العدد 3756 - الثلثاء 18 ديسمبر 2012م الموافق 04 صفر 1434هـ

التمسك بالمذهب ليس جرماً ولا عيباً

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كل المذاهب وجميع الديانات محترمة لدينا، وكل انتماءات البشر الحرة تعتبر حقّاً إنسانيّاً خالصاً. لكننا في المقابل نرفض أي توجهات طائفية ذات أجندات ممزقة لنفوس الخلق التي فطرت على حب الخير. وكذلك التدخل في نوايا الناس واعتقاداتهم وشئونهم المتعلقة بالله والحياة.

هذه هي الديمقراطية المطلوبة في معمورتنا، لا أن يُخوّن المواطن لتوجهه العقائدي، أو يتم اضطهاده لانتمائه المذهبي. فهذا حقه وشأنه وحريته التي وهبه الله إياها.

في بلاد غير المسلمين؛ آخر ما يتحدثون عنه ما يتعلق بدياناتهم، بينما يتم تجريمك في بلدك حينما ينبش ويعرف عن عقيدتك!

من يدَّعي الانسانية، عليه أن يحترم قناعات الآخرين وعدم الازدراء بمذاهبهم. دعوا الخلق للخالق.

عندما نظر أحد أطفالي إلى يهودي في المطار وشعر بالخوف بسبب منظره وملبسه، بادره ذلك الشخص بابتسامة نزعت الخوف منه، وتوجه إلي بالسؤال:

لماذا ابنك خائف مني؟ فالتمسته عذراً وقلت له: لقد كان يسألني ما هي هويتك وبلدك. وطلبت من ابني أن يصافحه، وتبادلا الابتسامات.

في المقابل، المعضلة الكبرى التي ليس لها حل، ثقافة المسلمين من أصحاب المذاهب المختلفة، الذين لم يعلّموا أبناءهم مبادئ دينهم، وتطبيق سلوكه الذي أساسه التسامح والغفران، والحث على عمل الخير، واحترام النفس البشرية، والإخاء والأمر بالمعروف وقول الحق والتصدي للظلم، وغيرها من السلوكيات والأخلاق التي نفتخر بها كمسلمين، ويطبقها الغرب على انها أساسيات حقوق الانسان.

الثقافة لدى البعض، ومنهم من يُحسب على رجال الدين، تعتبر أن شخصاً لا ينتمي إلى مذهبك فهو عدوك أو خصمك، فيحاول بما لديه من قوة اضطهادك والانتقام والتشفي منك، وكأنك سرقت ماله.

لن يجدي أن تنظم وزارة حقوق الانسان حلقات نقاشية ومؤتمرات عن حقوق الانسان، بينما تطبيق القائمين عليها عكسي على الأرض، خلافاً لأساسيات حقوق الفرد وتكريساً للطائفية. فهل دافعت هذه الوزارة عمّن تم فصلهم من أعمالهم أو تعذيبهم في السجون، أو سحب جنسياتهم خلافاً للقانون؟ لن يجدي أن تبعث وزارة التربية والتعليم، إشارات بتطبيق بعض توصيات بسيوني المتعلقة بتعليم ثقافة حقوق الإنسان عبر طبع الكتب، وإنفاذ بعض المناهج الخاصة بحقوق الانسان، على رغم تشجيعنا لذلك، إلا أنها من أوائل الوزارات التي تعرض منتسبوها للانتهاكات في الحقوق. فقد عمدت لفصل بعض المعلمين تعسفيّاً وليس وفق القانون، وحرمت طلبةً من بعثات تعليمية يستحقونها عن جدارة، وحبست الترقيات أو الحوافز عن بعض المعلمين المستحقين، وأوقفت توظيف كثير من الخريجين المستحقين للوظيفة.

إن مثل هذه الاجراءات المخالفة للقوانين والأعراف الدولية، تحتاج إلى تغيير الثقافة العدائية تجاه المواطن لدى بعض القائمين على المؤسسات الحكومية. كما تستدعي وقف رفع الشعارات العدائية في جميع شوارع البحرين تجاه المذاهب والعقائد، التي تعطي انطباعاً للسائح بأن أخلاقنا تبدلت واستنسخت بالإقصاء والإرهاب. فمن حق الفرد أن يعبد ما يشاء، ولكن ليس من حقّه أن يأمرني بأن أكون عبداً لمن يشاء. فالأوطان يجب أن تبنى على احترام حقوق الإنسان، بعيداً عن التخوين والتجريم بسبب الانتماءات المذهبية.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3756 - الثلثاء 18 ديسمبر 2012م الموافق 04 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 11:05 ص

      مشاخيل

      أستاذنا العزيز لقد أبتلى شعبنا بعقول متحجرة ونفوس مريضة ، وهي تعمل ليلا ونهارا من أجل تفتيت اللحمة الوطنية بأثارة النعرات الطائفية عبر منابر الجمعة وقبة البرلمان ، والادهى من ذلك بأن ال.... سخرت كل الامكانيات لبث الفتن عبر وسائل الاعلام .

