العدد 3816 - السبت 16 فبراير 2013م الموافق 05 ربيع الثاني 1434هـ

من يسرق أموال البلد؟

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

الإجابة عن السؤال الوارد في العنوان: «لا أحد؟!». بل ربما جاز لنا أن نقول أصلاً إن السؤال في أساسه خطأ في خطأ! فليس هناك أية سرقة لأموال البلد ولا أوجه فساد ولا تلاعب ولا عبث بالمال العام!

من يسرق أموال البلد؟ في حقيقته، سؤال من قبيل «طمبورها»! وأكثر ما يصيبنا كمواطنين بالحيرة والقلق، أن نؤمن بعبارة: «يوجد فساد... لكن لا يوجد مفسدون».

كيف ذلك؟ أقول إن الكثير من المواطنين وأنا منهم، يعلمون أن ديوان الرقابة المالية والإدارية أصدر حتى الآن تسعة تقارير سنوية يشيب لها رأس الطفل – كما يقولون – لشدة ما فيها من معلومات مهولة مذهلة حول التلاعب بالمال العام! ويا حسرة على تلك التقارير التي بذل فيها الديوان، مشكوراً بلا شك... مقدر الجهد بلا ريب، فهي – أي التقارير - تصبح مجرد حبر على ورق، في حين أن الوطن والمواطن على حد سواء، ينتظران أن ينال كل من عبث وتلاعب واستهان وتستر ولعب لعبته الدنيئة في أموال الشعب جزاءه الشديد الذي يستحقه... ووفق القانون.

وقبل أن استعرض بعض المحاور «الفسادية»، بودي أن ينتقل معي القارئ الكريم إلى شكل من أشكال الرفض الشعبي للفساد على مستوى الخليج العربي، فقد شارك الآلاف من المغردين الخليجيين في حملة أسموها «كلنا مفسدون»، ومن بين أولئك المغردين، الزميل المغرد والكاتب محمد العمري، ومما كتبه ساخراً: «لا أدري لو قُدّر لي يوماً أن أمسك منصباً من فئة «معالي» فهل سأكون فاسداً أم لا؟ وهل سيتجرأ زميلي حينها «معالي رئيس المكافحة» على وصمي بالمفسد؛ وبالتالي محاسبتي، أم أن الزمالة التي ستربطني به يومها ستجبره على غض الطرف عني والاتجاه إلى موظفي إدارتي الصغار والتنكيل بهم»!

أنا الآن مجرد موظف عادي، والكلام للعمري، وليست لدي أية فرصة «للفساد» بمعناه المتعارف عليه، وليس من صلاحياتي توقيع عقد بالملايين ولا الإشراف على أية مناقصة أو حتى التعاقد مع خبير ولا حتى مدرب لياقة أجنبي. كل ما يمكن أن «أفسد فيه» أشياء بسيطة، مثل مكنة التصوير التي أستغلها أحياناً لتصوير صفحات من كتاب الطهي لزوجتي «الفاسدة»، التي لا تحترم حقوق مؤلفة الكتاب «الفاسدة»، التي سرقت أغلب الطبخات من منتدى «حواء»، كما أقوم بتصوير بعض نماذج الاختبارات لأبنائي «المفسدين» الذين استطاعوا إقناع مدرسهم «الفاسد» بتزويدهم بمجموعة من الأسئلة التي لن يخرج عنها الاختبار، تحت نظر مدير ومالك المدرسة «المفسدَيْن» اللذين لا يهمهما سوى زيادة الأرباح. (انتهى الاقتباس).

هل يكمن الحل في إصدار التقارير الكاشفة للفساد والمفسدين، أم ملاحقتهم مهما كانت منزلتهم (الرفيعة في عالم الفساد)؟ ببساطة... سحبهم من آذانهم وتقديمهم إلى المساءلة القانونية ومن ثم إلى القضاء ليقول كلمته فيهم. وهذا ما طرحته حلقة نقاشية نظمتها الجمعية البحرينية للشفافية يوم (28 يناير/ كانون الثاني 2013) طالبت بضرورة قيام الحكومة والسلطة التشريعية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة بتشديد القبضة على الفساد والمفسدين وفق ما ورد في التقارير التسعة من تجاوزات ومخالفات، مجمعين على «الخطورة الكارثية» لتجاهل حجم الفساد وتجميد التقرير في الأدراج، مع استمرار العبث بالمال العام وحماية المتورطين.

مع شديد الأسف، يبدو أن هناك تهاوناً واضحاً في ملاحقة الفساد والمتورطين فيه، ولا ندري لماذا تتهاون الدولة مع أعدائها وتغض الطرف عنهم! نعم، هم أعداء الدولة وأعداء المواطنين ولن نقول إنهم أعداء الدين «وإن كانوا كذلك»... فالذي يسرق أموال شعب ويعبث به هو بلا دين قطعاً!

حسناً... يستطيع أي مواطن أن يدخل على موقع ديوان الرقابة المالية والإدارية على شبكة الإنترنت ويشاهد الشريط المتحرك في زاوية أخبار وحوادث أعلى يسار الصفحة و (يمكن للمسئولين أيضاً أن يدخلوا إن أرادوا!)، ليقرأوا فيه، على سبيل المثال: «أغلب الجهات الرسمية لا تعرض وثائق مشترياتها على مجلس المناقصات»،... و «ممتلكات» ضخت 315 مليون دينار لـ «طيران الخليج» و «الحلبة» دون دراسات جدوى...»! و «سوق العمل» لم تتسلم رسوم تجديد تصاريح عمل بقيمة 7 ملايين دينار... «تنظيم الاتصالات» تحتفظ بفائض 1.2 مليون دينار من دون تحويله لـ «المالية»... «بابكو» تمرر مشاريع بـ 70 مليون دولار دون أخذ موافقة أصحاب الأسهم... والكثير الكثير الكثير.

