العدد 3900 - السبت 11 مايو 2013م الموافق 01 رجب 1434هـ

«القبّعات الست» في تعلّم حقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

لفهم أعمق لمشروع التربية على حقوق الإنسان في المؤسسات التربوية والتعليمية، ربما كان علينا البحث عن الاستراتيجيات الفعالة التي تساهم في تحفيز المتعلمين لمعرفة حقوقهم والمطالبة بها.

وتعدُّ استراتيجية «القبّعات الست» ( Six Thinking Hats Strategy ) من أنجح الآليات التي توصل إليها عالم النفس المتخصص في علم وظائف الأعضاء الطبيب الأوروبي إدوارد ديبونو، فهي تتيح للمتعلّم والمعلّم على حد سواء التفكير بشكل إرادي ومقصود ومنظم، فكل إنسان يستطيع القيام بتوليد المعلومات وتقييمها لو أتيحت له الفرصة ليمارس التفكير بطريقة سليمة، وكمثال على ذلك «لعب الأدوار» الذي يتيح للمتعلم أن يلعب دور الناقد أو المبتكر من دون توتر.

انطلق العالم ديبونو في فكرة «القبعات الست» من خلفيته الطبية، فهو يميز العاملين بقبعاتهم، فالممرضة ترتدي نوعاً من القبعات وكذا الجراح وغيرهما، إذاً، فالقبعة تمثل جزءاً من الأمور التي نرتديها ومن السهولة بمكان ارتداؤها وخلعها متى ما أردنا، ورمزية القبعات إنما تكمن في سهولة تقمّص مزاج تلك القبعة والانتقال من واحدة إلى أخرى.

ثمة علاقة ارتباطية عندما يُنظر إلى الرأس باعتباره موقع الدماغ المسئول عن التفكير، وارتداء واحدة من القبعات لتغطية الرأس إنما يعني السيطرة على الدماغ، ليفكر الإنسان بنمط القبعة التي تحمل قوانين محددة.

ويحتاج الإنسان إلى ألوان مختلفة من التفكير، كما يلزمه أن يغيّر أسلوبه في التفكير حسب الوضع المستجد أمامه، ولذلك فإن الإنسان المفكر يحتاج إلى لبس عدة قبعات مختلفة للتفكير والإبداع والنقد، وقد جرت العادة أن لا نبقي القبعة مدة طويلة على الرأس؛ لأن القبعة التي تلبس طويلاً تتسخ وتفقد أناقتها، وبالمثل الفكرة إن بقيت مدة طويلة على رؤوسنا فإنها قد تصبح باليةً لا جدوى منها.

ولكل قبعة من «القبعات الست» مدلولاتها: فاللون الأحمر يرمز إلى الحب، وقد اختير للدلالة على التفكير العاطفي. واللون الأصفر مأخوذ من لون الشمس الصفراء التي هي مصدر جميع أنواع الطاقة، وهي تمنحنا الحياة والبقاء والنمو على سطح الأرض، لذلك اختير اللون الأصفر ليشير إلى التفكير الإيجابي. واللون الأبيض يرمز إلى النقاء والصفاء، وكرمز للتفكير المحايد الذي لا يحمل أية توجهات مسبقة لا إيجابية ولا سلبية. أما اللون الأسود فهو لون كئيب ويرمز إلى التشاؤم والسلبية ويدل على التفكير التشاؤمي والسلبي. واللون الأخضر هو لون النباتات حيث تتجلى عظمة الخالق الظاهر للعيان، لذا جُعل رمزاً للإبداعي. وأخيراً اللون الأزرق لون السماء المحيطة بالكرة الأرضية وهو لون البحر المحيط باليابسة ويرمز للتفكير الشمولي.

تؤكد استراتيجية «القبعات الست» على المشاعر كجزء مهم لتوضيح وتبسيط التفكير وزيادة فعاليته وتدريب المتعلم لتغيير نمط تفكيره، بعيداً عن طريقة الجدل التقليدية بحيث ينتقل المتعلم إلى نوع من التفكير يطلق عليه «التفكير الموازي» الذي يوفر بدائل عملية وتطبيقية.

أما عن التطبيقات التربوية لـ «القبعات الست» وتوظيفها في تدريس مبادئ حقوق الإنسان، فإن حق الطلبة في التفكير والتعبير عن آرائهم دون أي تضييق أو حجر عليهم لهو من أهم الموضوعات التي يمكن مقاربتها، فكل نمط بمثابة القبعة التي يرتديها الطالب أو يخلعها حسب تفكيره في هذه اللحظة، علماً بأن هذه القبعات ليست حقيقية، وإنّما هي قبعات نفسية تجعل الطالب يفكر بطريقة معينة، ثم يتحوّل إلى نمط آخر من التفكير بشكل دقيق يوضح اتباع طريقة تفكير واحدة في الوقت الواحد، وبهذه الطريقة يمكن أن ننظر لأية فكرة من خلال ست وجهات نظر مختلفة، ما يساهم في توسيع مدارك الطلبة وانفتاحهم على بعضهم البعض بكل محبة واحترام.

إن تبني استراتيجية «القبّعات الست» في تدريس الطلبة حقهم في التفكير والتعبير عن آرائهم وفق مبادئ حقوق الإنسان يكون من خلال ملاحظة المعلم الذي هو المرشد والموجه في استخدامه (القبعة الزرقاء) في معظم الأوقات لتنظيم سير الدرس، ذلك أن ما يحدث في العادة عند طرح أي نقاش هو تبني أحد الأطراف موقفاً ما يدافع عنه دفاعاً مستميتاً ولا يستمع إلى فكرة المعارض له في الرأي الذي يضطر أن يدافع هو الآخر عن فكرته، وبالتالي فإن النتيجة هي الفوضى والجدال العقيم والخصومات دون التوصل إلى نتيجة مرضية لأي من الطرفين.

من خلال متابعتنا للتوصيات الواردة في الدراسات والأبحاث ذات العلاقة باستراتيجية «القبعات الست»، يمكننا الإشارة إلى أهمية قيام أعضاء هيئة التدريس بالأقسام التربوية بعمل دورات تدريبية وورش عمل تعليمية لتدريب المعلمين على استخدام «القبعات الست» في تدريس مبادئ حقوق الإنسان، وإعطاء الأولوية في هذه الدورات للموجهين والمعلمين الأوائل حتى يقتنعوا ويُقنعوا بدورهم معلميهم بأهمية الجانب الوجداني وأثره في نمو شخصية الطلبة، وتضمين استراتيجية «القبعات الست» في برنامج إعداد المعلم بصفة عامة، ومعلم التربية على حقوق الإنسان بصفة خاصة من خلال مقرر طرق أو استراتيجيات التدريس؛ لكي يكتسب الطالب المتدرب المقبل على مهنة التدريس المعارف الحقوقية والمهارات اللازمة لاستخدام تلك الاستراتيجية في العملية التعليمية التعلّمية.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3900 - السبت 11 مايو 2013م الموافق 01 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:46 م

      القبعات الست

      فعلاً استراتيجية مفيدة للطالب والمعلم
      عجبني موضوعك وافادني أيضًا

    • زائر 1 | 1:50 ص

      لا نريد حقوق انسان

      حتى حقوق الحيوان لم يحصل عليها المواطن

اقرأ ايضاً