    • زائر 14 | 7:47 ص

      اعتقد ان عدم التفريق في المذاهب

      يجب ان يكون مادة تدرسها المدارس الابتدائيه قبل الثانويه وان يتعلمها المعلمين والمعلمات قبل الطلبه لأنك لو كنت انسان حق فادخل الى المدارسً وانظر الى نظرات الاطفال لبعض وأسلوب المعلمات مع الطلبه حيث اصبح المذهب ميزان وأسلوب يحدد طريقة التعامل معك

    • زائر 13 | 7:44 ص

      حقيقة

      إن التزام الفرد بواجباته امام خالقه تشكل نجاحا محدودا لايتعدى شخصية العبد ولكن ما إن فكر بفرض مايعتقد به على الآخرين فقد يجر الكل لحالة من الإحتقان والإحتراب وعلى العكس من ذلك فإن الفرد الذي يحرص على اقامة علاقة مميزة بينه وبين ربه فلا بد ان يحترم ديانات البشرية اولاً

    • زائر 12 | 3:42 ص

      عن أمير المؤمنين عليه السلام :

      (من نصب نفسه للناس اماما فليبدأ بتعليم نفسه وتأديبها قبل تعليم غيره وتأديبهم) . ولكن الحاصل ان بعض من نراهم في الساحة لم يتأذبوا ولا يأذبون غيرهم الا على التفرقة والحقد والفتن والحسد والشتم والسب فلا حول ولا قوة الا بالله والله يهلك كل ظالم ومسيس المظالم .

    • زائر 11 | 3:28 ص

      صح لسانك

      صباح الخير أخي الفاضل سلمت وسلمت أناملك على ماكتبته وان دل على شيئ فإنما يدل على معدنك الأصيل ومدى حبك لبلدك البحرين. لقد بدا واضحا كم هو الإختلاف في التعامل بين شقي المجتمع البحريني بعد فبراير 2011 حتى كان بعض الأشخاص يعامل أصحاب الديانات الأخرى أفضل مما يعامل به ابن وطنه. وما حدث لإبنك حدث لي عندما كنت لأحدى البلدان الأجنبية عندما سألني أحدهم هل أنت مسلم فرددت عليه بالإيجاب إلا أني بادرته بالقول بأن كيفية معاملتنا هي ديننا فأثنى على كلامي. (محرقي/حايكي)

    • زائر 9 | 3:18 ص

      وزر ذلك يتحمله علماء أمتنا 2

      أما مسألة هذا اليهودي المتحضر في المطار، فما أظن أن كل اليهود مثله، و أرجو أن يكون ممن يناصرون المستضعفين و طلاب الحق - ولو بالموقف - أينما كانوا، و لو في فلسطين، فالتحضر لا يتجزأ، في المطار أو في غيره.
      بقي أن أشير إلى أن وزر ذلك يتحمله العلماء من الطرفين.

    • زائر 8 | 3:13 ص

      وزر ذلك يتحمله علماء أمتنا 1

      المذاهب الإسلامية القائمة الآن دون استثناء إما تكفر الآخر و أما تصفه بالضلال. و لحل هذه المعضلة، فلا بد من الحوار الصريح المكشوف أولاً، و وضع المعيار لهذا الحوار ثانياً.
      من معايشتي و مخالطتي لكل المذاهب الإسلامية و الحوار مع بعضها، لا يوجد أمل في ذلك، فكأن العداء أصبح ديناً يدين به الجميع " لا سيما السنة و الشيعة" ، و التقية الدينية و السياسية و الوطنية ستار زائف لا يريد أي طرف إزاحته. فأنى لأوطان تبنى على احترام حقوق الإنسان، و عقيدة العداء أصل في كيانها!

    • زائر 7 | 3:00 ص

      وزارة حقوق انسان للتلميع والبهرجة

      كما قلت لم نراها تدافع عن من فصلوهم ولا الذين سحبو جنسياتهم تعسفيا وانتقاما.
      شكرا للكاتب وجميع الكتاب

    • زائر 6 | 2:30 ص

      المشكلة حين تغرس في رجال الامن مثل هذا الكلام كيف يصبح الحال

      حين يغذى رجل الامن بعقيدة معينة لها علاقة بالمذهبية فينظر لكل من يحتك معهم على انهم اعداء وليسوا مواطنين هنا تكون الطامة الكبرى لذلك رأينا احد الضباط يتجاوز حدوده ليبصق على احد المعتقلين بعد ان كالوا له وجبة دسمة من الركل والضرب في كل مكان.
      لقد سمعنا مرارا وتكرارا وحتى انه خطاب ممنهج كيل السباب والشتائم لمن يقوم
      بالمسيرات السلمية.
      من يمثل القانون ليس له الحق ان يتعدى على احد من المواطنين لا بكلمة ولا بغيرها او ينظر بنظرة حاقدة على الشعب الذي خرج مطالبا بحقه

    • زائر 3 | 12:24 ص

      التمسك بالغلط والتزوير

      ليس خطأ فقط بل طامة كبري

    • زائر 10 زائر 3 | 3:21 ص

      تعليق رقم 3 الغلط وين

      أريد ان اعرف الخطأ والغلط وين حتى نشوف انت تتكلم بحق او على الفاضي
      وانا اعرف انك تقصد مذهب بذاته

    • زائر 2 | 11:18 م

      طاب صباحك دكتور

      أبو يوسف تسلم هالانامل واللسان الحر الفصيحز كما كنت تدافع عن الخير من صغرك
      تحياتي/ الستراوي

    • زائر 1 | 10:26 م

      و زارة حقوق الإنسان وتكافئ الفرص

      من المستهجن ان وزارة حقوق الإنسان تحتاج لدورات في حق تكافؤ الفرص فالمواطن الشيعي لا فرصة ولا أمل له في التوظيف في هذه الوزارة ولا في وزارة التنمية التي ملحق بها سابقا شأن الحق الإنساني

اقرأ ايضاً