العدد 3666 - الأربعاء 19 سبتمبر 2012م الموافق 03 ذي القعدة 1433هـ

الممارسون والمنتقدون للطائفية... في الميزان الوطني!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

من العجيب في وطني إذا ما انتقد أحد من المواطنين الممارسات الطائفية التي تمارس في الكثير من الدوائر الرسمية فإنه يتهم بالطائفية، ويثار حوله الشكوك في وطنيته، ويقال عنه إنه يريد أن يخلق بلبلة بين الطائفتين الكريمتين، ومن دون أن تراجع تلك الجهات التي تتهمه إلى الدلائل الواضحة التي استند إليها المنتقد، وفي المقابل ينعت من يمارسها بصورة واسعة أنه وطني بامتياز، ويتغافلون تماماً عن المعايير الوطنية التي تم الاعتماد عليها في نعتهم للممارسين لها، واتهامهم للمنتقدين لها.

مسألة حقاً غريبة بكل أبعادها الإنسانية والوطنية، ولا يجد أحد من المتابعين لها تفسيراً منطقياً وموضوعياً يستطيع بموجبه نفيها أو التغاضي عنها، وأن كل ما يجده في الواقع حقيقة وجودها بشدة في التعيينات والتوظيف والترقيات والمكافآت والمعاملات والإجراءات والاستقطاعات من الراتب، وعدم تسليم عدد من التربويين رواتبهم لمدة تزيد عن السنة، واحتساب مدة التوقيف إجازة من دون راتب، وعدم دفع اشتراكات التقاعد لهم، وأن المتعاملين بالطائفية والممارسين لها لا يخفون طائفيتهم العملية عن الناس، ولا يستطيعون التخفي وراء الشعارات الوطنية التي تحث على المواطنة الحقيقية، وتكافؤ الفرص بين المواطنين، لأن الواقع الصريح يكذبها بقوة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما يأتي إلى مناصب وزارة التربية والتعليم في إداراتها العليا والعامة والتي عددها يصل إلى 42 منصباً إدارياً، ومن دون التطرق إلى عدد بقية المواقع الإدارية الفرعية فيها، سيكشف للعيان واقعها الطائفي بكل وضوح ومن دون حاجة للدخول في جدال عقيم لا فائدة من ورائه، لأن النسبة التي تشير لطائفية إداراتها تزيد عن 95 في المئة، ولا أحد يستطيع القول إن سبب وجود هذه النسبة الطائفية الكبيرة هو لعدم وجود الكفاءات الإدارية الوطنية في بقية فئات المجتمع.

فوجود الكفاءات الوطنية المؤهلة إدارياً وعلمياً واضحة وجلية للجميع، وهذا الحال الخاطئ له انعكاسات سلبية خطيرة على واقع التعليم في مختلف مفاصله، وله انعكاسات غير جيدة على التوظيف، وواقع المنتمين إليها من الإداريين والاختصاصيين والمعلمين الأوائل والمعلمين الآخرين، وله انعكاسات غير عادلة في الترقيات والتنقلات والمكافآت والحوافز، وقد ظهر حجمها الكبير بوضوح، من خلال الإجراءات المجحفة التي اتخذتها ضد المئات من التربويين، فكم عدد الذين فصلوا، وأوقفوا منهم عن أعمالهم في الأشهر الأولى من الأزمة التي تمر بالبلد، وقد سجلت في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق؟ ألم يصل عدد الذين فصلوا عن أعمالهم إلى 87، وعدد الذين تم إيقافهم يصل إلى 97 موظفاً في تلك الفترة الوجيزة؟ ناهيك عن عدد الذين أوقفوا بعد الإعلان عن التقرير، وناهيك عن عدد الذين حوِّلوا إلى لجان التحقيق والتأديب، الذي فاق كل التصورات والتوقعات الإنسانية والحقوقية.

والغريب في الأمر أن الأسباب التي دعت الوزارة إلى اتخاذ كل تلك الإجراءات القاسية ضد التربويين الذين يملكون تاريخاً تربوياً وتعليمياً ناصعاً، هي في مجملها مخالفة صريحة لما جاء في ميثاق العمل الوطني وفي الدستور، اللذان يعطيان الحق في ممارسة التعبير عن الرأي بشتى الوسائل والطرق السلمية.

ما تم عرضه بإيجاز شديد يمثل أحد النماذج الكثيرة لتلك الممارسات الطائفية التي تنخر في جسد الوطن بعمق، المصيبة الكبرى والطامة العظمى إذا ما اعتقد الممارس للطائفية أنه فوق القانون، وبعيدٌ عن المحاسبة القانونية، ولا يظن ولو للحظة واحدة أنه يجب عليه تطبيق القانون في ممارساته مع التربويين بكل فئاتهم. في الحقيقة أن هذا الأمر يثير في أوساط التربويين الكثير من التساؤلات التي وضعت في نهايتها علامات استفهام كبيرة، والتي إلى الآن لم يجدوا لها إجابات واضحة وشافية، ولم يجدوا في خطوات الوزارة -التي مازالت تنفذها- تغييراً ولو بنسبة متدنية في نهجها الطائفي.

فهم ينتظرون إنصاف القانون لهم، لاسترجاع حقوقهم المادية والمهنية والمعنوية والإنسانية بالكامل التي أخذت منهم من دون وجه حق، وتعويضهم عن كل ما أصابهم من ضرر من جراء الممارسات التي مورست ضدهم خارج القانون، ومحاسبة كل من خالف القانون، ومازال يخالفه في ممارسته ومعاملاته معهم، ويعتقدون اعتقاد يقينٍ أن مطالبهم جميعها تتناغم مع ما جاء في الميثاق والدستور، ومع ما أقرته جميع المنظمات الحقوقية العالمية، ومع ما أصدره العهدان الدوليان لحقوق الإنسان، ومع ما دّون في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، ومع توصيات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ومع ما ورد في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ومع جميع الأخلاقيات والأدبيات الإنسانية الحقيقية.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3666 - الأربعاء 19 سبتمبر 2012م الموافق 03 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:00 ص

      هذا الواقع

      بعد إن إنكشف التآمر و محالة إسقاط النظام و المس برموز قومية نحبها و نقدرها و نحترمها رموز صنعت البحرين و وضعته في مصاف الدول و بعد التهريب و التسقيط لا أعتقد إلا أن تغيير ثقافة المجتمع هو الحل بعد أن عشنا ردحاً من الزمن لا نجد لنا من البعثات و التوظيف غير الفتات خيراً تفعل الدولة إن كان منهجها تعديل الوضع الذي كان مائلاً لسنوات لتعود الحياة عربية أصيلة قائمة على أساس من العروبة و الإرتباط مع إخوتها من دول الخليج العربي و الدول العربية. أشد على يد الدولة

اقرأ ايضاً