العدد 3801 - الجمعة 01 فبراير 2013م الموافق 20 ربيع الاول 1434هـ

محاورة أصحاب «حصان طروادة»

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قرر الثعلب ذات يوم وبنصيحة من صديقه ابن آوى أن يتبع أسلوباً جديداً في التعامل مع الدجاج الذي يسيل لعابه للحمه الشهي كلما رأى مجموعة منها في أحد مزارع القرية. وبدا هذا الأسلوب يدور حول الاتفاق مع مجموعة المزارعين بالمنطقة التي يعيش فيها الثعلب، بأن يقوم ومجموعة من أقرانه بحراسة مزارع الدجاج من أي عدوان، خصوصاً من الكلاب الضالة التي يكثر تواجدها ليلاً قرب الموقع. وصدق المزارعون اقتراح الثعلب وبدأت الجولة الأولى من المباحثات للوصول لأفضل أنواع الاتفاقات بين الطرفين.

نتذكر مثل هذه الحكايات ونحن نتقاذف الكلمات هذه الأيام بشأن ما يُطلق عليه «حوار التوافق الوطني»، لاسيما أن جزءاً له حجمه السياسي من القوى الوطنية الفاعلة في الساحة المتضرر الأول منذ سنتين من كل ما حدث، يقبل الدعوة لما ذُكر أعلاه ببرنامج عمل منسق ودون شروط، حتى إطلاق الرموز لم يذكر، بينما ما يُطلق عليه ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية، أو كما سمته إحدى المدونات «ائتلاف الجمعيات الموالية»؛ وضع أحد عشر بنداً أمام أي لقاء، ما اعتبره الكثيرون شروطاً تعجيزية. وهذا ما دفع رئيس تجمع الوحدة، وهو يدافع عن ائتلاف الجمعيات (الذي يضم جمعيته إلى جانب 9 جمعيات أخرى) إلى إنكار طرحهم أي شروط للحوار المقبل قائلاً: «إن النقاط الإحدى عشرة التي تضمنها البيان الصادر عن ائتلاف الجمعيات لم تكن شروطاً، لكن هي نقاط تُعبر عن وجهة نظر الائتلاف إزاء القضايا المطروحة، وهذه النقاط تهدف إلى تهيئة الأجواء قبل الحوار». لكن المتتبع للشأن البحريني يقول إن من يسعى لتهيئة الأجواء لا يطرح تلك «النقاط»، والتي لم تعد شروطاً كما قيل، باقتباس كلي من نفس روح وشروط ما طرحه التجمع نفسه في 30 مايو/ أيار 2011، وأُطلق عليه آنذاك البيان رقم (37) وتمت عنونته بـ «بيان تجمع الوحدة الوطنية حول الأوضاع بعد إنهاء فرض السلامة الوطنية»، أي الطوارئ.

في ذاك البيان كانت هناك ستة مطالب، منها ضرورة الاستمرار في محاسبة جميع المتورطين في الأحداث التي شهدتها البلاد وتطبيق القانون على كل من أجرم في حق هذا الوطن وشعبه، ورفض أي تساهل في تطبيق العقوبات التي يحكم بها القضاء أو اللجوء إلى العفو الذي تكرر كثيراً ولم يزد المخالفين إلا عتواً واستكباراً في الأرض وإفساداً فيها! (لاحظوا استخدام التعبيرات القرآنية). وهذا نفس المكرر في تاسعاً من البنود الجديدة، ولا كأن شيئاً تغيّر في البلد وفي شعور هؤلاء.

أضف إلى ذلك، حتى الآن لم توضح هذه الجماعة من الذي أجرم فعلاً في حق شعب البحرين وألقى بزهرة شبابه بين المعتقلات والتعذيب والموت، دون أن يحاسبوا أو يطبق القانون عليهم. كما طالب بيانهم بإيقاف جميع أنواع العنف، ولم يوضحوا من الذي مارس العنف الحقيقي وما هي آثاره الجسدية والمادية على الشعب الذي تحدثوا بعموميته وليس خصوصية لفئة منه، ووقف الحملات الإعلامية المغرضة والمضللة التي تمارسها جمعية الوفاق ومن معها وذلك لتهيئة البيئة المناسبة للحوار.

