العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

ذاكرة (9)

عبدالجليل السعد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

امتلأت الذاكرة الشعبية بشخصيات تعتبر جزءاً من تاريخ وتراث المكان بخيرها وسوئها، بجمالها وقبحها، برزانتها وجنونها وكلها مفردات متناقضة تعيشها شخصيات كل فريج ومن أهم شخصيات فريجنا قديماً كانت أم هلال وهي واحدة من أكثر نساء الفريج عذاباً وتعذيباً من قبل كل أشقياء الفريج وعقالها دون استثناء، وكانت تسكن مع أمها (ذات الوجه الجامد والغاضب دوماً في بيت بآخر الفريج - مقابل المسجد) وكان جدار البيت من حجر وأسمنت بينما سقف الحجر من عريش وباب البيت صغير ولونه أزرق فاتح والبيت مازال كما هو اليوم لكن بدون أم هلال والعريش، وإن لم يدخل أحد بيتها ولم تدعُ أحداً إلى بيتها مع تسكعها اليومي في أغلب بيوت الفريج ومنها بيتنا، لم تكن أم هلال متزوجة لتسمى أم هلال ولم نعرف سبب تسميتها (قيل إنها أو أمها تزوجت مرة واحدة ولم يستمر الزواج فتطلقت) وكانت المرأة ضعيفة النظر وبعينيها نوع من الرمد وغمص العيون، وكانت معتوهة وذات لسان سليط ما شجع الأطفال على الجري خلفها ورميها بالحجارة وعاشت في الفريج بمساعدات أهله وعائلاته، وكنا نؤلف عنها الأغاني والتعليقات، اختفيت وتغربت لفترة طويلة خارج البحرين ولما عدت إلى البحرين رأيت أم هلال واقفة مادة يديها تشحذ في سوق المحرق قرب المكتبة العصرية والشيب يملأ شعرها والوهن في عينيها وعظامها ثم قيل لي بعدها إنها ماتت، ولموتها حكاية معروفة لأهل المنطقة وهي أنها لما ماتت أخذها أخوها (والذي لم نرَه أبداً أو لم أرَه شخصياً) مع سائق سيارة الإسعاف أو شخص آخر ليدفنونها وحيدين، وفي اليوم نفسه توفيت امرأة ثرية ومن عائلة كبيرة فكانت المقبرة والمسجد مزدحمين وصلت كل الناس الموجودة لأم هلال ودفنتها في موكب وجنازة لم تحلم بها أو تتصورها (رحمها الله وغفر لها).

دكان محمود كان أكثر من دكان بموقعه وجلوس محمود على كرسي صغير بدون غترة أو عقال بل ثوب أبيض وبقربه بضاعته من المواد الغذائية والحبوب، ولم يكن بقالة بل دكان ومتخصص بالمواد الغذائية، وقد تميز بصف حلوياته في مقدمة الدكان ولم يكن جاسم عبوساً بل مرح برزانة غريبة، وقد تحول إلى لازمة مهمة للفريج بوجوده الطويل وثباته في تجارته وتعامله مع الجميع بقدر وتساوي ورزانة محببة.

دكان جاسم كان عكس بقالة (علي كو) والتي تبعد عنه بأربعة محلات في بداية (الحردبانه وهي الصعدة أي الأرض المرتفعة)، وبعد دكان (علي كو) تبدأ منطقة لفريج وعالم آخر.

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً