العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ

ملتزمون بمكافحة العبودية الحديثة... الاتجار بالبشر (2)

جون كيري

وزير الخارجية الأميركية

وزير الخارجية الأميركي، والكلمة بمناسبة إصدار التقرير السنوي للاتجار بالبشر

عندما نتطلع إلى التحدي الذي تطرحه العبودية الحديثة، يؤسفنا أن تركيزنا ينبغي أن يبدأ بالضحايا. قبل وقت طويل من إعداد تقرير الاتجار بالبشر أو التوقيع على بروتوكول باليرمو للأمم المتحدة، أو حتى صياغة عبارة «الاتجار بالبشر»، كما نستعملها اليوم، قبل وقت طويل من كل هذا - أكره أن أقول منذ متى – خدمتُ كمدعٍ عامٍ في إحدى أكبر المقاطعات العشر في أميركا، في مقاطعة ميدلسكس في ولاية ماساتشوستس. وفي ذلك الوقت، كنا إحدى أوائل السلطات القضائية في أميركا التي وضعت برنامج شهادات الضحايا. وكان ذلك الوقت، للأسف، عندما كانت مفاهيم الاتجار بالبشر والجرائم الجنسية وإساءة معاملة النساء لا تزال غير مشمولة بشكل كامل في الكثير من أجندات فرض تطبيق القوانين الحديثة. وأتذكر أنني ترافعت في عدد من قضايا الاغتصاب والاعتداء، وحتى ترافعت في إحدى القضايا التي تتعلق باغتصاب واحدة ممن يمارسن البغاء. وقال لي الجميع إنه لا يمكن أبداً أن أفوز في تلك القضية، وإن ذلك مستحيل. حسناً، لقد كانوا مخطئين. وكان ذلك ممكناً.

وهناك أنواع من سوء المعاملة الممكن أن تحدث حتى في أكثر الأماكن غير المحتملة ووفق أكثر الطرق احتمالاً. وقد تعلمت بعد ذلك لدى التحديق في أعين الشابات اللواتي كن ضحايا لهذه الجرائم بأنهنّ كن يشعرن بالرعب من الوقوع ضحايا مرةً أخرى، من خلال هذه العملية، ومن خلال النظام. ولم يفهم أي شخص تماماً ما يعنيه أن تكون ضحية أو الطرق التي يمكن من خلالها أن تساعد الضحايا من خلال النظام. فقط عندما بدأنا التركيز على الضحايا، وليس بصفتهم مجرد شهود محتملين، إنّما كناجين، وبشر يستحقون الاحترام والكرامة، عندئذٍ بدأنا تزويد الناس بقدر أكبر من العدالة. وعندئذ أصبحنا قادرين على منح الناس فرصة أفضل لإعادة بناء المستقبل.

واليوم، هذه هي القيم نفسها التي توجّه خطانا في هذا الجهد: العدالة والكرامة والحقوق لجميع الناس. وينبغي لها أن توجِّه عملنا في مكافحة الاتجار بالبشر. هذه هي على الأرجح قيم أميركية جوهرية، لكنها ليست قيماً نتفرد بها إنما هي أيضاً قيم عالمية. وفي اعتقادي أن القيادة الأميركية مطلوبة لنحمي تلك القيم والعمل على تقدمها، وليس هنا في الوطن وحسب، إنما في جميع أنحاء العالم. فعندما نساعد البلدان على مقاضاة المتّجرين بالبشر، فإننا نقوي بذلك سيادة القانون. وعندما ننقذ الضحايا من براثن الاستغلال، فإننا نساعد في خلق مجتمعات أكثر استقراراً وإنتاجية. وعندما نمنع حدوث هذه الجريمة في المقام الأول، فإننا نمنع إساءة معاملة وانتهاك كرامة الذين يقعون ضحايا كما نمنع التأثير الهادر الذي سبّب أضراراً عبر المجتمعات الأهلية في بيئتنا الأوسع والذي يفسد سلاسل إمداداتنا العالمية. فلنا جميعاً مصلحة في وضع حد لهذه الجريمة.

ولهذا السبب، يركز الرئيس أوباما الآن على هذه القضية. ولهذا السبب، بصفتي وزيراً للخارجية، سوف أستمر في الكفاح ضد عبودية العصر الحديث، وهذا أمر يمثّل أولوية بالنسبة لهذه الوزارة وبالنسبة للبلاد. سوف نواصل العمل مع شركائنا من خلال الحكومات وفي جميع أرجاء العالم من أجل تحسين استجابتنا في الوطن، وسوف نقوم بذلك ليس فقط للحكم على أشخاص آخرين وإنما لأننا نعلم أن بإمكاننا ضمان التقدم لهذه القضية. يمكننا أن نحدث فرقاً. وسوف نستمر في العمل مع هؤلاء الشركاء حول العالم من أجل تطوير أساليب جديدة وممارسات جديدة. وسوف نستمر في التواصل مع الحكومات حول هذه المسألة لأن عبودية العصر الحديث تؤثر على كل بلد في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. وكل حكومة مسئولة عن التعامل معها، إلا أنه ليست هناك أي حكومة تقوم بما يكفي حتى الآن.

وعليه، يشكل هذا التقرير السنوي جزءًا كبيراً من التواصل والمشاركة في هذا الجهد. والآن، من الواضح أن هذا التقرير يقول الأشياء بصراحة ولا يخفي أي شيء. وليس ذلك لأن الولايات المتحدة هي أفضل من أي بلد آخر، أو لأن الولايات المتحدة تعتقد أنها تملك تلقائياً الحق في إصدار هذا الحكم، أو لأننا نريد أن نشير بإصبعنا باتجاه بلد آخر، لأننا نعرف أن ذلك يمكن أن يجعل الأمور صعبة، لأننا نعرف جميعاً التاريخ الذي كان علينا فيه التغلب على العبودية الموجودة لدينا. لقد كُتبت العبودية في دستورنا قبل أن نبني الدعم لإلغائها، وعلينا أن نتذكر ذلك. ولذلك نحن لا نفعل ذلك لأننا نعتقد أننا نملك جميع الأجوبة، بل لأننا في الحقيقة لا نملكها. وعندما نأخذ الصحيفة اليومية ونقرأ فيها كيف قامت الشرطة بتفكيك عصابة للاتجار بالبشر كانت تعمل من بوسطن إلى سكرامنتو، يذكرنا ذلك أنه حتى مع وجود قوانيننا الصارمة في هذا البلد، فلاتزال الانتهاكات الصعبة لتلك القوانين تبرز.

وهكذا كان هذا التقرير صعباً، لأن هذه القضية صعبة، وتتطلب اهتماماً جدياً. وهذا بالضبط ما ننوي تقديمه. إنها صعبة لأنه في العام الماضي تسلطت الأضواء فقط على حوالي 46 ألف ضحية من ضحايا الاتجار بالبشر عبر العالم، بالمقارنة مع 27 مليون شخص نعلم أنهم مستعبَدون. إنها صعبةٌ لأنه عندما يواجه العالم بصدق دقة هذا التقرير، نأمل أن يطلق ذلك حواراً أكثر إنتاجية. تقول لنا دراسة حديثة إن الدول تكون مستعدة لاتخاذ إجراءات لمواجهة هذه الجريمة بنسبة الضعف عندما تُدرج أسماؤها في هذا التقرير تحت الفئة 3 أو في قائمة الدول الخاضعة للمراقبة تحت الفئة 3.

وهكذا، أيها الأصدقاء، علينا أن نكون أشداء. مفروض علينا أن نكون أشداء للمحافظة على إيماننا بكل ما تمثله هذه المؤسسة وما تمثله بلادنا. ينبغي علينا أن نستمر في البقاء أشداء لكي نحافظ على إيماننا بمعاييرنا القياسية والشعور بالمعايير الأخلاقية والفارق بين الصح والخطأ. علينا أن نكون أشداء لحشد التزام كل الموجودين في هذه القاعة لتعزيز الإرادة السياسية الموجودة في جميع أنحاء العالم. ينبغي أن نكون أشداء بدءًا من رؤساء الدول ووزراء الخارجية والعدل وصولاً إلى ضباط الشرطة ومفتشي العمل، وذلك في سبيل أن نصل في نهاية المطاف إلى القضاء على هذه العبودية الحديثة مرةً واحدةً وإلى الأبد. (انتهى).

إقرأ أيضا لـ "جون كيري"

العدد 3944 - الإثنين 24 يونيو 2013م الموافق 15 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 7:05 ص

      قلنا لك خف علينا ولا تكتب مقالات سخيفة

      انتم من تستعبدون العالم كله لمصالحكم.

    • زائر 1 | 9:59 م

      بيع الماء فى حارة السقائين

      نحن مركز حضارة و ثقافة العالم. نحن من وضع الصح و الغلط. أنتم أساس الغلط. جوابنا لك يا سيدكيرى: أسمع كلامك يعجبنى، أشوف أفعالك أستعجب !!!!!!!!

اقرأ ايضاً