العدد 378 - الخميس 18 سبتمبر 2003م الموافق 22 رجب 1424هـ

قراءة في تعميم ديوان الخدمة المدنية

ردا على مقال الباحث القانوني خالد علي أحمد (2-2)

محمد المرباطي comments [at] alwasatnews.com

إن الأفضل ألا نكتفي فقط بآراء النقابيين، والنواب والحقوقيين والسياسيين، وسنتطرق إلى آراء أخرى خارج هذه الدوائر عندما نقلت احدى الصحف المحلية بتاريخ (81/6/3002) موقفا لأحد رجال الدين البارزين بقوله: «مرة أخرى وبصورة حاسمة يتدخل جلالة الملك في تأكيد حق إنشاء النقابات في الوزارات، الموقف أثلج قلوب البحرينيين جميعا. التأكيد الوارد لهذا الحق عزز الرؤية وقطع الجدل الدائر وتلك التعليمات التي صدرت عن ديوان الخدمة المدنية...».

إن هذه الادلة تعطي مؤشرات حاسمة للرأي العام على رفض تعميم ديوان الخدمة وبالتالي لا نحتاج إلى المزيد من الامثلة والحجج والادلة التي اكدت عدم تناسق تعميم الديوان مع جملة التطورات والاصلاحات التي شهدتها المملكة، والتي أكدت أن التعميم جاء في سياق التراجع الديمقراطي والابتعاد عن آفاق المشروع الإصلاحي، واضعاف النقابات العمالية التي يجب دعمها وتطوير امكاناتها لتأخذ دورها الحقيقي في معالجة الكثير من القضايا المطروحة مثل البطالة التي شملت قطاعات واسعة شملت ذوي المؤهلات الجامعية، ويمكننا ملاحظة ذلك من خلال الارقام التي يجري تناولها، إذ تكفي الاشارة هنا إلى ندوة هيئة دعم المعلمين العاطلين عندما طرح رقم (005) مدرس عاطل، كذلك يفترض دعم النقابات لأخذ دورها في معالجة قضايا الفقر ودراسة نفقات ودخل الأسر الفقيرة والاسرة عموما إذ يلاحظ غياب البحوث الميدانية على مدى عشرين عاما لقياس نفقات ودخل الاسرة في البحرين، فهناك مؤشرات واضحة على زيادة انتشار ظاهرة الفقر وتدني الدخل وارتفاع معدلات الجريمة، إذ تشير بعض المعلومات إلى ان 57 في المئة من العاملين في القطاع الخاص تتراوح رواتبهم بين 001 و051 دينارا فقط، وان حجم الاقتراض الشخصي في ارتفاع متزايد، وتفيد بعض المعلومات انها بلغت (164 في المئة) - لاحظ الصحافة المحلية (13/مايو 3002) - اضافة الى هذا من شأن النقابات ان تطرح حلولا عملية لمشكلة تزايد العمالة الاجنبية وانتشارها في جميع المرافق حتى المجالات الحديثة مثل تقنية المعلومات، إذ تشير بعض المعلومات الى انها تصل إلى حوالي (16 في المئة) ويلاحظ كذلك ارتفاع متزايد في نسب الاشخاص الذين تقل رواتبهم عن 051 دينارا ويتلقون مساعدات اجتماعية من وزارة العمل، إذ بلغت بحسب بعض الارقام حوالي (8511324) استفاد منها (40801) اسر بواقع (44602) فردا، وتكون المساعدات بواقع 84 دينارا للاسرة المكونة من 01 اشخاص اي 3 دنانير لكل فرد اضافي، في حين تحسب وفق المعايير الدولية بحيث لا تقل عن 5,11 دينارا للفرد بدلا من 3 دنانير، مع العلم ان الأسر المحتاجة تقدر بزيادة سنوية حوالي 011 بحسب تقديرات الاعوام الماضية. انها بعض المسئوليات التي يجب ان تقع على عائق النقابات إذا امتلكت زمام المبادرة، وامتلكت حريتها وارادتها المستقلة، وخصوصا اننا امام مؤشرات الازمة اذا اخذنا في الاعتبار ان اعداد خريجي المدارس الثانوية والمتسربين تصل حوالي (0497) وقد بلغت خلال السنوات الست الماضية أكثر من 04 ألف شخص.

