العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ

حوار البحرين... حوار «معتق» يبحث عن آذان صاغية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تنطلق مطالب الشارع البحريني من تاريخ نضال طويل طالبت به معظم أطياف المجتمع البحريني منذ مطلع القرن الماضي ووصولاً إلى مرحلة الصحوة العربية التي صاحبت مرحلة الربيع العربي. والمطالب السياسية التي نادى بها البحرينيون لم تحمل يوماً صبغة طائفية لأنها مطالب عادلة تدعو إلى المساواة من خلال مناخ سياسي يحترم التعددية في المجتمع وأيضاً في العمل السياسي. فحركة النضال الوطنية ليست وليدة 14 فبراير وهناك من صفحات التاريخ ما يذكر أجيال اليوم ما قامت به أجيال الأمس في الأعوام 1919 و1923 و1934 و1938 و1954 و1956 و1965 و1972 و1992 و1994 وصولاً إلى 2011.

إن المساعي لتجزئة هذا الحراك الوطني وتصنيفه تحت مسميات فئوية أو طائفية لن يلغي حقيقة الواقع ولا تاريخ هذا الحراك الذي توارثته الأجيال، جيلاً بعد جيل، كما أن محاولة تجزئة الوطن على أسس ضيقة لن يصادر نضالات وتضحيات هذا الشعب بكل أطيافه. لقد ذكرت صحيفة «الوسط» – في تقريرها المنشور يوم الجمعة (25 يناير/ كانون الثاني 2013) – مبادرات عديدة لحلحلة الأوضاع منذ 14 فبراير 2011 وحتى اليوم منها: المبادرة الرائدة لسمو ولي العهد، حوار التوافق الوطني، وثيقة المنامة للجمعيات المعارضة، وثيقة الفاتح، اتصالات بين الديوان الملكي والجمعيات السياسية، اللقاء الوطني، ميثاق اللؤلؤة لحركة 14 فبراير، انطلاق المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني، بيان 44 جمعية لنبذ العنف، وثيقة مبادئ اللاعنف للجمعيات المعارضة، مبادرة المدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان التي أطلقها من داخل السجن الناشط عبدالهادي الخواجة، وثم جاء تصريح وزير العدل يدعو الجمعيات لاستكمال «حوار التوافق الوطني».

الحوار الذي عاد يطرق من جديد أبواب الحديث في الساحة السياسية البحرينية من المفترض أن يلم جميع الأطراف وعلى رأسها الدولة، إذ لا يمكن للدولة أن تستقيل عن المواضيع الجوهرية وأن تقرر تغييب دورها، وأن تقرر لنفسها لعب دور «ضيف شرف» وكأن لا علاقة لها بما جرى في البحرين. إنها طرف رئيسي في المشكلة السياسية التي تعيشها البحرين على مدى عامين، وأيضاً على امتداد مراحل تاريخية طويلة ناجمة عن سوء تقدير وممارسات خاطئة في مقابل استمرار سياسية ناقصة غير متكافئة في ميزان عمل الدولة السياسي.

إن القول بعدم اختصاص الدولة بموضوع الحوار ربما مصدره سوء التباس، وربما يكون نابعاً من ثقافة تجاهل الطرف الآخر وإنكار الواقع. وهذا الإنكار يقتضي أن تنكر السلطة ما يجري وما يحدث من انتهاكات وممارسات غير إنسانية ومعاناة للمجتمع بمختلف صنوفه، وهذا الإنكار يتطور إلى اتباع سياسيات وإجراءات لعرقلة مسيرة الحياة الطبيعية، وغض الطرف عن الانتهاكات الممارسة من أجهزة تسيطر عليها الدولة فقط، وإغلاق الأذان والأعين، وعدم الاستماع لأية وجهة نظر لا تصدر من جهة واحدة فقط يهمها استمرار الواقع على ما هو عليه. هناك من، ربما، لها رؤية مقلوبة للواقع وترى فقط ما تريد أن تراه وتسمع فقط ما تريد أن تسمعه، وتوظف لها من يردد لها أقوالها لعل وعسى يتحول الواقع إلى القصة الوهمية التي تروجها بهدف الاستمرار في إنكار الواقع.