أما في باب «الخطة الاستراتيجية»، يمكننا أن نقرأ عبارة غاية في الروعة تقول «رسالة الديوان... التحقق من سلامة ومشروعية استخدام الأموال العامة وحسن إدارتها»... يا جماعة! أفرحوا قلوبنا بتقديم المفسدين إلى المحاكم.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 3816 - السبت 16 فبراير 2013م الموافق 05 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 6:11 م

      حاسب نفسك قبل ما تحاسب الناس

      يا أخوه الموضوع نعم شائك لكن المحاسبه يجب أن تبدء من نفسك ومن بيتك والدائرة تتسع حينها نستطيع أن نحاسب

    • زائر 12 | 1:56 ص

      لا يمكن محاربة الفساد

      فوجد الفساد و السرقة بالدولة موجود و القليل موثق دون وجود مفسدين او سراق
      عجبا فهل يسرقون وفق الضوابط القانونية ام هم من المجهولين الذين يسرقون اسواق 24 ساعة مع تصويرهم بالفيديو فيبقون مجهولين للابد

    • زائر 11 | 1:47 ص

      والله ما مباه

      جاري واستاذي وحبيبي بومحمد الصحفي المميز اللي اناكفه واختلف وياه واهاوشه من سنين وهو لا يزال حبيبي.. عن الفساد باقول لك شي على لسان الحكومة:
      والله مامباه.. تمبينه
      والله مامباه.. تمبينه
      والله مامباه.. تمبينه
      وشكراً لكل المفسدين الشرفاء في الوطن واحترامي للحرامي صاحب القلب العصامي.. احترامي للي ما يبي حكومة ننتخبها وما في عزمه حتى استفتاء شعبي فوق خشمه.. واحترامي للي قاعد يشرب القهوة امامي

    • زائر 10 | 1:42 ص

      البلد في خطر هدأوا شوي

      اخوي سعيد.. تقبل تحياتي.. آنه اختلف معاك.. صحيح انك انسان من الكتاب البحرينيين اللي نتشرف فيهم وحملتو اسم البحرين في محافل اعلامية دولية ولكم مكانتكم في قلوبنا وحققتو اشيه وايد.. لكن ياخوي ما في داعي للموضوعات اللي فيها تحريض وتأجيج للمواطنين... الحكومة تحاول تصحح الوضع والمختلسين والمفسدين لابد ينالون جزاهم.. لكن تخيل الشباب من عيال البلد لو قرأوا مقالك شيصير فيهم..اكيد راح يتأججون ويقضبون وهالقضب ردة فعله تدمر البلد.. نرجو منكم طرح مواضيع تساهم في التهدئة البلد في خطر

    • زائر 6 | 11:46 م

      ديوان الرقابة المالية والإدارية مثلها وزارة حقوق الإنسان وغيرها

      حبر على ورق للتمظهر فقط. المواضيع الأهم التي يشيب لها الرأس هي الأمور الإدارية التي ليس لها معيار هي أساس كل الإخلال في الأموال.

    • زائر 5 | 11:29 م

      نعم لمكافحة الفساد

      ياستاذنا الفاضل هذا يكون لو كان فى البلد برلمان قوى له كلمة ويملك قرار يستطيع ان يحاسب الفاسدين .

    • زائر 4 | 11:08 م

      يا مجيب المضطر

      لو قدّر لأموال الشعب أن تصل بالعدل لأكلنا. وشربنا وبنينا واصبح حالنا افضل من سويسرا والامارات وقطر .. اموال الناس ذهبت سدى منذ عام 1932 والاموال تصب في خانات غير صحيحة وجيوب ضيقة لا تعرف شرع الله ونهيه .( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )

    • زائر 2 | 10:53 م

      حاميها حراميها

      الله يغربل بليسك يا ابواسعيد ما تدري منهوا باق البلد أنا نفسك ما ادري

    • زائر 9 زائر 2 | 1:36 ص

      أنا لدي الجواب يا اخواني

      أنا عندي الجواب يا اخواني الكرام.. لا انت يا زائر 2 ولا الكاتب يدري من يبوق الفلوس ولا أنا أدري.. بس اللي اعتقده والله أعلم أن هناك فأرة من نوع خاص.. تقرض في هالملايين من أموال الشعب وتقرض وتقرض وتقرض.. وتفتفتهم وتالي تسويهم على هيئة كشبار وتقعد عليهم، وتحول القشبار الى مشاريع تنموية ماضية في مشروع ضخم من الرخاء والنهضة والخير لكل أبناء الشعب..فعاشت الفأرة وسحقاً للقط المندس الذي يريد أن ياكلها ويحرمنا من أمانتها وخيرها.. شكراً استاذ سعيد محمد يا ولد الغالي المرحوم بوسعيد

    • زائر 1 | 10:29 م

      كلمل سرقوا...

      اقول استاذ سعيد... انت ما تدري انهم كلما سرقوا جاعوا وكلما جاعوا سرقوا

اقرأ ايضاً