ان هذه المؤشرات تجعلنا نعتقد انه اصبح على الدولة تحميل القطاعات الاجتماعية جزءا من المسئولية بدلا من وضع العراقيل امامها وتعطيل قدراتها وطاقاتها، من هنا يجب ان تؤسس النقابات الفاعلة والقادرة على المشاركة الاجتماعية في صنع القرار وطرح التصورات والمساهمة في ايجاد الحلول لمختلف المشكلات المطروحة بدلا من الدخول في دوامة التفسيرات بشأن «الانصمام او التأسيس» التي حسمها الباحث توافقا مع الرأي الذي يعطل ويعوق قدرات وطاقات هذه النقابات، وتبريرا لموقفه هذا أخذ يستهين بالمعايير الدولية، وبمنظمة العمل الدولية، واخذ بمنطق ان هذه المعايير والمعاهدات لا قيمة لها، وبالتالي اعتمد نوعا من التهكم ضد الاتحاد العام لعمال البحرين في اشارة إلى نقل الخلاف إلى منظمة العمل الدولية، وهنا لابد أن نوضح، ولربما غاب عنه ان منظمة العمل الدولية تشكل المرجعية الحاسمة في جميع الخلافات العمالية بشأن تشريعات العمل وفق المعايير الدولية التي تحترمها حكومة البحرين، وبالتالي أصبحت مكان تقدير واحترام لمنظمة العمل الدولية، وإلا اصبحت غير مبررة العضوية في هذه المنظمة اذا لم تحترم معاييرها في العمل، وكان على الباحث ان يعود إلى صحافتنا المحلية بتاريخ (71/6/3002) عندما قال نائب رئيس الاتحاد في كلمته امام مؤتمر العمل الدولي: «اثر صدور قانون النقابات العمالية في مملكة البحرين في الرابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي ليعطي دفعة مهمة للتوجهات الاصلاحية التي يقودها جلالة الملك حمد ين عيسى آل خليفة، إذ تشكلت نقابات كثيرة، إلا ان ديوان الخدمة المدنية، وهو جهة حكومية، اصدر في العاشر من شهر فبراير الماضي تعميما لجميع وزارات المملكة يمنع فيه تشكيل نقابات عمالية في القطاع المحكومي - ثم استدرك قائلا - وفي يوم امس الأول الموافق 51 يونيو أكد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حق عمال القطاع الحكومي في تشكيل نقابات عمالية في القطاع الحكومي...».

ان هذا الموقف التاريخي الذي اعلنه جلالة الملك كان مكان اعجاب وترحيب جميع وفود المؤتمر، وعليه نتساءل: لماذا الاصرار على تبرير خلل مرفوض محليا وعربيا ودوليا باعتباره حجر عثرة امام تطور الوضع النقابي في المملكة؟

كنا نتمنى ان يتجنب الباحث المغالطات في سرد الادلة لتبرير صحة ما جاء في التعميم، وعلى السبيل عندما يقول: «وهذه دولة الكويت لم يحصل العامل في القطاع الحكومي على حق تكوين النقابات إلا بعد ردح من الزمن على رغم ان قانون النقابات في الكويت قانون قديم، ولم تستطع منظمة العمل الدولية على رغم مرور هذا الوقت عمل أي شي...».

عجيب امر هذا الباحث المدعي المعرفة أكثر من غيره وهو لا يفقه في ما اورده من معلومات ومغالطات، فالمعروف ان النقابات في الكويت بدأت اساسا في القطاع الحكومي عندما تأسست نقابة العاملين في وزارة الصحة في (51/11/4691) وترافقت مع صدور قانون العمل رقم (83) لسنة 4691 الذي كفل في الباب الثالث عشر حق العمال في تكوين التنظيمات النقابية، كما كفل الحق نفسه لأصحاب الاعمال، وكان اشهار نقابتي وزارة الصحة العامة وبلدية الكويت في (51/11/4691) نقطة الانطلاق والبداية في تأسيس النقابات في الوزارات الاخرى عندما جرى تأسيس نقابة العاملين في وزارة الاشغال العامة والادارة العامة للزراعة والثروة السمكية في (41/2/5691) ثم نقابة العاملين في وزارة المالية والادارة العامة للجمارك في (41/2/5691) ونقابة العاملين في وزارة الكهرباء والماء في (31/6/5691) ونقابة العاملين في وزارة المواصلات في (6/01/8691) ونقابة العاملين في وزارة الاعلام في (5/3/2791) ونقابة العاملين في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل في (62/11/2791) هذا مع العلم بأن اتحاد نقابات العاملين في القطاع الحكومي تأسس في (1/4/5691) اي بعد اقل من عام على صدور قانون النقابات، علما بأن معظم نقابات القطاع الخاص تأسست بعد هذا التاريخ أي بعد قيام نقابات القطاع الحكومي في الكويت، وعلى سبيل المثال فقد تأسست نقابة عمال صناعة الكيماويات البترولية في (72/2/2791) والنقابة العامة لموظفي ومستخدمي البنوك في (41/1/3791) ونقابة العاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والشركات التابعة لها في (21/21/2891).

ان الباحث يجهل هذه المعلومات وبالتالي اختلق معلومات غير صحيحة عن قيام النقابات في القطاع العام في دولة الكويت ظنا منه ان الآخرين لا يفقهون مثله في خلفيات قيام هذه النقابات في الكويت.

اخيرا، أرجو من الباحث ان يسمح لنا بنصيحة، وهي اننا كثيرا ما ندعي ونعتقد فهم الموضوعات والامور مهما صغر شأنها، ولربما إلى درجة الغرور الذي يدخل ضمن مكونات تفكيرنا وممارساتنا اليومية، ولكن عندما نجد انفسنا مضطرين إلى التعبير عنها تعبيرا صحيحا ومتماسكا، نلاحظ ان في فهمنا فجوات كبيرة وافكار غامضة تحتاج إلى المزيد من الايضاح، ولكي نقر بهذا يتطلب منا نوع من التواضع والابتعاد عن ادعاء فهم جميع الامور والاشياء، والقول ان الآخرين لا يفقهون

إقرأ أيضا لـ "محمد المرباطي "

العدد 378 - الخميس 18 سبتمبر 2003م الموافق 22 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً