العدد 3728 - الثلثاء 20 نوفمبر 2012م الموافق 06 محرم 1434هـ

تعاطي المنظمات الدولية مع تقرير بسيوني (1)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

أحدث تقرير بسيوني ما يشبه التسونامي على مختلف الصعد والمستويات والرأي العام المحلي والدولي والحكومات ذات الصلة بالبحرين، بالإضافة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة، وبالطبع منظمات المجتمع المدني البحرينية والعربية والدولية.

ومن أهم ما أثاره تقرير بسيوني على صعيد المجتمع المدني في البحرين تضافر جهود الجمعيات واللجان والشخصيات الحقوقية لتشكيل «المرصد البحريني لحقوق الإنسان»، كمظلة للمنظمات والشخصيات الحقوقية المستقلة، إثر صدور تقرير اللجنة الوطنية برئاسة علي الصالح، لرصد مدى تنفيذ توصيات كل من لجنتي بسيوني والصالح. وقد أصدر عدداً من المذكرات وأوراق العمل وعقد مؤتمرات صحافية، وتحوّل المرصد في هذا السياق، إلى مظلة للتعامل مع جميع قضايا حقوق الإنسان في البحرين.

من هنا ندرك أهمية المرصد، وضرورة حرص جميع الجهات الحقوقية الأهلية المستقلة في الداخل والخارج على العمل في إطاره بروح العمل الجماعي المسئول وترك الفردية والأنانية. كما نفهم دوافع هذا الهجوم الضاري وخطاب الكراهية وحملات التشهير ضد المرصد وأعضائه والمنظمات والأفراد العاملين فيه، وخصوصاً إثر أدائه المميز في جنيف في مايو/ ايار وسبتمبر/ ايلول الماضيين. لكننا نؤكد أن هذه الحملات المدعومة لن تثنينا عن القيام بواجبنا الوطني والإنساني في كل موقع ومناسبة. ونوصي بنشر تقرير بسيوني على أوسع نطاق وخصوصاً توصياته التي يجب أن تُحفظ عن ظهر قلب.

والى جانب المرصد، فان مختلف المنظمات الحقوقية مثل الجمعية البحرينية لحقوق الانسان ومركز البحرين لحقوق الانسان وجمعية البحرين الشبابية لحقوق الانسان ورابطة حقوق الإنسان في البحرين ومركز الخليج لحقوق الانسان، إلى جانب اللجان المتخصصة مثل رابطه القلم المعنية بحرية الكتاب والمادة 19 المعنية بحرية التعبير والصحافيين، ولجان الأطباء والممرضين والمعلمين والرياضيين وغيرهم قد تابعوا ورصدوا مدى تنفيذ التوصيات، وأصدروا بيانات ومذكرات وخاطبوا الجهات الدولية حول ذلك.

المجتمع الحقوقي الدولي

دعي عدد قليل من المنظمات الحقوقية الدولية لحضور حفل إطلاق تقرير بسيوني، ومنهم «منظمة لا سلام بلا عدالة»، لكن عدداً من المنظمات الحقوقية الدولية حاولت أن ترسل مندوبين عنها إلى البحرين لمحاورة المسئولين والمجتمع المدني بشأن مفاعيل تقرير وتوصيات بسيوني وكيف يجري التطبيق على الأرض، ومن هذه المنظمات «هيومن رايتس ووتش» و «العفو الدولية» (Amnesty) و»فرونتلاين» (Frontline)، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، إلا أنه لم تتم الاستجابة لها. لكنه ومع إطلاق تقرير اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة بسيوني في 31 مارس/ اذار 2012، دعت وزارة التنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان عدداً من المنظمات الحقوقية الدولية ومنهم العفو الدولية وحقوق الإنسان أولاً وهيومن رايتس ووتش، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ولا سلام بلا عدالة. وقد حضرت الاجتماع الذي ضم الوزيرة مع وفود هذه المنظمات كوني عضواً في الفيدرالية الدولية.

في هذا اللقاء أكدت الوزيرة أن حكومة البحرين بحاجة إلى خبرات المنظمات الحقوقية الدولية في تنفيذ توصيات لجنة بسيوني، وخصوصاً فيما يتعلق بالتدريب والتأهيل وبناء القدرات. ومن جانبهم أثار ممثلو المنظمات منعهم من زيارة البحرين والقيود الكثيرة المفروضة على زياراتهم بما لا يمكّنهم من أداء مهماتهم كاملة. ووعدت الوزيرة فاطمة البلوشي بأنها ستستدعي ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية في زيارة لاحقة متى ما وضعت الوزارة والحكومة برنامجاً متكاملاً، لكن ذلك لم يتحقق.

لقد استخدمت المنظمات الحقوقية الدولية استنتاجات وتوصيات لجنة بسيوني في رصدها لمدى تنفيذ هذه التوصيات من قبل حكومة البحرين، إضافةً إلى رصد الانتهاكات لما بعد تقرير بسيوني، وبينت للحكومة مكامن التقصير وقدّمت مقترحات في هذا الشأن. كما أن بعض هذه المنظمات الحقوقية الدولية أصدرت تقارير واقعية وتخصصية لانتهاكات حقوق الإنسان لما بعد بسيوني، ومنها «منظمة حقوق الإنسان أولاً»، «العفو الدولية»، «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»، «فرونت لاين للمدافعين عن حقوق الإنسان»، «أطباء من أجل حقوق الإنسان»، و «أيركس لحرية التعبير».

