العدد 4000 - الإثنين 19 أغسطس 2013م الموافق 12 شوال 1434هـ

«بداوة» القرن 21

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

حتى وقتٍ قريب كانت مصر بعيدةً عن الحرب الأهلية التي لم تعد على ذلك البعد منها بعد فضّ اعتصام الاخوان المسلمين يوم الأربعاء الماضي في ميدان رابعة العدوية والنهضة، وما رافق ذلك من قتل وحرق واعتقالات واستخدام مفرط للقوة التي كان يجب على الدولة أن تتجنب الوقوع فيها.

رغم الأخطاء الوفيرة للأخوان المسلمين أثناء توليهم السلطة في مصر بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، إلا أن ذلك لا يبرّر المنهج الدموي الذي انتهجته الدولة أثناء التعامل معهم وفض اعتصامهم الذي استمر شهرين، وما سبقه من تصاعد للشائعات حول ما يدور في موقع الاعتصام وتحريض الشعب معنوياً ضدهم، وهو ما حدث في عدة دول عربية أخرى ضد الجماعات التي خرجت معارضةً للحكم أو مطالبة بالتغيير.

الاقتتال الدموي الذي يدور في سورية الآن لن تكون مصر بعيدةً عنه في وقتٍ قريبٍ قادم، خصوصاً بعد إعلان التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الجهاد المقدس ضد الجيش المصري في مؤتمر لهم عُقد في تركيا مؤخراً.

إن حالة القتال التي تجري حالياً في عدة أقطار من الوطن العربي يمكن قراءتها من منظور الدكتور علي الوردي الذي يرى أن الطبيعة البدوية هي طبيعة الحرب، وأن البدوي مرن على الغزو وأصبح جبلّةً فيه لا يستطيع منها خلاصاً. ويسوق الوردي في ذلك رأي البروفسور فيليب حتي في كتابه «تاريخ العرب»، حيث يقول: «إن نزعة القتال أصبحت عند البدو حالة عقلية مزمنة».

لقد كان العرب منذ أواخر الحرب العالمية الثانية شبه متوحدين، في الداخل والخارج، ذلك أنهم في مواجهة مستمرة مع عدو مشترك متمثل في الصهاينة الذين أنشأوا دولتهم باغتصاب الأراضي الفلسطينية بعد انتهاء الانتداب البريطاني آنذاك، لهذا لم تبرز الاختلافات في الداخل بشكل يؤدي إلى الاقتتال الشعبي رغم وجود عدة أقطاب متباينة سياسياً بدأت بالظهور منذ ذلك الوقت، ومع خسارة الجيوش العربية الحرب ضد «إسرائيل» عادت الشعوب إلى طبيعتها البدوية المقاتلة، غير أن إمساك سلطات قمعية شرسة للحكم في عدة دول عربية أفشل محاولة القتال الداخلي بين الفصائل المختلفة، بينما تصاعد ذلك مع وصول الربيع العربي ومحاولة كل جهة الوصول لسدة الحكم، ومصر المثال الأبرز في ذلك حتى الآن.

هل تكون الحرب الأهلية المصرية استكمالاً لسيناريو الصراعات في الوطن العربي، وما يعقبه ذلك من تقسيم المقسّم سلفاً؟ ذلك أن المصالحة مستبعدة في الدول التي جرت فيها أنهار الدم بين طرفين مختلفين كما هو الوضع في سورية ومصر، فهل يخرج العرب من جلباب البداوة أم يتوغلون فيه أكثر؟ هذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة في حرب الدواخل.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 4000 - الإثنين 19 أغسطس 2013م الموافق 12 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:03 ص

      لقد حصلت اسرائيل على مبتغاها

      هذا ماكانت تخطط له اسرائيل والدول الكبرى بان استقرار شعب اسرائيل يأتي من اقتتال المسلمين في مابينهم ولا تهدئ هذه الثورة في مابينهم لذلك استطاعو من تسخير التكفيرين لقتل المسلمين بمساندة اموال وثروات المسلمين انفسهم ولا تدفع هذه الدول الكبرى ولا حتى اسرائيل مليم واحد كله من المسلمين وفي المسلمين هذا هو النجاح الاكبر الذي تنتظره اسرائيل .....

    • زائر 3 | 4:16 ص

      مشكلة شطارة أو مشاكل تجارة

      يقال التجارة شطارة كما يقال الشيطان شاطر والبعض تتاجر أو تغني شاطر.. مشكلات أو مشاكل العالم الثالث صناعة أجنبيه بس ما ينعرف من العالم الأول أو العالم الثاني. فخطط وخرائط طريق ومساعدات أجنبيه لدول وعزل حاكم وتنصيب آخر وإنقلاب أبيض وآخر عسكري. مسألة القواعد العسكريه وتحويله الى قاعدة إرابيه بس تم إعدادها في دول فقيره بسبب إفقارها أو إفتقارها الى العقل أو منطق القوة المسيطر على أكثر أفكارها. قد لا يقولون جاهليه ولا يقولن إستعمار أو رأسمالي وإمبرياليه ملبسة ثوب جديد ومطرز على تجارة وشطارة.

    • زائر 2 | 12:44 ص

      فرق تسد

      هي سياسة اتبعها من قبل العباسيين و قتبسها الغرب لتفريق الامه في مكمن قوتها لتشتيت الهدف الرئيسي اللذي كان عند العرب وهو تحرير فلسطين وانشغالهم بمشاكل هم اصطنعوها ... ( انما النسي زيادة في الكفر )ص هذا ماكانت الجزيرة العربية تفعلة ايام الجاهلية والا الان ....... عجبي .

    • زائر 1 | 10:10 م

      النتيجة و السبب

      ما يذكره الدكتور على الوردى هو النتيجة. السبب هو ما خلقه ووضعه الإنسان من نظام إقتصادى و إجتماعى على هذه الكرة. الوضع لا يتغير حتى بعد مليون عام. سوف يكون الإنسان بنفس الطباع، مهما غير ملبسه , مسكنه و تتطورت وسائله.

اقرأ ايضاً