العدد 3648 - السبت 01 سبتمبر 2012م الموافق 14 شوال 1433هـ

ليكن الخلاف في الرؤية... لا على الوطن

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

أتحدث عن الحوار وكذلك غيري ممن يهمّهم أمر البحرين الوطن والأم والأرض والملاذ، بوصفه الحل الذي لا يرى كبار الخبراء والمستشارين والمحللين الدوليين سواه للخروج من الأزمة التي امتصت من أرواح وطاقة ونفسية هذا الشعب الكثير، ولاتزال تحصد المزيد بلا توقف منذ أكثر من عام ونصف.

ندفع باتجاه الحوار لأنه العجلة القادرة على إيقاف الخسائر في الأرواح والأملاك والأعصاب وفقدان الأمن والأمان، وهو الوسيلة المثلى للتعامل مع واقع فيه مجموعة من الفرقاء، لكل منهم رؤية سياسية وبرنامج عمل، ومصالح يخشى من فقدانها، ومكاسب يسعى لتحقيقها، ومواقع يسعى لتبوئها والاستئثار بها.

وفي هذا الاختلاف تقاطع كبير وحاد بين هؤلاء الفرقاء، بلغ حد استخدام التصعيد الطائفي، والتهديد بممارسة ضغط الشارع لمنع تحقيق المطالب العادلة لهذا الشعب، والتي يتفق عليها جميع أبنائه من السنة والشيعة والمسيح واليهود، من أجل تمييع القضية الأساس، وصرف الناس للانشغال بمسائل هامشية، تبدد أنظارهم عن المطالبة بحقوقهم التي ترتكز على مبادئ العدل والمساواة ومحاربة التمييز أياً كانت أشكاله.

وقد نجح وللأسف التسميم الطائفي في جعل الناس منقسمين على أنفسهم، حتى في داخل البيت الواحد، بل إن رؤيتهم لحل الأزمة السياسية أمست متباينة، فمنهم من يرى ضرورة استمرار المعالجة الأمنية ونشر أفراد الأمن في كل مكان لمنع أي تجاوز للقانون، والضرب بيد من حديد ضد كل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن، وآخرون يرون أن البحرين بحاجة إلى انفراجة حقيقية كالتي حصلت في مطلع الألفية الحالية، حين تم التصويت على ميثاق العمل الوطني، وأعيد كل المنفيين من الخارج، وبيّضت السجون من المعتقلين السياسيين، وبدأت الحياة الديمقراطية في استعادة عافيتها مع انطلاق الانتخابات البلدية والنيابية في العام 2002، فيما يؤيد مواطنون خيار الحوار، ويدفعون باتجاه تفعيله على وجه السرعة، لأنهم أدركوا حجم الهوّة بين مختلف الأطراف (الدولة والمعارضة والمكونات الأخرى)، والتي تزداد اتساعاً كل يوم، وتحتاج إلى ردم عاجل قبل أن ترتفع فاتورة الحل.

من يحاربون فكرة الحوار، ويعتبرونها ضعفاً ووهناً من الدولة، ليس حبّاً في البحرين ولا حبّاً في أهلها، بل لأنهم لم يصلوا إلى الوجاهة الفارغة التي هم عليها إلا بسلطة المال، وألسنتهم لم تتوقف عن التخوين وكيل الاتهامات وإخراج مكونات المجتمع من ملة الإسلام، إلا لأنهم مدفوعون إلى ذلك وقلوبهم يملأها الرضا ما دامت جيوبهم عامرة، فمستقبل هذا البلد لا يعنيهم بقدر استمرار وجودهم كعناصر مؤثرة في إدارة الأزمة وتوسيع نطاقها، من خلال محاربة أية مبادرات داخلية (حوار، لقاء، نقاش...إلخ)، بحجة أن الوقت غير ملائم في هذه الفترة مع اقتراب الحسم في سورية وقرب الإعلان عن تأسيس الاتحاد الخليجي، ورفض أي تدخل خارجي (وساطة، نصيحة، زيارة رسمية... إلخ). وليس هناك من يؤيد التدخل الخارجي، فلكل بلد ظروفه ومشكلاته التي لا يفهمها ولا يدرك طبيعتها إلا أهله، وقد يجرّ مثل هذا التدخل إلى المزيد من التعقيد والتشابك ويؤخر التوافق على صيغة محددة لمعالجة الأزمة من جذورها.

الحوار ليس بدعة، فالدين الإسلامي شجع على الحوار في كثير من المواقف، إذ يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله» (آل عمران: 64)، والكلمة السواء لا يمكن بلوغها من دون تحاور ونقاش وتفاهم.

لكل من يهمه مصلحة هذا الوطن، كلمة نقولها لكم من باب مسئولية القلم والضمير، اجلسوا معاً وارموا بخلافاتكم عند عتبات الباب، واجعلوا كل ما حصل خلف ظهوركم، وافتحوا صفحة جديدة من صفحات الأمل، وخطُّوها بأروع العبارات، وليكن همّكم إنقاذ الوطن، فالاختلاف لم يكن يوماً عيباً أو وصمة عار، بل هو قدر كل الأمم، فالله تعالى يقول: «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» (المائدة: 48).

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3648 - السبت 01 سبتمبر 2012م الموافق 14 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:41 م

      كلام من ذهب

      استاذ ساطلب منك طلب ..ياليت تنتقدون و تفضحون السياسة الايرانية اتجاة البحرين و خصوصا الموقف الاخير و لان يكون الاخر في موتمر عدم الانحياز من تحريف خطاب رئيس مصر

    • زائر 2 | 5:18 ص

      الوطن

      ياريت نرى الذين يدعون بعدم الاختلاف على البحرين موقف واضح يدين تدخلات ايران الوقحة واخرها ما تحريف خطاب محدد مرسي ، ما عندكم غيرة على البحرين ؟؟؟؟

    • زائر 1 | 3:17 ص

      الحوار

      اخي انت تدفع في اتجاه الحوار ....نعم الحوار لكن هل هناك ضمانات من الحكومة ...فقد دخلت المعارضة في حوار مع الحكومة في التسعينيات بقيادة الشيخ الجمري ولكن نقضة الحكومة الاتفاقيات المبرمة بينهم وفي بداية الالفين بالتحديد في 2001 خرجنا بالميثاق الذي تم تعطيل العمل به ....اي حوار تتكلم عنه ولا يزال دماء اكثر من 100 شخص والاف المعتقلين في السجون ..اي حوار تتكلم نه ولا يزال القتلة من رجال الامن يسرحون ويمرحون دون محاكمة ..لو كانت هناك بادرة للاصلاح فليتم العمل بتوصيات السيد بسيوني

اقرأ ايضاً