العدد 3826 - الثلثاء 26 فبراير 2013م الموافق 15 ربيع الثاني 1434هـ

الجبالي... نموذج رئيس وزراء الربيع العربي

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ولد حمادي الجبالي في مدينة سوسة بتونس العام 1949، والتحق بكلية الهندسة لدراسة الهندسة الميكانيكية في جامعة تونس، ثم انتقل منها إلى جامعة باريس لدراسة الماجستير في الطاقة الجهدية الضوئية ليصبح مهندساً أولاً في الطاقة الشمسية، ما دفعه لتأسيس شركة مختصة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح اللتين تعتبران من أهم مصادر إنتاج الطاقة المستدامة، وبديلاً أساسياً للنفط الذي يعتبر لدى المختصين والمهتمين بشئون البيئة وعلمائها من أهم ملوثات البيئة والاحتباس الحراري وتآكل طبقة الأوزون.

التحق بمؤسسات حركة النهضة التونسية، وخصوصاً المؤتمر ومجلس الشورى منذ بداية الثمانينيات. طالته حملة الاعتقالات التي شنها الحبيب بورقيبة ضد الإسلاميين في تونس، وكذلك الرئيس المخلوع (زين العابدين بن علي)، بتهمة نشر مقالات تنال من هيبة الدولة وتحرّض على العصيان المدني ومحاولات قلب نظام الحكم، وحُكم عليه بالسجن 16 عاماً قضى منها عقداً من الزمن داخل السجن الانفرادي.

كلفه الرئيس المؤقت آنذاك المنتخب المنصف المرزوقي رئيساً للوزراء في 13 ديسمبر/كانون الأول 2011، وكانت حركة النهضة قد فازت بأغلبية المقاعد بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي العام 2011.

السيد الجبالي قدّم استقالته من المنصب يوم 19 فبراير/شباط 2013 من رئاسة الحكومة، بعد رفض الأغلبية المتمثلة في حركة النهضة الإسلامية المنتمي لها وأمينها العام، والمؤتمر من أجل الجمهورية مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط.

يحظى رئيس وزراء تونس بشعبية كبيرة لدى الأوساط الشعبية بشتى مشاربها، وارتفعت هذه الشعبية بشكل مضطرد عندما استقال من منصبه، وحينما حاول تغيير مفهوم حكم القطب الواحد وانتزاع رداء الشرنقة الإسلامية الملتفة حول رقبته لتشكيل الحكومة.

تفهم أن الحكم الشمولي لم يعد يصلح للبلدان لتسيير أمورها، فهذا زمن المشاركة في تشكيل الحكومات وليس وزارات تحتجز لصقور وأخرى لحمائم، وهذه سيادية وأخرى عادية.

في منظوره هذه التقسيمات لا تصلح لزمن الربيع العربي وعصر الديمقراطيات، فلهذا حاول جاهداً العمل على تشكيل حكومة تكنوقراط تشارك فيها جميع الأطراف المكونة للنسيج الشعبي ومن جميع الأحزاب بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والعقائدية.

مع إنه ينتمي إلى حزب النهضة الإسلامية وأمينها العام، إلا أنه لم يتعصّب لحزبه ويتقوقع تحت اللحاف الإسلامي خوفاً من خسارة المنصب، كما يفعل كثير من السياسيين الذين يصلون للمركز بمساندة الحزب.

عصر الربيع العربي يتوق لرئيس وزراء لا يستفرد بالسلطة والقرار، وهذا ما دفع الجبالي للتشاور مع جميع الأحزاب لتقديم حكومة ائتلاف من جميع ممثلي الشعب.

الجبالي أصرّ على موقفه أكثر من مرة حينما طلب منه أن يتولى السلطة مجدداً، ورفض تشكيل الحكومة على مقاس مصلحة الحزب والاستئثار بالسلطة وما خلفها من مغانم، وأراد أن تكون حكومة إصلاح وطني شامل، وليس بمقاس تفصيلي حسبما تراه الأحزاب ذات القطب المتشدد المنتمي للسلطة في كثير بلدان العالم العربي والإسلامي.

يعتبر سياسياً من الدرجة الأولى، وبلغت شهرته الآفاق ولمع بريقه لدى كثير من التونسيين، عندما اعتذر للشعب التونسي بعد الاستقالة من منصبه الكبير الذي تخلى عنه طواعيةً بكل عزة وكرامة، ولم يهزه بريق المركز ولا أمجاد السلطة وعوائدها.

هذا الفريد من نوعه في عالمنا العربي يعتبر مصلحة الوطن فوق الحزب وفوق الاعتبارات الأيدلوجية، وأن الأوطان في مفهومه المستنير تعلو على المناصب.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3826 - الثلثاء 26 فبراير 2013م الموافق 15 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:58 ص

      مثالاً يحتدى به

      هذهِ هي الديمقراطية الحقّة

    • زائر 3 | 11:38 م

      في الخليج غير ما تطلبه يا أخي- لا يصح هذا الكلام

      تفهم أن الحكم الشمولي لم يعد يصلح للبلدان لتسيير أمورها، فهذا زمن المشاركة في تشكيل الحكومات وليس وزارات تحتجز لصقور وأخرى لحمائم، وهذه سيادية وأخرى عادية. في منظوره هذه التقسيمات لا تصلح لزمن الربيع العربي وعصر الديمقراطيات،

    • زائر 1 | 9:40 م

      الجبالي و محمد سوار الذهب

      يذكرني هذا الموقف الشهم والشجاع بالسوداني محمد سوار الذهب ،، تركا الذهب وهو المنصب لغيرهما بعد مدة قصيرة .
      نحن وااااه بحاجة لهذا النوع من التفكير / الموضوعية / وهو أن تحب لاخيك ما تحب لنفسك . لقد كبر الوزيران في نظر شعبيهما .

اقرأ ايضاً