العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ

ذاكرة (11)

عبدالجليل السعد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان عليّ عندما أكبر أن أهتمّ بها وأصرف عليها حتى اختارها الله، وفعلاً عشت ووفيت بوعدي لهذه الأم/المرأة بقدر ما استطعت حتى اختارها الله ومازال أولادها إخواني. هل بقي شيء من هذه الطقوس الجميلة والرائعة ونحن لا نقرّ لا للعائلة أو الأمومة أي قيمة بعد خزعبلات الوضع الاجتماعي والمركز والراتب والسيارة، وكل ما حواه قاموس الهروب من واجباتنا وعلاقاتنا الإنسانية.

أعتقد أن السياسة في البحرين إرث يأتينا مع البحر والرطوبة والطين والألعاب الشعبية ربما، وهو قديم بوجود الإنسان والتاريخ والتميز الذي تعيشه البحرين، والحكايات كثيرة وربما يعرفها أو يعيشها ويذكرها كل بحريني بكل وعيه وبساطته وحتى سذاجته. في عام 1965 كان لدينا ولد صغير اسمه اليعقوبي وحدث أن خرج في المظاهرات، وأطلقت عليه أثناء المباراة رصاصة رش أصابت جيبه. وكان لحسن الحظ أنه كان يحمل في ذلك الجيب قفلاً فأصابت الرصاصة القفل، ولما سألتُه لماذا تذهب في المظاهرات ألا تخاف، فأجابني كلا الشعب كله في المظاهرة وأنا من الشعب ولن أتخلف عنها، وكي يتحد كل الشعب. التعبير كان بسيطاً وكبيراً ودلالة على روح أرجو ألا تكون قد غربت مع روح المدنية والتغيير.

كان الفريج والفرجان المجاورة مليئة بالوطنيين البسيطين وغير البسيطين، وربما تحول الكثيرون منا إلى الوطنية لأن جارنا وقريبنا وصديقنا يتحدث في السياسة أو يمارسها وكل أبناء الفريج لابد أن يكونوا صادقين وكلامهم صحيح، هي البساطة وحب الوطن التي انبثقت من حب الجيران والفريج والمنطقة والدولة، أو هذا الترابط السري والقريب من حبل الجنين الذي يربطنا بمجريات الحياة والحدث عى أرضنا.

جاسم ومهنا أخوان يسكنان مع أختهما العزباء وابنة أختهم المتزوجة من رجل فقد نصف يده في البحر والصيد والعمل. كانت أختهم علي مشارف الستين، تربي الدجاج وتبيع بيضه عدا باقي الأعمال من خياطة وتطريز ومساعدة الجيران، أما إخوانها فكانوا يصيدون السمك ويبيعونه في الفريج والسوق. في الستينات وفي حملة البرد والعواصف فقد مهنا مع بحار آخر في البحر لمدة 5 أيام لعدم استطاعته العودة. ولما عاد كان كبطل عائد من معركة ولما سألوه كيف استطعت الحياة في هذه العاصفة والبرد، فقال وبالحرف الواحد «سخنا ماء وكنا نضع أيدينا كي لا تتجمد وندخن سجائر»، حتي أنني استغربت من قصة التدخين وخاصة أنه كان يدخن سجائر لف وبدون فلتر، أما أخوه فكان بسيطاً جداً ولم يتزوج أياً منهم حتى توفوا.

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"

العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً