العدد 3888 - الإثنين 29 أبريل 2013م الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ

الشباب وقدرتهم على توصيف الأزمة السياسية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

من عهد قريب لم تكن المجالس الاجتماعية يتحدث فيها عن السياسة بهذا العمق من الطرح. كان يُتداول فيها بعض الأخبار السياسية التي تهم الجميع، ويتم التعليق عليها بآراء متباينة في أحايين كثيرة، وأما الآن فالموضوعات السياسية والحقوقية التي تناقش في المجالس مختلفة تماماً، في نوعيتها وأسلوب عرضها وطريقة نقاشها وفي الاستنتاجات التي نسمعها من المشاركين في النقاشات، والتي تدل على أن الأزمة السياسية التي دخلت عامها الثالث قد فتحت آفاقاً واسعة للشعب بكل فئاته وتياراته للبحث والتقصي عن المدلولات السياسية والحقوقية والإنسانية للانتهاكات الواسعة للعباد والبلاد ولدور العبادة.

وقد توسعت دائرة الرصد والتوثيق لكل انتهاك يحدث لأي مواطن، في قرى البلاد ومدنها التي لا تترك لأحد فرصة لإعطاء مبررات لنكرانها أو التملص من فاعلها أو التقليل من حجمها وتأثيرها على البشر. فأصبح المئات من الشباب المبدع في التعامل مع مختلف وسائل التواصل الإجتماعي من الجنسين، ومن مختلف الأعمار، يحملون آلات التصوير بكل أنواعها لالتقاط الانتهاكات في غفلة من المنتهك وبدقة متناهية. ولا نبالغ إذا ما قلنا أن الأزمة قد أنتجت المئات من الاحترافيين في الرصد والتوثيق فاق كل التوقعات، ولم يكن المنتهك يظنّ وقت انتهاكه لحقوق الإنسان أن هناك آلة تصوير تلتقط كل ما يفعله بالناس، بالصوت والصورة. لقد كان يعتقد أنه يمارس انتهاكاته الإنسانية بكل أنواعها القاسية بعيداً عن الرصد والتوثيق، وإذا به يفاجأ بعد دقائق أن ما فعله وصل إلى المنظمات الحقوقية الدولية، وانتشر في مختلف بقاع الأرض. ومن حق المنتهكين أن يندهشوا، لأنهم كانوا يجهلون إمكانيات شباب الوطن وتطور قدراته، فتغير الأحاديث السياسية في المجالس الاجتماعية نوعاً وكماً، لم يأتِ من فراغ، فلولا الوعي السياسي الذي يتمتع به إنسان هذا الوطن، ولولا رصد الفئات الشبابية وتوثيقهم للأحداث والقضايا، لما كانت المجالس يتحدّث فيها بهذا العمق في السياسة. وقد رأينا صغاراً يتحدثون بكل ثقة عن رأي 19 منظمة دولية وعمالية، تجمع على أن البحرين تجاهلت معظم توصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما لم تلتزم بتنفيذ توصيات لجنة بسيوني لتقصي الحقائق، وعن ملخص التقرير الذي أعده مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والتقارير التي أعدتها المنظمات الدولية عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. وتراهم يعددون أسماء المنظمات التي أعدت التقرير من أمثال «الجمعية البحرينية لحقوق الانسان، ومنظمة إنهاء التعذيب وجبر ضرر الضحايا، والمركز الأوروبي للقانون والعدالة، ولجنة حقوق الإنسان الإسلامية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة حقوق الإنسان أولاً، وشبكة المنظمات العربية للتنمية، والجمعية البحرينية للشفافية، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ومنظمة «فرونت لاين»، ومنظمة كرامة، ومنظمة الدفاع عن ضحايا العنف، والمبادرة العالمية للقضاء على جميع أشكال العقاب البدني للأطفال، و»هيومان رايتس ووتش»، ومنظمة القلم الدولية، والحملة العالمية لحرية التعبير، وجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، والاتحاد الدولي للنقابات العمالية، ومنظمة التعليم العالمية. كما يتحدثون عن التزامات الحكومة الدولية لحقوق الإنسان، ورأي منظمة العفو الدولية في مطالباتها للحكومة الالتزام بالتوصيات الكاملة للجنة بسيوني، لضمان تحقيق المساءلة الكاملة والعدالة والتعويض للضحايا؛ ويتحدثون عمّا أوصت به منظمة العفو الحكومة بتحديد موعد معين لزيارة المقرر الخاص المعني بالتعذيب إلى البحرين، وطلب الحكومة تأجيل زيارته للمرة الثانية، وعن الأسباب المحتملة التي أدت إلى طلب التأجيل. كما يتحدثون عن سياسة الإفلات من العقاب من قبل المسئولين عن سوء المعاملة والتعذيب، ويتناولون قلق المنظمات الحقوقية البالغ إزاء الإجراءات التي اتخذت ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وعن دعوة «فرونت لاين» لضمان إعادة جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المفصولين لوظائفهم، والسماح لهم بحرية القيام بعملهم الحقوقي، وعن تطرق المركز الأوروبي للقانون والعدالة إلى ارتفاع معدل البطالة في البحرين، والتمييز في التوظيف، وعن منظمات دولية أوصت البحرين بإصلاح سياستها التعليمية لضمان عدم التمييز في الحصول على التعليم الجيد بين الجميع وفي جميع المناطق الجغرافية.

لم يكن أحد من الذين ارتكبوا الانتهاكات يظن ولو بنسبة متدنية أن شباب هذا الوطن له القدرة على حمل ما تعانيه البلاد من الأزمة السياسية، حقوقياً وإنسانياً، إلى المنظمات الدولية المعتمدة بهذه السرعة. ولم يكن يتصور أنهم يمتلكون قوة الإقناع لتلك المنظمات الحقوقية العتيدة. كان يعتقد أن القضية ستنتهي بحلول غير سياسية، ولاشك أن قدرة الشباب السلمي في رصد وتوثيق الانتهاكات تحتاج إلى دراسة وطنية متأنية، لأن وطناً بلا شباب واع لا يستطيع التقدم خطوة واحدة تجاه عالم التكنولوجيا الحديثة. ونعتقد أن الشباب المثقف الذي يواكب كل جديد في هذا العالم الفسيح، يتمكن أن يصنع المعجزات في تنمية وتطوير بلده. فالوطن غني وزاخر بشبابه الواعي المتطلع إلى مستقبل زاهر في مختلف التخصصات. هذه حقيقة ليست خافية على أحد، وكل ما نأمله أن يأخذ كل الشباب مواقعهم التي يستحقونها، بعيداً عن التمييز الطائفي أو العرقي، ليتمكنوا من النهوض بوطنهم في مختلف المجالات.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3888 - الإثنين 29 أبريل 2013م الموافق 18 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:49 ص

      شبابنا

      شبابنا كلهم مسجونون لانهم فقط طا لبو با الحق والحريه والكرامة

    • زائر 1 | 2:31 ص

      ونعتقد أن الشباب المثقف الذي يواكب كل جديد في هذا العالم الفسيح، يتمكن أن يصنع المعجزات في تنمية وتطوير بلده.

      فالوطن غني وزاخر بشبابه الواعي المتطلع إلى مستقبل زاهر في مختلف التخصصات. هذه حقيقة ليست خافية على أحد، وكل ما نأمله أن يأخذ كل الشباب مواقعهم التي يستحقونها، بعيداً عن التمييز الطائفي أو العرقي، ليتمكنوا من النهوض بوطنهم في مختلف المجالات.

اقرأ ايضاً