل الشتات اليوم مكوناً بارزاً وملحوظاً على الساحة العالمية، وقوة تغيير بدأت تظهر، وهذا نتيجة مباشرة للترابط الإنساني المتزايد والتبادل بين الثقافات. ليست هذه الظاهرة بجديدة، ولكنها تؤثر اليوم على المزيد من الناس، أكثر من أي وقت مضى.

رغم الرنو للعودة، الذي يمكن أن يستمر عبر أجيال عديدة، والارتباط القوي لبعض المهاجرين بجذورهم، من الواضح أن مستقبل هؤلاء الذي يعيشون في الشتات لن يكون الاختيار بين دولة أو أخرى، وإنما الاستمرار بأن يكونوا جزءاً من ثقافتين. تساهم جماعات المهاجرين هؤلاء في دولهم الأصلية، وتشارك في تطور المجتمعات حيثما كانت، مما يخلق روابط تحولية ينتهي الأمر بها بإنعاش العالم ككل.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3641 - السبت 25 أغسطس 2012م الموافق 07 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً