العدد 3868 - الثلثاء 09 أبريل 2013م الموافق 28 جمادى الأولى 1434هـ

حياتنا ليست لعبة في أيديكم

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عنوان هذا المقال شعار ترفعه كل الشعوب المضطهدة التي يكرس ضدها الظلم والتمييز، ولا تحظى بالمساواة في الحقوق السياسية والمعيشية والمدنية، أو الالتزام بتطبيق العهدين الدوليين بالحقوق المدنية والسياسية والقوانين المحلية فضلاً عن القوانين والمبادئ السماوية.

هذا الشعار: «حياتنا ليست لعبة بأيديكم»، كان يتردد في وسط العاصمة الاسبانية (مدريد)، لتجمع غفير عند بوابة إحدى البلديات، التقطته أثناء تجوالي في المدينة صدفة، وما أن اقتربت من هذا التجمع بالقرب من (junta municipal DE Vallecas)، لاحظت كثيراً من الناس حاملين لافتة لم أعرف ما كتب عليها، وحينما سألت من باب الفضول، أفادوني بأن معناها: «حياتنا ليست لعبة بأيديكم».

حينئذ، قامت إحدى الفتيات بإلقاء خطبةٍ بلغتها الأسبانية التي أجهلها، وما أن انتهت حتى أخذ الجمهور بترديد بعض الشعارات. وعندما سألت عن بعض اللافتات باللون الأحمر لم أفهم غير كلمة (stop) الانجليزية، أُجبت بأن معناها: «أوقفوا الكراهية عنا». فسألت لماذا يقولون هكذا؟ أليسوا مواطنين؟ فقال مرافقي: نعم، لكنهم من أصول أجنبية، فكان منهم الإيراني والاسرائيلي، وكثير منهم من بلدان أميركا اللاتينية ومن أصول شرق آسيا وغيرها.

في اليوم نفسه، ذهبت إلى المشي على الشارع الشهير المعروف قران فيا (gran via)، الذي تتفرع منه أشهر السوح بوسط العاصمة، ومنها الساحة الكبرى المشهورة « Mayor Plaza»، التي تعتبر قلب مدريد النابض، وكانت تقام فيها عمليات الإعدام سابقاً، وتحوّلت إلى موقع حلبة لمصارعة الثيران، ثم تغيّرت أخيراً - بعدما تحوّلت إسبانيا إلى مملكة دستورية - للاحتفالات الرسمية وإقامة المعارض المختلفة، كونها وسط المدينة وتحيط بها المتاجر الضخمة والمطاعم والمقاهي والمباني القديمة التقليدية، كما يتوسط هذه الساحة مجسّمٌ ضخمٌ للملك فيليب الثالث على جواده.

كذلك تتفرّع منه ساحة سولو (الشمس) التي ما أن وصلت إليها، حتى لاحظت مسيرةً ضخمةً انتهت للتو، ولم أشاهد سوى مركبات الشرطة تحيط بالساحة، وكثير منهم مشاة على الأرض يراقبون نهاية الاحتجاج، ولم تكن هناك مصادماتٌ مع الشرطة ولا استنفار أمني عام، ولا سحب الغازات الخانقة من مسيلات الدموع، ولا قمع للمحتجين ولا إصابات في المتظاهرين، وكثير منهم جالس في المقاهي المحيطة بالساحة لاحتساء الشراب والقهوة.

في صباح اليوم الثاني المصادف ليوم الأحد، حيث العطلة الرسمية، شاهدت تجمعاً ضخماً، فسألت أحد المنظمين الذي يتقن اللغة الانجليزية عن هذا الجمع، فأوضح انه تجمع احتجاجي لعمال نظافة الشوارع، يطالبون برفع الأجور وإرجاع زملائهم المفصولين من العمل من الجاليات الأجنبية بسبب احتجاجات سابقة. الغريب في الأمر انهم يدافعون عن زملائهم في العمل من الأجانب بينما في بلدنا يطالبون بفصل المواطنين وشركاء الوطن!

مع كثرة الاحتجاجات والشعارات المرفوعة في سوح مدريد، اضطررت إلى أن أسال مرافقي العربي الذي يجيد اللغة الاسبانية: لماذا لا يحقق الملك مطالبهم؟ فردّ علي: الملك هنا لا يحكم لأن أسبانيا مملكة دستورية، فقط موظف يتسلم راتبه من الحكومة. فتبسّمت في وجهه لأشعره بأني أعلم أن أسبانيا مملكة دستورية. وواصل الحديث أن الاحتجاجات هنا ضد الحكومة وليس الملك، فإذا ما فشلت الحكومة في تحقيق مطالب الشعب، يخرج الناس للاحتجاج عليها كي تستقيل، كونها لا تلبي الأمن المعيشي لهم، فضلاً عن الأمن العام.

هذا ما يجري في أسبانيا، اما في مملكتنا الحبيبة، فيتم قمع الاحتجاجات ليلاً كانت أو نهاراً، ويضرب المواطنون المحتجون بالقنابل المسيلة للدموع ورصاص الشوزن، بينما لم يكونوا يتعرضون في أسبانيا للمحتجين بالأذى مع أنهم ليسوا أسباناً في الأصل، فهل من الممكن تغيير هذه السياسة المتعلقة بالتعامل مع المسيرات السلمية.

في بلدي أصبح الشعب «كومبارساً»، والممثلون الجدد المنتفعون من خيرات الوطن، أبطال الرواية في الصراع، وكأننا نعيش مسلسلاً مكسيكيّاً مكوناً من آلاف الحلقات، والنتيجة ضائعة ولا تفقه ما الهدف من الرواية.

هنا في بلدي، أصبح الكره موجّهاً للسواد الأعظم من الشعب، فلهذا يحقّ للمواطن مواصلة الصدح بصوت مرتفع: «أوقفوا الكره عنا... نريد حرية ومساواة. نريد قانوناً يطبّق على الجميع. أوقفوا التمييز»... وأخيراً «حياتنا ليست لعبة بأيديكم».

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3868 - الثلثاء 09 أبريل 2013م الموافق 28 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 10:28 ص

      شكرا ً لك يا صاحب القلم الحر

      شكراً لك على ما خطته اناملك من كلام معبر يعكس مدى جهل من يحكمنا وحفظ الله قلمك الحر والله خير الناصرين

    • زائر 7 | 3:40 ص

      نفتخر فيك بابن الجزيرة

      حقاً نفتخر فيك يابن الأجاويد، أعطيت ووفيت مقال مميز يالستراوي ابو حسن

    • زائر 6 | 3:35 ص

      واو وور مقال حلووو

      مقال روعة وتسلم هالعقول والأنامل الخيرة. شكرًا لكتاب الوسط جميع ستراوي

    • زائر 5 | 2:28 ص

      سوف نناضل بدمائنا حتى نقضي على العنصرية في البحرين

      لن يتوقف الحراك ولن يتوقف هذا الشعب حتى يحقق لنفسه العزة والكرامة مهما كلفت ومهما دفع من تضحيات فدع المتنفذين واصحاب المصالح الضيقة يتكلموا ليل نهار لا يعنينا كلامهم

    • زائر 4 | 2:28 ص

      نعم حياتنا ليست لعبة بايديكم

      تتكلم ويا ويش يادكتور هؤلاء قوم انغمست قلوبهم باحقاد جاهلية وبالية ولايميتون للانسانية بصلة والادهى انهم يجهلون حتى انهم بشر اصلا وشكرا لك علا المقال المعبر

    • زائر 3 | 12:50 ص

      لا تعجب

      فى بلدي أنا اعيش محتارا لا ادري ومن يدعى انه مثلى يحفر قبري .

    • زائر 2 | 11:07 م

      اوقفوا العنصرية

      تصور لو في بريطانيا شرطي بلباسه الرسمي وفي سيارة الشرطة يجول حي يقطنه السود وينادي عبر مكبر للصوت يا اولاد العبيد اذا فيكم خير تعالوا ولكن هنا حدثت في منطقة شيعية يظهر رجل امن في سيارة الامن ينادي ياولاد المتعة اذا فيكم خير تعالوا لنتصور ما سيحدث للشرطي البريطلني و ما نتوقع ان يحدث للشرطي الذي تلفظ بعبارات عنصرية هنا ( الشريط موجود على اليوتيوب ولكن لا يسمح هنا بنشر الروابط)

اقرأ ايضاً