العدد 3904 - الأربعاء 15 مايو 2013م الموافق 05 رجب 1434هـ

المساجد المهدمة تنتظر إعادة إعمارها حسب توصيات لجنة تقصي الحقائق

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

إن أكثر قضية أذهلت العقول الإنسانية، وشغلت بال جل الشعب في الأزمة السياسية، وأصبحت من ضمن اهتمامات الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، هي قضية هدم عشرات المساجد في البحرين.

إن قيام وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، بالتعاون والتنسيق مع وزارة البلديات والتخطيط العمراني، بتنفيذ مشروع الهدم الطائفي البغيض لهذا العدد الكبير من مساجد إحدى الطائفتين الكريمتين في البلد، كان خطأً وطنياً فادحاً وخطيئةً استراتيجية كبرى بحق الوطن. وما تنديد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، وما تناولته الصحف العالمية، إلا لجسامته وقسوته على النفس الإنسانية. فالكل في العالم الحر يعتبر هدم دور العبادة والعبث بمحتوياتها الدينية تحت أية مبررات، تعدياً على حرية المعتقدات، شاء من قام بهذا الفعل أم لم يشأ. فهذا الفعل ترفضه كل الشرائع السماوية وفي مقدمتها الشريعة الإسلامية المقدسة، ولا تجوّز فعله في جميع الأحوال والظروف، لأنه يلامس عمق المشاعر الإنسانية والدينية. ولا نبالغ إذا قلنا أن الجهات التي قامت بهدم بيوت الله قد وجّهت بفعلها صفعةً موجعةً للضمير الإنساني، ناهيك عن كونها قد أوجعت قلوب مئات الألوف من أبناء الوطن. والعالم الذي يحترم إنسانية الإنسان، رفض أية مبررات أريد تسويقها، سواءً كانت إداريةً أم غير إدارية، من الجهات التي مارست الهدم والاعتداء والعبث بمحتوياتها وإهانة قداستها.

لقد كان الأولى بتلك الجهات أن تفخر أمام الدنيا بهذه البقاع التي يعبد فيها الله جل شأنه، وبإنسان هذا البلد الذي يتواجد فيها لإعمارها بالعبادة. فالأماكن التي تجلب الخير والسكينة والايمان للبلاد والعباد، محترمةٌ ومقدّرةٌ في كل بقاع الدنيا، فمن يتعمد إهانتها أو مساسها بسوء، بقولٍ أو فعل، يكون قد تجاوز الشرع والقانون.

وقد لاحظ الكل أن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق قد أفردت لهذا الفعل القاسي (هدم المساجد) مساحةً بارزةً في تقريرها الذي أصدرته في يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والكل سمع وشاهد السيد محمود شريف بسيوني عندما وصل إلى الفقرة التي خصصت في التقرير لعملية الهدم، كيف أنه أعطاها عنايةً إنسانيةً وقانونيةً خاصة. وهذا الأمر ليس خافياً على أحد، وقد عُرض على شاشة تليفزيون البحرين من خلال حفل تسليم تقرير اللجنة، الذي كان ينفي -ونقصد تليفزيون البحرين- حدوث الهدم قبل أسابيع من صدور التقرير.

لقد ساهم الإعلام الخارجي في إيصاله إلى أسماع مئات الملايين من البشر في هذا العالم الفسيح، والذين بدورهم الإنساني والحقوقي والقانوني، قاموا بنقله عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي إلى مساحات واسعة على الكرة الأرضية فاقت كل التوقعات. وقد أستنكره وندّد به الملايين من مختلف بقاع العالم، والكثير من رجال السياسة وصفوه بالإجراء السياسي الذي جاء في وقت يعاني فيه البلد من أزمة سياسية كبيرة.

وبالتأكيد لا يستطيع أحدٌ من الناس شطب هذا الحدث المؤلم وجميع تفاصيله وحيثياته ومسبباته والتوقيت الذي نُفّذ فيه، من ذاكرة إنسان هذا البلد، ولا من صفحات التاريخ. فقد أصبح هتك حرمة بيوت الله بهذه القسوة علامةً بارزةً في ذاكرة الصغار والكبار من أبناء هذا البلد، وستتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل. ولاشك أن وزارتي العدل والبلديات لم تكونا تتوقعان أن العمل غير المشروع دينياً وقانونياً وإنسانياً الذي قامتا به ضد بيوت الله، سيكون له هذا الصدى العالمي الواسع وبهذه الصورة المدوية. ولو كانتا تعلمان أنه ستأتي لجنة لتقصي الحقائق تتكون من شخصيات عالمية معروفة وبطلب رسمي من داخل البلد، ستقوم بتوثيق وتثبيت ونشر ما قامتا به بهذا الوضوح أمام العالم؛ فربما لو كانتا تعلمان لما أقدمتا على فعله.

