العدد 3888 - الإثنين 29 أبريل 2013م الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ

مصر في عهد الأسوأ

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

بعد أكثر من عامين من إسقاط النظام المصري السابق، أتوقع أن المصريين ذُهلوا للنتيجة التي خرجوا بها، والتي لم تكن تقارب بتاتاً حجم التضحيات التي قُدمت ولا تطلعات الشعب المصري، تلك النتيجة التي نقلتهم للمرحلة الأسوأ والأكثر انغلاقاً التي قد تدخل بها مصر على امتداد فترات الحكم المختلفة التي خضعت لها.

فالجماعات الإخوانية التي تسلمت زمام السلطة بعد سقوط سلطة مبارك وحاولت الحكم وفق منظورها الايدلوجي متجاوزةً الخليط الثقافي والعقائدي الواسع الذي تتمتع به مصر منذ قرون، أدت إلى غضب الكثير من المصريين الذين خرجوا في ثورة مضادة لنتائج الثورة الأم، وكانت تلك نتيجة واقعية لحجم الإحباط الذي انسكب على الشعب المصري بُعيد استلام الأخوان الحكم في مصر، ما ينبيء بأن الخط الذي تسير عليه الأمور لا ينقل المستقبل إلى نتيجة أفضل من الوضع الذي كان عليه العهد السابق.

فمنذ أيام أعلن وزير السياحة المصري هشام زعزوع أنه سيعقد الأيام القليلة القادمة جلسات مغلقة مع عددٍ من السلفيين لبحث مستقبل السياحة الإيرانية لمصر، وتبديد المخاوف الخاصة بشأنها، تمهيداً لاستئناف الرحلات إلى جنوب مصر، وهو أمرٌ يحدث للمرة الأولى في مصر عقب تظاهر عددٍ من السلفيين الغاضبين مطلع الشهر الحالي أمام مقر القائم بالأعمال الايراني مجتبي أماني احتجاجاً على وصول سائحين إيرانيين إلى مصر.

المثير في الأمر أن مصر التي تمارس التطبيع مع «إسرائيل»، ولديها سفارةٌ دائمةٌ في أراضيها ويأتي لها السياح اليهود بأعداد غير بسيطة سنوياً، لم تتعرض لحملات مطالبةٍ بوقف دخولهم الأراضي المصرية، ولا بتنامي مخاوف وجودهم في مناطقها لأسباب سياحية، رغم كون دولتهم الجنين غير الشرعي في رحم المنطقة العربية.

مخاوف المصريين (السلف والإخوان) من السياح الايرانيين لا تنطلق من منظور واقعي ينبئ بخطر حقيقي، بل المنطلق الأساسي للموقف يأتي من اختلاف عقائدي قلّما تتوقف عنده الدول المنفتحة على الآخرين، والمثل الأقرب لذلك تركيا ذات الغالبية السنية التي يقصدها سنوياً ملايين الإيرانيين لأغراض سياحية دون إثارة مخاوف هلامية من خطر نشر التشيع في مناطقها!

في عهد مبارك ومن سبقه لم نسمع أن مصر أغلقت أبوابها دون أحد لأسباب الاختلاف العرقي أو الإثني، لكنها اليوم توصد أبوابها دون الإيرانيين، وهم شعب مسلم من شعوب المنطقة، وغداً توصدها دون سواهم. والأصل في الأمر أن بعض الجماعات لا تؤمن بثقافة الاختلاف في قبالة تبنيها لمبدأ الانغلاق الذي تمارسه بشكل علني وفاقع بعد وصولها للسلطة.

لا يتعلق الأمر بالموقف من أتباع مذهب معين أو فكر محدّد، إنه دعوة مفتوحة لعصر من التقوقع والانحسار عن كل المختلفات والتعدديات الفكرية والثقافية والدينية. ليست مصر هذه التي خرج يطالب بها ثوار النيلين، وتكاد الجماعات الدينية المنغلقة تفتك بحضارة مصر وعراقتها الفكرية في مواجهة الانغلاق وسياسة اللون الواحد.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3888 - الإثنين 29 أبريل 2013م الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:39 م

      كفو على هلمقال الرائع

      أنصح بمن يعنيهم الأمر أن يتخذوا من كتاب أعمدة الوسط استشاريين وبدرجة لا تقل عن مستشار في الشؤون الداخلية للبحرين لأنهم فعلاً وطنيين من الدرجة الأولى .. واللبيب بالإشارة يفهم

    • زائر 4 | 3:54 ص

      الويل من سرّاق الثورات

      هناك سرّاق للثورات في ما ان تنجح ثورة الا وتراهم يتربصون بها الدوائر.
      ما سمعتم عندنا واحد من لجنة الحوار كان يصف نفسه بالمناضل الكبير
      وشعب البحرين لم يسمع باسمه لولا لجنة الحوار

    • زائر 3 | 11:00 م

      وباء

      هذولة وباء .. خلونا نترحم على أيام مبارك

    • زائر 1 | 10:25 م

      العلم و الجهل

      يتصور كل فرد بأنه يعلم و إنه عالم. العالم من يعرف جهله و يعترف بها. الجاهل هو من لا يعترف بجهله و يصر على علمه الذى لا يملكه. الإنسان بصورة عامة جاهل و يأخذ قرارات خاطئة طوال عمره. موضوع المقال هو واحد من مظاهر الجهل لدى فئة بتعصبها تعمق جهلها.

اقرأ ايضاً