العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ

المسئولون لديهم الإذاعة والتلفزيون... فليتركوا الصحافة لغيرهم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة الجنرال ديغول قال مرة في إحدى خطبه «أعدائي لديهم الصحافة، ولذلك احتفظ بالسيطرة على التلفزيون»... الصحافة والاذاعة والتلفزيون (وأخيرا الإنترنت)، هي وسائل الإعلام الحديثة التي تتفاوت في قوتها وتسعى القوى المختلفة إلى السيطرة عليها.

الصحافة المكتوبة ارتبطت بحرية التعبير والديمقراطية ومازالت كذلك على رغم محاولات التشويه التي يقودها بعض الأشخاص الذين يملكون وسائل إعلام يستغلونها في خدمة مصالحهم، حتى لو كان ذلك من خلال إفساد الناس بالتغطيات الخلاعية والتفاهات الأخرى.

أما الإذاعة والتلفزيون فقد ارتبطت نشأتهما وتطورهما باحتكار الدولة للسلطات، بل إن الإذاعة تعتبر من الوسائل الكبرى (قبل التلفزيون) التي استفادت منها السلطات في السيطرة على شعوبها. ومع كل التطور الديمقراطي مازالت مؤسستا الإذاعة والتلفزيون تلعبان دوريهما في تمكين السلطة من تنفيذ إرادتها في المجتمعات. ففي فرنسا تستمر الدولة في السيطرة على أجزاء مهمة من الإذاعة والتلفزيون (جنبا الى جنب مع الهيئات المستقلة). أما بريطانيا فإن هيئة الـ «بي بي سي» لها إدارة مستقلة عن الحكومة تمول بواسطة الضرائب وتخضع لشروط كثيرة، والى جانبها توجد هيئات مستقلة تابعة للقطاع الخاص. وفي كثير من الأحيان فإن الـ «بي بي سي» تقف على خلاف مع الحكومة وهذا أحد أسباب الأزمة الحالية مع رئيس الوزراء طوني بلير الذي اتهمته الـ «بي بي سي» بتسريب معلومات عن قيام مستشاريه بتضخيم الخطر العراقي لتبرير الحرب.

رئيس الوزراء الإيطالي الحالي «سلفيو برلسكوني» يسيطر (بحكم منصبه) على الهيئات الإذاعية والتلفزيونية الرسمية، ويمتلك في الوقت ذاته شركة إعلامية لديها وسائلها الكبرى ومنها التلفزيون. ولأنه يسيطر على التلفزيون الرسمي ويمتلك شركة إعلامية لديها تلفزيون ووسائل أخرى أصبح أقوى رئيس وزراء عرفته إيطاليا. ولذلك فإن هناك دعوات لإنهاء سيطرته على الإعلام من داخل إيطاليا وخارجها حماية للديمقراطية الأوروبية. وانضم إلى هذه الحملة العام الماضي الرئيس التشيكي فاسلاف هافل الذي اعتبر ما يحصل في إيطاليا خطرا داهما على حرية التعبير عن الرأي.

إذا كان هافل يخاف على الديمقراطية الأوروبية مع وجود الصحافة المكتوبة المستقلة في إيطاليا فإن وضعنا لا يمكن مقارنته حتى بالبدايات البسيطة للديمقراطية الأوروبية والأميركية التي امتلكت منذ البداية ومازالت صحفا حرة ومستقلة. إن صحافتنا العربية تخاف من السلطة المركزية ولا تنطق بشيء إلا بعد أن تأخذ رخصة من المسئولين، ما خنق حرية الكلمة، وأخر تطور البلاد العربية كثيرا، وجعلها في مؤخرة الأمم، وجعل أثرها في القرار السياسي والاقتصادي العالمي يضمحل بسبب عدم احترامها لرأي مستقل داخل حدودها، ومن لايحترم نفسه لايحترمه الاخرون.

وفي البحرين استبشرنا خيرا بالانفتاح السياسي، واستبشر الآخرون أيضا وبدأوا يتابعون ما يجري في بلادنا. وهذا فخر لنا، ونود أن نمتلك الحرية الصحافية الكاملة والمسئولة التي يحددها حب الوطن ورعاية مصالح أهل هذا الوطن الغالي علينا جميعا. ولذلك فإننا لا نرى في استمرار ذهاب الصحافيين إلى المحاكم إلا إخفاقا في رؤية المستقبل الأفضل الذي ترعاه كلمة حرة غير مرعوبة...

الكلمة الحرة والمسئولة التي تنشرها الصحافة هي التي رفعت الأمم عاليا، وهي التي سترفعنا بإذن الله... وما على المسئولين إلا الإسراع في رؤية ذلك، وخصوصا أن لديهم الوسيلتين الأخريين: الإذاعة والتلفزيون.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً