العدد 3759 - الجمعة 21 ديسمبر 2012م الموافق 07 صفر 1434هـ

ذاكرة (10)

عبدالجليل السعد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان في الفريج أخوان اثنان أحدهما يسمى سيد والآخر يسمى كذلك سيد، والفرق بينهما فرق بين السماء والأرض، فسيد الكبير ضخم وله عضلات ويربط قماشة على يده اليمنى وذو عضلات مفتولة وشعر طويل حالك السواد، أما أخوه الصغير فكان عكسه تماماً وهو سيد الآخر فكان قبيحاً ونحيفاً جداً ولون بشرته أبيض مبقع. وكان أغلب الفريج يتنمرون ويعلقون عليه ويستهزئون به، وهذا في غياب أخيه. وكان السيدان يسكنان حجرة في بيت قديم يقع في الطابق العلوي يتم الصعود لها بدرج ضيق. وكانا في حالهما تقريباً ولا تعلم إن كانا في المدرسة أو يعملان أو يساعدان أحد ما في دكان أو صنعة. كنا نخاف من الكبير ونستهزئ بالصغير ما أمكنتنا الفرصة وذلك في غياب أخيه الذي دوماً يصرخ عليه كلما رآه بمناسبة أو غير مناسبة. ولم أعرف طوال حياتي وحتي اليوم من هو أبوه وماذا يعمل ومن هي أمه وهل له من عائلة. كان سيد الكبير دوماً هادئ ويمشي برأس منكس ونظرة وديعة إلا إذا حاول أحدهم أن يشتمه أو يضايقه فترى شيئاً يشبه الشرار من عينيه وهذا هو الذي مازلت أذكره منه، حتى قبل 4 سنوات عندما سألت عنه أخبروني أنه يعمل في شركة كبيرة، وأن أخاه الصغير يعمل في شركة شبه حكومية وأنهما تزوجا وأنجبا الأولاد والبنات، وأن سيد الكبير يسكن بيت مستأجر في الفريج نفسه أي فريجنا.

كل بيوت جيراننا ذات قصص وحكايات وهي من طبائع بيوت المحرق المهمة في تاريخ منطقة المحرق، كما لا نغفل فرجانها ومقاهيها ومعتوهيها ورجالها ونساءها في ثورة حبهم للمنطقة بكل ملوّحتها ومرارتها ومرورتها وذكريات الخير والشر والفرح والحزن فهي المحرق بكل تعصب وحب.

كانت كل نساء الفريج أمهاتنا وكل رجال الفريج أعمامنا وأبهاتنا دون التفريق بين غني أو فقير، لذا كنا بشكل أو بآخر إخواناً وأخوات لكل الأولاد والبنات. وقد حكت لي أمي تأكيداً لهذا المعنى أنني مرضت مرضاً خطيراً وكبيراً ربما الجدري أو الحصبة فهما مقياس الخطورة وقتها. وكانت نجاتي من هذا المرض ضعيفة وكنت صغيراً جداً، فأخذتني أمي ووضعتني في جفير، كما حكت أمي الحكاية لي، ولفت بي الفريج لمن يرغب في أخذي والعناية بي لأعيش وأكون في حظها، فأخذتني امرأة وعشت لديها مدة العلاج الذي شفيت بعده، فأصبحت بعدها ملكاً أو مديناً لهذه المرأة كأمي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"

العدد 3759 - الجمعة 21 ديسمبر 2012م الموافق 07 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:50 ص

      الله يرحمك يابوي

    • زائر 2 | 12:35 م

      الله يعطيك ألف عافية يا ولد السعد و يا وجه السعد

      أخي ولد السعد. ألف عافية علي مقالاتك. كذالك خطاك الشر من المرض و الحاجة و الله يخلي للك أخيك و أمهات الجميع و يرحم من ودعنا ويساهم جناته . استمر علي هذه المقالات الجمالة التي تحكي ذاك الزمن الجميل. الله يستر عليك و الي الإمام يا ربحت هلي الطيبين

    • زائر 1 | 10:14 م

      الله يرحم أيام لول

      أيام لول كانت حلوة جدا لها طعم خاص, وخصوصا فى المحرق الشماء. دكرتني بأيام المظاهرات ضد الإستعمار البريطاني وكيف كان الناس في المحرق كلهم أهل. اتمنى لو تكتب لنا عن تلك الأحداث التي قاوم فيها الأهالي الإستعمار وما كانوا يرددون وما هي شعاراتهم, لكي بعلم الآخرون كيف كانت البحرين سابقا وما آلت إليه. مع احترامي لك. (محرقي/حايكي)

اقرأ ايضاً