وقد أصدرت هذه المنظمات بيانات في عدد من المناسبات والأحداث، وخصوصاً عند إصدار الأحكام بحق مجموعتي الأطباء، ونشطاء حقوق الإنسان والقيادات السياسية. وعند انعقاد الجولة الأولى من المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين في مايو 2012 والجولة الثانية في سبتمبر 2012، كما أن كلمات هذه المنظمات في الاجتماعات الموازية في الأمم المتحدة بجنيف حيث جرت الإشارة تكراراً إلى توصيات بسيوني شاهدٌ على ذلك.

مواقف الدول الصديقة

وقد وضعت الدول الصديقة والحليفة لمملكة البحرين، آمالاً كبيرة على توصيات لجنة بسيوني، وأشادوا بشجاعة الملك وحكمته، وكانوا واثقين من عزم الدولة على تنفيذ هذه التوصيات بإخلاص. وقد ظهر ذلك من تعليق كبار المسئولين في الولايات المتحدة وبريطانيا على إثر إطلاق التقرير، ثم في مناسبات أخرى وخصوصاً أثناء زيارة وفودهم إلى البحرين أو استقبالهم وفوداً رسمية بحرينية. لكننا في الحركة الحقوقية كنا حذرين في ضوء التجارب السابقة مع الدولة. وما حدث هو أن هذه الحكومات دخلت في اتفاقيات مع حكومة البحرين لمساعدتها في إصلاح الأجهزة الحكومية من أجل تنفيذ توصيات بسيوني.

فالمملكة المتحدة وقعت اتفاقيات مع البحرين لمساعدة الحكومة في إصلاح القضاء والداخلية والبرلمان، وأوفدت قائد شرطة وستنمستر السابق كمستشار للحكومة في شئون الأمن. ورغم الإعلان عن انتهاء عقده، فإنه ظل مستشاراً يزور البلاد من وقت لآخر ويرافق كبار المسئولين في زياراتهم لبريطانيا. أما الولايات المتحدة فقد وقعت اتفاقيات مع الحكومة وأبرزها صفقة الأسلحة، وإرسال قائد شرطة ميامي السابق الجنرال تيموني جارنر مستشارا للشئون الأمنية. كما أن اتحاد المحامين الأميركيين ومنذ سنوات يقوم على تدريب القضاة والنيابة العامة ومشرفي السجون، بتمويل من الولايات المتحدة.

وأخيراً فإن اتحاد المحامين الدولي وبتكليف من الاتحاد الأوروبي، سيتعاون مع اتحاد المحامين الأميركيين في تنفيذ برنامج لتدريب القضاة والنيابة العامة والمحامين.

ومن الجانب الفرنسي أبدى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي حماساً شديداً للنظام، وعبّر في مناسبات عديدة عن دعمه لحكومة البحرين وسياساتها. كما كان هناك اتفاق سابق بقيام الشرطة الفرنسية بتدريب قوات مكافحة الشغب البحرينية على احتواء الاحتجاجات، لكن ذلك توقف عام 2008.

ورغم وصول الاشتراكيين إلى الحكم بزعامة فرانسوا هولاند مع تأكيداتهم بإعطاء حقوق الإنسان الأولوية، فقد تم توقيع عدة اتفاقيات، ومن بينها اتفاقية لدعم فرنسا لإصلاح الإعلام في البحرين، وبموجبه يتم تدريب كوادر الإعلام الرسمي من قبل مؤسسات فرنسية ومنها «فرانس 24»، و «مونت كارلو»، وكذلك الاسهام في إصلاح منظومة القضاء.

ومن المفارقات أنه في غياب دور ملحوظ للاتحاد الأوروبي في الأزمة البحرينية، فقد وافق على تمويل مشروع لتدريب القضاة والنيابة العامة والمحامين، وأناط ذلك بالاتحاد الدولي للمحامين (لندن).

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3728 - الثلثاء 20 نوفمبر 2012م الموافق 06 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:14 ص

      لا تعطوا التقرير اكبر من حجمه فالهدف منه هو الافلات من العقاب فقط

      الهدف من تقرير بسيوني هو الافلات من العقاب وانتهى الامر لذلك لن تجدوا احدا يهتم للتقرير وما جاء فيه فقد كان لغاية في نفس يعقوب وانتهت الغاية

    • زائر 1 | 10:52 م

      الله يعطيكم العافية لما تفعلوه من اجل البحرين

      اولا السلطة ليس لديها نية الاصلاح لانها تعودت الاستئثار فهي ارفض مشاركة الاخرين لها في السلطة و الثروة، لهذا نحن لا نعول على الضغط الخارجي بقدر ما نعول على الحراك الداخلي.
      ثانيا الدول المذكورة مشهود لها بمحاباة النظام في البحرين و هي أيضاً ليس لديها النية للضغط لعمل إصلاحات كما تصرح دائماً.
      الحقوق تأخذ و لا تعطى.
      مأجورين.

اقرأ ايضاً