العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ

إلى أين ستقود سياسة التجاوزات والصفعات؟

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مهما غطينا واقعة الصفعة بالمقالات المتنوعة والمختلفة، إلا أننا لم نعطِها حقها لما لهذا الحدث من أبعاد خطيرة على الشأن السياسي والاجتماعي والأسري. فهذه الصفعة ما هي إلا قطرة من صفعات ورفسات نسمع عنها مِن مَن يتعرضون لها بشكل ممنهج، ولكن لم يكن لها صدى كما لتلك الصفعة المشينة التي تفتقد للإنسانية والذوق العام، كون الرجل لم يشارك في أي أحداث بدليل أنه يحمل طفله البريء على كتفه.

الموضوع ليس حدثاً عابراً كما يعتقد البعض، وإنما قضية كرامة وطن ومواطن، فلا يجوز أن تسحق كرامة البشر بصفته إنساناً والخالق كرمه وأحسن خَلقَهُ، ولو حصل ذلك في بلد يعتبر لحقوق الإنسان أهمية، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتظاهر الناس لإيقاف ومحاكمة «الصافع». فهذه لم تكن من أخلاق البحرينيين الذين يتسمون بالود والمحبة والتكافل والعطف والتسامح بينهم.

إن هذه الأساليب تدفع البلد إلى منزلق خطير وقد تهدد السلم الأهلي إذا لم يتم احتواؤها والسيطرة عليها، فمثل هذه الانتهاكات دفعت رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا إلى الانضمام للمعارضة السياسية السلمية ضد نظام الحكم في جنوب إفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، ومدافعاً عن حقوق الأغلبية من السود، لما تقوم به هذه الفئة من سياسات وخطط تجردهم من حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والإمعان في إذلالهم واضطهادهم وتطبيق الفصل العنصري المقيت ضدهم.

لكنه تغير موقف هذا المناضل من دعوته للمقاومة السلمية، إلى المقاومة المسلحة مع الجناح العسكري للمجلس القومي الإفريقي، حينما شاهد إطلاق النار على متظاهرين عزل في العام 1960، والتطرف في سلب الحقوق بإقرار قوانين عنصرية تجردهم من أملاكهم ومناصبهم وتحظر عليهم المشاركة السياسية بالترشح والانتخاب، والاعتداء عليهم بسبب أو من غيره، وما سواها من الأساليب العنصرية.

توالت الأحداث بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد في عام 1964، بتهمة الخيانة العظمى والدعوة للكفاح المسلح، وفي عام 1985 عُرِضت عليه صفقة إطلاق سراحه مقابل إعلانه وقف المقاومة المسلحة، ولكنه رفض ذلك العرض وقبع بالسجن حتى فبراير عام 1990، ومن ثم أُطلِق سراحه بمبادرة رئيس جنوب إفريقيا آنذاك فريدريك ديكليرك، جراء ضغوطات المجلس الإفريقي المسلح على النظام حتى أصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا من عام 1994 إلى يونيو/ حزيران 2000.

هذه المقدمة كحدث من التاريخ، توضح بأن الظلم لا يدوم والأمور لا تسير بوتيرة واحدة، وأن الدنيا تتغير، خصوصاً حين يمعن الأجنبي في تعذيب أبناء الوطن. حتى في جنوب إفريقيا، ثار الشعب حينما كان البيض ينتهكون حقوق الأغلبية من السود والملونين. وقد كان مانديلا أحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري في بلده، وتصدى للعنصرية بشكل سلمي، حيث كانت فلسفته بداية حول نبذ العنف وطالب أنصاره باتباع المقاومة السلمية ومواجهة المصائب بكل كرامة وكبرياء، إلا أن موقفه تغير حينما وصل الأمر إلى حد لا يحتمل ولا يطاق.

إن الشعوب تصل إلى حالة من الغليان، جراء انتهاك الحقوق واضطهاد وإذلال المواطنين في الشوارع، وحين يصبح رجل الأمن الذي من المفترض أن يحفظ أمن المواطن، يقوم بتجاوزات علنية في الشارع كيفما يشاء وكأن الحياة فوضى.

وخوفي أن يأتي اليوم الذي نتبادل فيه الصفعات على مبدأ السن بالسن والبادئ أظلم.

لا نختلف أن البحريني رجل سلم ولا يحمل الشر والحقد والكراهية في نفسه، ولهذا تَحمّلَ كثيراً من الانتهاكات وتحمل مزيداً من أشكال التمييز الصارخ ضده، فهو لم يبادل من ينتهك حقه بانتهاكات أو إساءات أخرى من جنس هذا العمل.

