العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ

الفتنة الكبرى (2)

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أن سيطر علماء الدين من وعاظ السلاطين على عقول وقلوب الناس البسطاء وأصبحوا أكثر شهرة من نجوم السينما، من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية، من المحطات التي انتشرت كالفطر خلال السنوات القليلة الماضية في عالمنا العربي؛ وبعد أن أصبح هؤلاء العلماء يتقاضون المبالغ الخيالية، ويمتلكون القصور الباذخة والسيارات الفارهة، ويصيّفون في الدول الأوروبية، ولهم من الخدم والحشم ما لدى علية القوم، كان لابد أن يحدث ما حدث.

وبعد أن خصصت أغلب المحطات التلفزيونية والإذاعية الدينية، لنشر الفرقة المذهبية، وتحقير المذاهب المختلفة، بحجة بيان بطلانها، بدل أن تدعو إلى تقارب المسلمين، وبعد أن سطا هؤلاء الوعاظ على عالم السياسة، وأصبحوا يصدرون فتاوى فتح باب الجهاد في دول معينة، ويحرّمون الخروج على الحاكم في دول أخرى، متخلّين عن دورهم السابق في إصدار الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، من إرضاع الكبير، وتحريم الاختلاء بالشاب الجميل، والتداوي ببول الجمال، وجهاد النكاح، كان لابد أن نصل إلى هذه الحالة من الجهل والعنف.

وبعد أن تحالفت ممالك وجمهوريات رجعية تحارب الديمقراطية وتمقت حقوق الإنسان، يعيش المواطن فيها على هامش الحياة في حين يعتبر الحاكم فيها الدولة إقطاعيته الخاصة... مع هؤلاء العلماء حيث جعلوهم من حاشيتهم وأغدقوا عليهم العطايا وأكثروا العطاء، ليكونوا سدّهم المنيع في حال أي احتجاج أو تمرد شعبي، كان لابد أن تتحوّل الصراعات السياسية إلى صراعات مذهبية بفتوى دينية.

مَنْ غير هؤلاء العلماء يتحمّل وزر نحر الناس وقطع رقابهم وأكل أكبادهم، كما يحدث الآن في سورية؟ ومَنْ غيرهم يتحمّل وزر اقتحام البيوت الآمنة وقتل الناس وضربهم وسحلهم في الشوارع، لمجرد أنهم من مذهب آخر، كما حدث قبل يومين في مصر، بعد أن أفتوا بتكفير أتباع المذهب الآخر ووصفوهم بـ «المجوس» و«عبدة النار» و«الصفويين» و«الكفار»، وتعمّدوا أن يحرفوا ما يجري الآن في سورية بتصويرهم إن ما يجري هناك ما هو إلا حرب طائفية بين السنة والشيعة.

من سيتحمل وزر الفتنة الكبرى حين يعم الخراب والدمار ويتقاتل أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، غير المتاجرين بالدين ممن باعوا دينهم بدنياهم؟

في قصيدةٍ له يتنبأ الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب بالخراب المقبل لهذه الأمة حين يؤكد أن «هذه الأمة لابد لها أن تأخذ درساً في التخريب»، لكي تعرف بعد ذلك الخراب الذي سيعم، أن العدل أساس الملك.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 9:39 ص

      وهل غير

      وهل غير مشايخ السوء واتباع الديانة ضخص يتحمل وزر هذه الفتن والقتل للابرياء ؟

    • زائر 13 | 9:08 ص

      ردا لزائر سبعه

      من قتل وسحل الابرياء في ابو مسلم (مصر)ومن يقطع الرؤؤس وياكل الاكباد...هل هم من قم او النجف ؟

    • زائر 12 | 9:02 ص

      رحم الله والديك

      ان يتعلموا دروس في الخراب لا يمكن لان الحرب العراقيه الايرانيه ومسلمين بورما والبوسنه والهرسك لم يتعلموا

