العدد 3842 - الخميس 14 مارس 2013م الموافق 02 جمادى الأولى 1434هـ

البطالة والأمن... نقاط محورية تونسية للحوار الوطني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بالمقارنة مع سورية ومصر واليمن وليبيا، تميّز التحول التونسي إلى الديمقراطية، على رغم أنه في مراحِله الناشئة، بهدوء سياسي أسطوري.

تتغير المناصب الحكومية هذه الأيام في تونس مع مرور كل ثانية، ويحتاج المرء إلى تركيز كبير ليبقى على علمٍ بالأخبار كافة، حيث تنحلّ التحالفات وتتشكل تحالفات جديدة ويتم تجديد ائتلافات قديمة.

من الصعب في جو دينامي كهذا تحديد مصالح مشتركة كأساس لحوار وطني. إلا أنه على رغم النزاعات السياسية أو المراتب الاقتصادية، يستطيع التونسيون التوحد بشأن رغبة مشتركة في أوضاع أمنية فضلى وفرص عمل متزايدة.

صوّت التونسيون يوم (23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011)، برباطة جأش مثيرة للإعجاب لحكومة ائتلافية عُرِفَت بـ «الترويكا» بقيادة حمادي جبالي من حزب النهضة كرئيس للوزراء، ومصطفى بن جعفر من التكتل كرئيس للمجلس التأسيسي الوطني، ومنصف مرزوقي من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية كرئيس.

وعلى رغم وجود انتقادات شعبية من قبل أحزاب المعارضة وأنصارهم لصعود الحكومة الجديدة إلى السلطة؛ كان العديد من التونسيين على استعداد لإعطاء فرصة للعملية الديمقراطية التي أتت بهذه الأحزاب إلى السلطة.

إلا أنه وفي (6 فبراير/شباط 2013)، اهتز الميزان السياسي مرةً أخرى عندما أطلِقَت النار على شكري بلعيد، المحامي البارز والعضو القائد في حزب الجبهة الشعبية التونسي اليساري، والناقد المتحمّس لحزب النهضة الحاكم، فقُتِل أمام منزله في تونس. تجمّع عشرات الألوف من التونسيين، سلميّاً في معظم الحالات أثناء جنازة بلعيد في تونس، بينما استمرت الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية المتردّية والأوضاع الأمنية عبر البلاد، وخصوصاً في قفصة وصفاقس وسيدي بوزيد، المكان الذي يفترض أن الثورة بدأت منه العام 2010. ولم يُعرّف بعد من هو المسئول عن مقتل بلعيد.

بعد اعترافه بفشله في تشكيل حكومة غير حزبية من التكنوقراط، والتوسّط في الجمود السياسي في بلده، استقال رئيس الوزراء حمادي الجبالي من الحكومة.

قال وزير الداخلية السابق والعضو في حزب النهضة، علي العريض، والذي تم تعيينه رئيساً للوزراء، للشعب التونسي: «سوف ندخل مرحلة تشكيل حكومة جديدة ستكون لجميع التونسيين، رجالاً ونساءً، تأخذ في الاعتبار حقيقة أن الرجال والنساء لهم حقوق ومسئوليات متساوية». وهم على وشك إعلان نتائج التغيير الوزاري الذي سيحدّد أدواراً جديدة للوزراء الحاليين والقادمين.

بالنسبة إلى الكثيرين، «الحقوق والمسئوليات المتساوية» مشروطة بشعور من الأمن الوطني. فبينما يعتاد التونسيون على حقبة ما بعد بن علي، اختفت منذ فترة طويلة مشاعر الأمن الذي ترعاه الدولة. خلال الأسبوع الماضي، صادر رجال الحرس الوطني التونسي رشاشات كلاشينكوف الهجومية وقذائف آر بي جي وذخائر ومتفجرات في بلدة المنيهلة في ضواحي تونس العاصمة. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم العثور فيها على مخازن أسلحة.

وعلى رغم الفروقات في الآراء بين التونسيين حول ما إذا كان من الضروري أن تتأثر الدولة رسميّاً بالإسلام، دين غالبية التونسيين، أو إذا كان من الضروري الفصل بين الدين والدولة؛ لم تكن هناك في يوم من الأيام ثقافة للسلاح في تونس. ومع بدء ظهور السلاح في أيدي السكان العاديين، فإن غالبية التونسيين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، تزعجهم هذه التوجهات.

إضافة إلى ذلك فإن 92 في المئة من التونسيين قالوا إن الأوضاع الاقتصادية الجيدة هي الأولوية الكبرى، وذلك في استطلاع أجراه مشروع توجهات بيو العالمية في شهر يوليو/ تموز الماضي. كما ذكر 78 في المئة من التونسيين أنهم غير راضين عن الاتجاه الذي تتخذه تونس. فمنذ يوليو الماضي، لم يتحسن وضع الدولة، كما لم تتغير آراء مواطنيها.

إن شعور تونس الهشّ بالأمن يدمّر الاقتصاد الوطني. وقد قامت هيئة التصنيف العالمية «ستاندرد أند بور» بتخفيض تصنيف الائتمان للحكومة التونسية إلى BB-، مشيرة إلى عدم الاستقرار السياسي كسبب جذري لهذا التخفيض. ومع انخفاض معدلات السياحة والاستثمارات الخارجية، ومعدل تضخم بلغ 10 في المئة، تبدو آمال تعافي الاقتصاد التونسي، الذي كان نشطاً في يوم من الأيام، مزرية.

يتضح في أوساط التونسيين أن أسباب البطالة لا تعود إلى انعدام المبادرة من جانب العاطلين عن العمل فحسب، وإنما كذلك إلى انعدام جهود الحكومة لحل المشكلة. إضافة إلى ذلك، يبقى هناك انعدام في أصحاب العمل، وهي مشكلة لا يمكن حلها إلا من خلال تحسّن الوضع السياسي والاقتصادي للدولة، الأمر الذي يتطلب مشاركة جميع التونسيين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية.

في الوقت الذي ينادي فيه العديد من التونسيين بحوار وطني لحل الجمود الراهن، فإن قلّةً هم الذين لديهم منظور واضح لما يعنيه ذلك في الحقيقة.

الحوار وحده لا يمكن أن يكون نهايةً للنزاع والتوترات، وإنّما الوسيلة التي يمكن من خلالها حل المشاكل الحالية بأسلوب تعاوني. وذلك يتطلب مصالح مشتركة، وهي في هذه الحالة رغبة في الأمن الاقتصادي والفعلي، يضم جميع الأحزاب التونسية وأنصارهم بطريقة غير مباشرة، حول طاولة المفاوضات.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3842 - الخميس 14 مارس 2013م الموافق 02 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً