العدد 3784 - الثلثاء 15 يناير 2013م الموافق 03 ربيع الاول 1434هـ

الشارع السني والجلوس مع المعارضة... ما الذي يمنع؟

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تعودنا أن نرى أيدي البحرينيين متشابكةً متراصةً متكافلةً منذ العشرينيات من القرن الماضي، محبةً للخير والتسامح والتصافح، فما الذي حصل جراء هذه الأزمة التي عصفت بشعبنا لتشتت إخاءنا ومودتنا لبعضنا، ومن الذي زرع الكراهية والحقد بيننا ليشتّت شملنا؟ باعتقادي أننا مازلنا نتحلى بهذه القيم في أعماقنا، وإنما هناك مصالح شخصية فئوية غذّتها بعض الأقلام المأجورة، لبث الفتنة وتخويف بعضنا من بعض، بالتزامن مع بعض الطارئين الجدد الذين يثيرون الإشاعات عن قلب الحكم والرغبة في السيطرة على الحكومة، وغيرها من الخزعبلات والترهات.

كدارسين للوضع القائم، علاقاتنا وترابطنا وأخوّتنا أسمى من كل ذلك الهراء، فكل ما في الأمر أن القوى المعارضة تودّ ترسيخ العدل أساساً للحكم، بعيداً عن الاستئثار بالمال العام والمطالبة بنشر الديمقراطية ووقف التمييز والعمل بالمساواة بين الناس تحت غطاء قضاء مستقل، والدفع بالعمل المؤسساتي تحت برلمان كامل الصلاحيات، يساعد في تنمية البلد اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وما ساعد في هبّاتها بهذه القوة هو ما حدث في بلدان الربيع العربي الأخرى.

مع هذه التوضيح لحقيقة ما جرى، لا يجوز أن نجافي الحقيقة باختراع قصص خيالية ضد الكوادر البحرينية المختلفة (أطباء ومعلمين)، والقوى السياسية (الوفاق ووعد والعمل وغيرها...)، وتجريمهم بأمور سياسية لا يقبلها المواطن العادي قبل السياسي المتمرس. فالواجب علينا كشعب، الرجوع للتصالح والترابط والتآزر فيما بيننا كما تعودنا منذ العشرينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى آخر الانتفاضات في التسعينيات، كون المطالب واحدة، ونتفق على أكثر من 80 في المئة من هذه المطالبات.

من يحاول ضرب الشعب بعضه بعضاً سياسي أناني، وسيفقد مصداقيته وسيخسر أتباعه بعد ظهور الحقائق للجميع، مع علمنا بأن كثيراً من هؤلاء يعمل لنفسه ولديه مآرب شخصية ولا يمثل الشارع السنّي.

ليس هناك مشكلةٌ بأن تجلس مع من عارض سياستك مسبقاً، كونه لا يمتلك حقيقة أمرك، وبعدما توضح له أجندتك المتمثلة في الحفاظ على مدخرات الوطن والدفع بها لتنميته، وتوزيع الثروة على أبناء الوطن من غير أفضلي أو تفضيلية لأحد، سيطمئن لسياستك التي لا يختلف عليها من يعمل لمصلحة الوطن والمواطن.

ومن يشعر بأن المعارضة تريد أن تستحوذ على الحكومة أو لديه هواجس من أجنداتها، فالأفضل الجلوس معاً على طاولة الحوار للاتفاق على المشتركات، والعمل على وضع وثيقة تحفظ حقوق كلا الطرفين بالتشاور والتحاور للوصول إلى اتفاق يحفظ حقوق الشعب. والأمر ليس صعباً ولا يعد تنازلاً من طرف لآخر، وإنما هو نهج للتشاور والعودة إلى بعضنا بعضاً، ففي السياسة ليس هناك صدقات دائمة ولا عداوات دائمة. وإذا نظرنا لمن سبقونا في تشكيل الأحزاب، كلبنان مثلاً، نرى تغير السياسات والتحالفات، كما في حالة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أو رئيس التيار الوطني الحر ميشيل عون. وعلى المستوى الدولي، كانت إيطاليا وفرنسا حليفين لمعمر القذافي وهما أول من عمل على إسقاطه. وكذلك كانت الولايات المتحدة الأميركية تساعد صدام حسين ضد إيران، وهما من بدأ بشن الحرب ضده والإطاحة بحكمه الاستبدادي.

إننا لا نختلف أن حل الأزمة يقتضي مشاركة الشارع السني بكثافة في مشروع الاصلاح الذي تتبناه المعارضة، فالاصلاح السياسي وتكريس الديمقراطية مفيد لجميع أطياف الشعب وفئاته. فلماذا نسمح للطفيليين بزرع العداء بيننا؟ وهل هذه السياسة تخدم مصلحة البلد واستقراره؟ وهل هذه التفرقة تصب في مصلحة الأجيال؟ إن المطلوب من الجميع المشاركة في الحوار، والسياسي الناجح من يتحفز لهذه المبادرة بوضع محاورها وديباجتها للبدء في الحوار نحو الصلح بين مختلف الجمعيات المتعارضة للوصول إلى القضايا المشتركة بالإقناع وليس بالإكراه.

وكلنا أملٌ أن يلتئم الشعب مجدداً ويلتف لتحقيق قضاياه الجوهرية، كما كان في نضالاته السابقة منذ العشرينيات. فليس هناك طرفٌ في غنى عن الطرف الآخر، وكلٌّ منا مكملٌ للآخر كالحبر على الورق، فلولا الحبر لما عنى الورق شيئاً، كما لا يعني هذا الأول شيئاً من دون هذه الأوراق.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3784 - الثلثاء 15 يناير 2013م الموافق 03 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:54 ص

      طاب مساؤك وشكرا لهكذا مقالات

      هذه المقالات المطلوبة في هذا الوقت والتركيز عليها يساعد في لم الشمل ويجعل الدفاع الشعبي أقوى ويحقق ما يرنو له الشعب شكرًا لحكمة الكاتب ومنظوره البعيد

    • زائر 7 | 6:49 ص

      صح الكلام يا دكتور

      زاد عدد السياسيين الانانيين في البلد وقل عدد الوطنيين، بل حتى ما يدعون الليبرالية فاشلين لأنهم يبحثون عن مصالحهم.

    • زائر 6 | 2:03 ص

      احسنت

      صراحة تنحط على الجرح يبرئ هذا هو علاج و الترياق لما تعانيه البحرين من امراض خطيرة.

    • زائر 5 | 1:33 ص

      كلامك منطقي ولكن المناصب والمصالح اعمت العيون

      العمل على خلق مجموعة من الناس متمصلحة من الوضع الفاسد فإنها لا بد ان تدافع عن بقاء الفساد الذي تتغذى وتعيش عليه لذلك يصعب الطلب من هذه الفئة التخلي عن مصالحها في الفساد

    • قلم أسود | 12:29 ص

      بمرور الأيام سنرى التغير وسيندم المتغيرون

      كل من حاول استغلال محنة الناس وماجرى للبلد في الحصول على مكاسب شخصية ولو على حساب كرامة الناس ودمائهم سيلقى المذلة من الله عز وجل في الدنيا قبل الآخرة وسنراك تكتب عن محنتهم قريباً يا دكتور - بس خفف عليهم رحم الله والديك

    • زائر 2 | 11:31 م

      هذا هو عين الصواب

      بارك الله فيك هذا ما يحتاجه الوطن أقلام نظيفة وعقول ناضجة ومفكرة لمصلحته ومصلحة ابناءه ، سلمت يا أستاذ أحمد .

اقرأ ايضاً