كمراقبين للوضع، نحذر بأن هذه التصرفات غير المسئولة، قد تؤجج الأوضاع أكثر إذا لم تُوقَف هذه المهازل ضد المواطنين، وهذه التجاوزات المتواصلة والتمييز المستمر سواء على مستوى الحقوق المدنية والسياسية أو التجريد من المناصب وغيرها مما يصب في خانة الفوضى جراء تطبيق القانون في الشارع.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 5:55 ص

      انمسحت كرامتنا في هذا البلد

      يؤسفنا القول كما ذكرت يا بو يوسف انها قضية كرامة وطن ومواطن. لكن الظلم لن يدوم ويوم الاستحقاق قادم لا محالة.
      ستراوي

    • زائر 8 | 2:47 ص

      الهروب

      بدلا من الهروب للامام تحت ذرائع واهية : اجيبوا على السؤال الاهم ؟ ماذا انتم فاعلين في عدم ثقة شركائكم في الوطن ، يعتبركم الكثير خونه ، ورغم تحفظنا على ذلك لكن يجب ان تواجهوا ذلك بمسؤلية ، لقد خسرتم الكثير والقادم اعظم ما لم تفرملوا وتواجهوا الحقيقة

    • زائر 9 زائر 8 | 5:50 ص

      والله ياحبيبي نحن نبحث عن حقوق

      من اراد ان يحرك دماغه ويحلل الامور من عدة جوانب سيدرك بان هذه الثورة عادله ومنا اراد ان يستحمر نفسه ويظل عبد لابد الابدين فسوف يبحث عن ذرائع واهيه لايصدقها العقل البشري.
      التخوين اصبحت كلمه من الماضي لم نعد نقف عنها كثيرا لانها كلمه يستفيد منها العبيد والمتمصلحين والافاكين والاذناب المرتزقه .
      واهم شيء ايماننا بانفسنا ونياتنا ولارجعه لقبل 14 فبراير مهما كلف الامر.

    • زائر 11 زائر 8 | 8:52 ص

      للباحث عن الحقوق

      سيدي مهما صارخت ولعلعت فما تتحدث عنه هو مجرد تحرك طائفي والثوراتلها قانون وليست خاضعة لرغبات وامنيات . اترك عنك الهرار وابحث عن حلول لازمة سيعاني منها ابنائنا لسنيين طويلة قادمة ، واذا كنت مصر ان ما جرى ثورة اذا عليك تحمل ايضا نتائج فشل اي ثورة في وهو القضاء على الثوار

    • زائر 6 | 1:53 ص

      الفاقد للكرامة والحسّ الانساني لا تعني له الصفعة شيء

      هناك من فقد الكرامة والحسّ الانسان فأصبح يدافع عن من يمتهن الكرامة ويحط من قدر بني البشر.
      وهذا ما يجعل هذا الشعب يتحرّك ويبذل الدماء لكي يغير من الواقع المقيت المحطّ لكرامة بني الانسان الذي كرمه الله
      لقد وهب الله الانسان الكرامة وهناك من يريد سلبها منه كما يسلب المال والمادة

    • زائر 4 | 1:31 ص

      شكرا للكاتب القدير

      توصيف قوي لأبعاد التجاوزات والصفعات
      سلمت يداك يا ابناء الأجاويد

    • زائر 3 | 11:58 م

      وما خفي كان اعظم

      انتشار مقطع الصفعة على القنوات الاخبارية بشكل كبير ليس لبشاعة الصفعة وقوتها مثل هذه الصفعات تحدث يوميا وبشكل ابشع منها ... ولكن قوة المقطع اتت بسبب صفع الاب امام عين ابنه دون مراعاة مشاعر الطفولة
      ولو نبشنا موقع اليوتيوب لوجدنا مقاطع اشد ايلاما من هذا المقطع فكم من شاب ضرب ضربا دمويا بشعا خصوصا مع حادثة الشاخورة وكم من حرة اقتحمو عليها الدار دون ستار ولمسو جسدها العفيف ولا ننسى حادثة اقتحام الحمام وبه فتاة تستحم
      هناك قضايا اكبر من الصفعة بكثير ..

    • زائر 1 | 9:29 م

      من يقرأ؟

      من يقرأ هذا المقال؟ هل يقرأه المسئول؟ أتمنى ذلك. ارجو أن يقرأه مرتين و ليعلم بأن من صفع المواطن هو عدو للنظام و عمله هدم للنظام و فعله يسىء للنظام و ليس المعارضين. أعداء النظام من هذا النوع موجودون فى كل مرافق الدولة و ليس عليهم رقيب.

اقرأ ايضاً