    • زائر 10 | 6:21 ص

      تلفون ابو العملة

      امثال هؤلاء يذكرني بمقولة للمقبور صدام حسين حين وصف الديكتاتور حسني مبارك " هذا حسني مثل تلفون ابو العملة اش وقت تخلي فيه فلوس يتكلم, واش يا وقت تمنع عنه لفلوس يسكت". فهذا هو ديدن ضعاف النفوس ومن باع آخرته بدنيا غيره. يوم يعض الظالم على يديه. (محرقي/حايكي)

    • زائر 9 | 6:17 ص

      ردا على الزائر رقم 7

      في مدينة قم ياعزيزي العقول الكبيرة لو جمعت جميع روؤساء العالم وجميع علمائها ماوصلت ربع عقلانيتهم وذكائهم الفذ النافذ تجد من اصغرهم الى عمر 100 مازالوا مشغولين في الدراسات والبحوث لاتردد ماتسمعه من المحرضين علماء السلاطين والفتنة والجهلة الحمدلله على ولاية محمد وآله الاطهار الدين المحمدي الاصيل

    • زائر 8 | 4:14 ص

      كلهم مذنبين

      رجال الدين الشيعه والسنه مسؤوليين عن كل الدمار والحقد والكراهيه بين المسلمين،مع الاسف الشباب يتآثر بكلامهم وانا اسمى هذي تخلف.كنت اتمنى يا استاذ جميل تذكر هذي النقطه لكن للاسف دايما تلوم السنه وتتكلم عن الطائفيه ....

    • زائر 7 | 4:07 ص

      الفتنة الكبرى ؟؟ لها اصحاب

      قيادات الفتنة الكبرى تعرف عنوانهم زين : هناك في قم

    • زائر 15 زائر 7 | 4:14 م

      تبا لك

      علماؤنا الاكارم هم صمام الامان...وهم صابرون على ما يجري على الشيعة من ظلم.ولو افتوا بالرد ل...

    • زائر 6 | 4:01 ص

      تسهيلات مصرفيه وتشجيع على السفر والسياحه بدل الدراسة وطلب العلم من الطرق التي يتبعها اليهود لخلق أسواق تجاريه وخدمات. ومن الملاحظ أن الدول الفقيره مثل الهند وسيرلانكا وأندنوسيا وتايلاند وغيرها من الدول التي تكون كثافة السكان فيها عاليه هي التي تكون عرضه لمثل هذا المشاريع السياحيه. لا تبدوا كثيرا واضحه الفكره إذ إن دبي إستجلب من الدول المشار اليها ويعملون .... والبحرين ليست مستبعدة عن مثل هذه المشاريع التدميريه للبحر بمبرر الاستثمار.

    • زائر 5 | 2:50 ص

      كنتم خير امه

      كانوا خير امه عندما اتبعوا تعاليم الرسول واعتبروا الرسول قدوة حسنه في قوله وفعله الدين الاسلامي دين الرحمه والمحبه لا دين التفخيخ والتفجير وقطع الرؤوس
      ماجاءوا به هؤلاء الخوارج ليس دين محمد بن عبدالله هذا دين اليهود سفاكي الدماء فهل من عاقل يزن الامور ويفكر بعقله لا بقلبه

    • زائر 4 | 2:08 ص

      الاستغلاق والاستحمار

      في زمان الاستغلاق الفكري والارهاب باسم الدين وحينما يتصد للافتاء من لافقة له ولا دين له ومن لم يفقه من الدين غير القشور ولم يعرف جوهر الدين الحق من الرحمة والعدل والاحسان ويزيد الامر سوءا حين تجد انصف المتفقهين والطمعين يتدخلون في السياسة واعجب ان كثير منه يقول الدين شئ والسياسة شيئا اخر وهم من المؤمنين بفصل الدين عن السياسة يولد في عقول هؤلاء واتباعهم الاستغلاق الفكري والاستحمار السياسي ز

    • زائر 3 | 1:23 ص

      بارك الله فيك

      مقال يلامس قلوب وعقول العقلاء والشرفاء من ابناء هذا الوطن والوطن العربي فبارك الله فيك وكثر من أمثالك.

اقرأ ايضاً