لقد كتب القيادي والزميل الصحافي رضي الموسوي طارحاً عدة تساؤلات مهمة في موضوع حوار البحرين «المعتق» في موقع جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) مقالاً بعنوان «من يعبث بالحوار؟ ومن يجهض الحل السياسي؟» نشر أمس (السبت) في 26 يناير/ كانون الثاني 2013، إذ قال: «السؤال الذي يثيره المواطن البحريني في مختلف المناطق وبغض النظر عن انتمائه المذهبي والسياسي: هل من حوار جدي ذات مغزى يخرج البحرين من أزمتها الطاحنة؟ إذا كان ذلك استكمالاً لحوار التوافق الوطني، فإن ذلك الحوار قد تم اختطافه لحظة انطلاقه. فقد كان حفلة علاقات عامة بامتياز. وحين ألقى رئيس الحوار خطابه الختامي لخص ما جاء في خطابه الافتتاحي من أن كل المرئيات المتوافق عليها وغير المتوافق عليها سترفع لجلالة الملك، فقد جزم بأن ما سيرفع فقط المرئيات المتوافق عليها، وفي هذا نقض للعهد الذي أطلقه رئيس الحوار. من يريد حواراً جاداً لا يقمع مسيرة تم الإخطار عنها... من يريد حواراً جاداً لا يناور في الإعلام بطريقة كشفت مدى الجدية والمغزى من حوار لا يتمثل فيه صاحب القرار: الحكم... من يريد حواراً جاداً لا يلهث من أجل تصوير الأزمة السياسية وكأنها تطاحن طائفي بين فئات المجتمع البحريني ويبحث عن فرصة يبرز فيها ما يشبه صراع الديكة».

وأضاف الموسوي الذي يعبر عن وجهة نظر المعارضة البحرينية أن «المعارضة السياسية قالت كلمتها ورحبت بالحوار الذي دعت له وزارة العدل على أسس وأجندة واضحة. حوار يضع بلادنا على سكة الحل الدائم يجنبها ويلات التجاذبات الإقليمية التي تعصف بالمنطقة. وهذه قناعة تامة لدى المعارضة، بخلاف التكتيك الذي صرحت به وزيرة الدولة لشئون الإعلام والذي يهدف إلى تقطيع الوقت والقفز على الاستحقاقات الواجب تنفيذها من قبل الحكم كتوصيات لجنة تقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان».

إن الحوار ينبغي أن يكون مع من يملك سلطة اتخاذ القرار وليس مع أحد آخر، ويجب أن ينتهي بنتائج يتوافق عليها شعب البحرين وليس بتقسيم الشعب وتجزئته لصالح استمرار وضع أعوج نحن في البحرين في أمس الحاجة لتصحيح هذا الاعوجاج مهما كلف الطرف الذي يتهرب من الاعتراف بأخطائه ويصور الوضع الداخلي على أنه تطاحن طائفي. كما أن عدم الاكتراث بحقيقة الواقع الذي نعيشه في البحرين قد يضيع الفرصة تلو الأخرى.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:58 ص

      Panadol

      حوار من النظام مع الشعب او الجمعيات المعارضة صعب يتحقق \nالحوار له اهداف و متطلبات و حقوق لا يستطيع تنفيذها النظام لشعبه !!\nبينما هذه الحقوق و المطالب من المفترض ان تكون للشعب منذ مئات السنين و للأسف نشاهدها الان لدى الأجانب و ....في البلد نفسه !!\nفكيف تحققت مطالبهم ولا تلبى مطالب الشعب نفسه !؟\....

    • زائر 6 | 3:41 ص

      الحوار=معارضة +حكومة

      بدون ذلك لا حوار انما هو خوار او حمار او هرار

    • زائر 5 | 2:09 ص

      فاطمه

      الشعب لا يستسلم لايريد حوار من غير تلبيه شروطهم . حوار مع من النشطاء والحقوقين والرموز المعذبين في قاع السجون او المعارضين المشتتين في الخارج وسحب جنسايتهم .

    • زائر 4 | 1:50 ص

      ضجيج

      أسمع ضجيجا ولا أرى طحنا. هذا هو حال الحوار الذي يخرج لنا من السلطة بين الفينة والأخرى.

    • زائر 3 | 1:30 ص

      رحم والديك ذكرت بما يجب ان يتذكره الجميع

      ما حصل في 14فبراير هو تراكمات لسنين وما سوف يحصل في المستقبل هو حصيلة كل تلك التراكمات البعض يسخر من هذا الكلام ولكن هذا اليوم قادم لا محالة فالاحباط وفقدان الثقة وزرع الكراهية والحقد الذي يحصل الآن يمهد الى حدث اكبر من 14 فبراير سوف يفوق التوقعات وبذلك سوف يأسف البعض على لعبه بكلمة الحوار ومحاولة استغلالها الاستغلال السيء. كما كان قبل 14 فبراير هناك من كان ينصح السلطة ويتمنى عليها حلحلة الملفات العالقة ولكن هناك من يسخر من هذا الكلام الى ان دق الفأس في الرأس

اقرأ ايضاً