العدد 3743 - الأربعاء 05 ديسمبر 2012م الموافق 21 محرم 1434هـ

ورطة

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

نمضي قريباً نحو إكمال عامين منذ بدء المطالب الشعبية، تلك التي أسمنها الملف الحقوقي الذي تراكم بفعل الانتهاكات، والتي أُريد بها إشغال الناس عن مطالبها الأصلية. فإذا هي تتحوّل إلى ورطة أخرى.

يُقاس مدى تحضر وتطور الدول بمدى احترامها لحقوق الإنسان، وهذا لا يعني الاحترام عبر الترويج الإعلامي والبيانات الفضفاضة التي لا تعبر عن واقع الحال، ففي عالم التكنولوجيا يتحوّل كل منتج بسيط لراصد للأخطاء، ومع ثورة التواصل الاجتماعي، أصبحت تلك المواقع صحفاً حرة وسريعة لوصول الحقائق وإطلاع العالم على آخر التطورات، وبهذا لم يعد يجدي التستر، والعالم بإمكانه أن يرى أية بقعةٍ من أرضنا عاريةً بما يكفي ليقيّمها.

زيارة وفد المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومن قبله اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني ليست سوى جهات تحاول حلحلة الملف الحقوقي في البحرين، غير أن ذلك لا يحل المشكلة، فتهاوي الوضع الحقوقي سببه غياب الإصلاحات الجذرية، وتجاهل أهمية التوصل إلى حلٍّ يرضي جميع الأطراف قبل أن ينفجر الوضع فعلياً، مخلّفاً كوارث على جميع المستويات.

البيانات المجمِّلة لصورة الوضع في البلاد لا تعني شيئاً للداخل طالما أنها لا ترتبط بالواقع، والمنطق يجبرنا على الاستماع لجميع الأطراف عبر حوار جاد.

عجلة التحول في العالم العربي اليوم لا يمكن إيقافها، أما مسايرتها أو التلاشي أمامها، والوطن في لحظته الحاسمة ليس بحاجةٍ لأكثر من الايمان بأن التغيير سمة الحياة، عدا ذلك كل ما يسوقه المأجورون في هذه الجعجعة سيتحوّل بتغير السياسة المتبعة، ومن يكتب اليوم ليحارب هذا التغيير، سيكتب غداً ليصفّق ويؤيد. هؤلاء لا أحد يكترث لما يقولون، فأفكارهم ليست خلاصة واقع، بل قيمة ما امتلأت به جيوبهم وأرصدتهم البنكية، وهي أبعد ما تكون عن حال المواطن البائس الذي يجبره على المضي نحو التغيير. فحالة اليأس التي وصل إليها الوطن بفعل استدارة الرؤوس لا تترك أمام المدهوسين باسم القانون خياراً آخر.

حتى اليوم مازال هناك من يؤمن بإمكانية التوصل إلى حلٍّ يشمل الجميع، نخشى بمرور الوقت أن نصل إلى مرحلةٍ لا يؤمن أحدٌ فيها بشيء، واستمرار الضغط على المواطنين وانتهاك حقوقهم الأساسية قد يوصلنا عاجلاً أم آجلاً إلى ما لا تحمد عقباه، وتلك سنة الله في الأرض...

للتذكير فقط، «الحالمون لا يمكن ترويضهم أبداً» كما يقول باولو كويلو.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3743 - الأربعاء 05 ديسمبر 2012م الموافق 21 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:42 ص

      الحرية

      ليس لها ثمن

    • زائر 2 | 2:24 ص

      داود

      لا يمكن ترويضهم أبداً لا بالجاه والمال ولا بالنكال و الاعتقال ... أولئك الحالمون بالحرية والعدالة

اقرأ ايضاً