وهي النغمة نفسها التي وردت في النقاط الإحدى عشرة الحالية، وإن حذفت منها الأسماء، حيث ذكر البند الأول بأن توضح جميع الأطراف المشاركة قبل الحوار موقفها من وقف العنف الموجه للشارع ولرجال الأمن ونبذه وإدانته، وعدم توفير التغطية السياسية للمخربين والخارجين على القانون. أي أن العنف في البحرين عند هؤلاء له وجه واحد وموجِّه واحد فقط، ويبدو أن هؤلاء لم يستمعوا قط لموقف «أم سلطان»، وهو منتشر إعلامياً، وتوصيفها للعنف ومن الذي يرتكبه على الأرض.

وليت هؤلاء بقوا على موقفهم المشرف بداية عندما أطلقوا كلمة حق قبل عام ونصف في مطالبهم الستة إياها حين أكدوا «إننا نحمل نظام الحكم مسئولية عدم التعاطي مع المطالب الشعبية المشروعة في سبيل تطوير التجربة الديمقراطية». ولكنهم سرعان ما نسوها ولم ترد ضمن بنودهم الحالية لتكون قاعدة وأرضية مشتركة بينهم وبين المعارضة. بل مازالوا يحملون فكر ما صرحوا به حول «حصان طروادة» الذي مثلوا به المطالب الشعبية المشروعة واعتقدوا بأن المعارضة الوطنية هي التي ركبت حصان المطالب الشعبية (طروادة) في سبيل الانقضاض على نظام الحكم والشرعية السياسية والوحدة الوطنية على حساب مكون أساسي من مكونات هذا الشعب الذي خرج في ساحة الفاتح معبّراً عن رفضه للدعوات الإقصائية التي قام بها هؤلاء في دوار مجلس التعاون. ولسنا ندري لماذا هذه المحاصصة المذهبية المقيتة التي لا نتمنى أن يدخل بها هؤلاء الحوار، وإلا لن يكون هناك تقارب بينهم وبين المعارضة التي لا تكوينها ولا برنامجها ولا دعواتها العلنية في كل مسيرة أو اعتصام تتحدث بهذا النفس الغريب. كما نتمنى أن يصرّ هؤلاء على البند السابع في مطالبهم الجديدة وهو «استمرار جميع الأطراف في الحوار للوصول إلى النتائج التي تحقق الأمن والأمان والاستقرار والإصلاح المستمر».

أما ما يثير الاستغراب فهو التصريحات لصحافة خارج البلاد لنعرف منها ماذا يدور في البحرين، وإلا ما معنى أن كل تصريحات الحوار وتعديلاته شبه اليومية لا تصدر إلا من صحيفة الشرق الأوسط فقط على لسان المسئولين في البحرين؟ فهل الصحيفة هي المراقب لهذا الحوار أو الطرف المنسق له؟ ثم من يدير الحوار ويرتب له؟ وفي آخر التصريحات أن الحكومة لن تكون طرفاً مقابل أي طرف آخر. فهل يفترض التصريح أن ستكون «هوشة» في موقع اللقاء حتى أن الحكومة ستقف على الحياد ولن تتدخل بين الطرفين «لفك المتهاوشين»، وإلا ما هي الحكاية تماماً بين حصان طروادة وتصريحات النأي (بالنفس) الحكومي عن «الهوشة»؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3801 - الجمعة 01 فبراير 2013م الموافق 20 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:38 ص

      كل من عنده مطالب فليحاور الحكومة وهي تحاور المعارضة

      فهي من يمتلك مقدرات البلد اي الحكومة ومعارضة المعارضة جزء من الحكومة وبدون لف ودوران.

    • زائر 1 | 12:01 ص

      إن طالبتم طالبنا= يحملون ملفات واهية لكي يوقفوا بها مطالب محقّة ودامغة

      تجمع الفاتح حمل هذه المطالب لغرض معين وهو حتى لا تقوم المعارضة بطرح مسألة محاسبة المسؤلين عن قتل عشرات المواطنين الذين فاق عددهم المئة وهذه احدى القضايا التي يجب ان تطرح على طاولة الحوار فكيف يتم التخلص منها؟ هم يعتقدون عن طرحهم هذا يجعلهم يقايضون هذه بتلك فإن طالبتم بمحاكمة المتسببين بقتل المواطنين فسنطالب نحن ايضا بهذه الفبركات والترهات.
      هذا هو القصد والا فليس لهم قضية تستند على ركيزة ثابة تصمد امام نقد الناقدين

اقرأ ايضاً