وفي اعتقادنا أن ما يسكّن النفوس الإنسانية ويخفّف من قسوة ما حدث عليها، هو أن تعمل الجهات المعنية بهذه القضية على التنفيذ الفوري لتوصيات لجنة تقصي الحقائق التي أعلنت عنها قبل ما يقارب 18 شهراً، بأن تقوم بإعادة بناء جميع المساجد المهدّمة التي يُقدّر عددها بـ 38 مسجداً من دون تسويف أو مماطلة أولاً، ومساءلة ومحاسبة الجهات التي حملتها لجنة تقصي الحقائق مسئولية هدمها وإحراج البلاد أمام العالم ثانياً، لكي يكتب التاريخ في صفحاته عن إعادة إعمارها ومحاسبة من فعلها، كما كتب عن عمليات هدمها وطمس معالمها دون زيادة أو نقصان.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3904 - الأربعاء 15 مايو 2013م الموافق 05 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 2:07 م

      المصلي

      أن الله لهم بالمرصاد وسينتقم الله منهم ان عاجلاً او آجلاً وسيصبهم الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخره وهذا وعداً من الله ولن يخلف الله الميعاد

    • زائر 12 | 1:21 م

      عار سيلاحقهم إلى سقر

      جريمة هدم المساجد في البحرين ستلاحق المجرمين الذين هدموا مساجد الله ولهم خزي في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب عظيم

    • زائر 11 | 9:13 ص

      كم مرة ؟؟

      عيب على شعب يدعي الإسلام أن يأخذ بلاد الكفر وأنظمتهم قدوة يريد الوصول إليهم

    • زائر 9 | 5:19 ص

      ابو حسين

      هدم المساجد وحرق القران الكريم هو جريمة كبري ولا يمكن الى اي اسان ان يحاول ان يدافع عن هذا العمل الذي يخالف جميع الاعراف والمواثيق ولا يقبله
      لا عقل ودين في الفاعل ليس معصوم من الخطاء حتى تدافع عنه وتبرره فلا تدافع
      عن الباطل فالقابل والمدافع كالفاعل فلا تحمل نفسك اخطاء الاخرين فانه ذنبا
      عظيم عن الله والسلام

    • زائر 8 | 3:34 ص

      عار واي عار على الجميع

      مساجد هدمت امام جميع المسلمين اي عار عليكم يا اهل البلد ومن قام بها ومن ايدها هو العار الاكبر

    • زائر 7 | 2:55 ص

      لا يمكن اعادة اعمارها

      من دون محاسبة المسؤول عن الهدم

    • زائر 6 | 2:41 ص

      تبنيها سواعد ابناء الشعب

      اقص ايدي بملاس محلي اذا الدولة بنت المساجد لان الواقع يقول انهم يرفعون القضايا لاعادة هدم ماتم بنائه

    • زائر 5 | 2:25 ص

      المساجد المهدمة

      أكبر عدد مساجد تم هدمها في التاريخ الإسلامي على الإطلاق في البحرين

    • زائر 2 | 1:31 ص

      هدم المساجد عار ما بعده عار

      هدم المساجد في بلد مسلم من قبل مسلم وعلى مرئ ومسمع من العالم
      عار ما بعده عار لا يمكن ان ينسى ويترك فاعله الهادم والامر بالهدم بل الساكت عنه
      واذا كان المطلوب اعادة البناء فمن جيب من اليس من ميزانية الدولة التي هي حق الشعب اذن ماذا خسر الهادم
      ويضاف الى مطلب اعادة الهدم محاسبة الهادم والامر به بالصورة التي تليق
      بمكانة المسجد الدينية

    • زائر 1 | 1:31 ص

      دار العبادة

      في العند اذا اعتدي مسئول على معبد تقوم القيامة وتستقيل الحكومة ويقتل العشرات كرامة لمعبد ونحن في بلد المسلمين تهتك المساجد والوزارات تؤيد ذلك

اقرأ ايضاً