العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ

متى نستوعب الدرس؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كل الأقوام المتحاربة أغمدت سيوفها، إلا الأمة العربية الماجدة مازالت تمتشق السيوف... شهوةً بسفك الدماء.

كل القارات طلقت الحروب وبدأت برامج تنميتها والنهوض بشعوبها، وكانت آخر حربين في آسيا، الحرب الكورية في الخمسينات، والحرب بين الهند وباكستان في السبعينات. أما منطقتنا العربية فستبقى مسرحاً للحروب من أجل النفط واستمرار الهيمنة الغربية والتحكّم في مصائر الشعوب.

خلال العقود الثلاثة الماضية، نشبت ثلاثة حروب كبرى: الحرب العراقية الإيرانية، تحرير الكويت، وحرب احتلال العراق. في كل هذه الحروب التي خطّطها ونفّذها الغرب، عمل فيها العرب كمتطوّعين ودفعوا تكاليفها بالدولار... دعك عن حرب تموز في لبنان وغزة في فلسطين المحتلة، حيث كان للعرب شرف الجلوس على مقاعد المتفرجين.

قبل مئة عام، استطاع الانجليز والفرنسيون خداع العرب بإعطائهم وعداً بالاستقلال غداة الحرب العالمية الأولى، فقاتل العرب ضد الخلافة العثمانية حتى أسقطوها، فلم يحصلوا على الاستقلال، وإنما كافأهم الانجليز والفرنسيون بإخضاع بلدانهم للانتداب. وفوق ذلك زادوا مكافأتهم بتقديم وعد بلفور لليهود في العام نفسه (1917)، حيث وضعوا حجر الأساس لتسليم فلسطين للصهاينة.

بعد قيام «إسرائيل»، شاركت فرنسا وبريطانيا في العدوان الثلاثي في العام 1956، في حرب السويس. وفي 1967، دخلت الولايات المتحدة على خط العدوان بالدعم الكاسح لـ «إسرائيل».

قبل عامين، كانت بريطانيا وفرنسا في مقدمة الحملة العسكرية لإسقاط النظام الليبي، بمباركةٍ أميركيةٍ تركيةٍ هذه المرة، وكلنا يعلم ما آلت إليه الأمور من الاقتتال الداخلي بين القبائل الليبية وسيطرة الميليشيات المسلحة.

اليوم، ومع قرع طبول الحرب ضد سورية، نرى أكثر الدول تحمساً واندفاعاً لهذه الحرب، فرنسا وبريطانيا، ربماً تمسكاً بماضيهما الاستعماري، وحنيناً لأيام المجد الامبراطوري، ترى هل يمكن أن تتخلص الدول الكبرى من إرثها القديم؟

من الصعب أن يصدّق المواطن العربي أن هاتين الدولتين تأخذهما الحميّة للدم العربي السوري، وهي التي تبارك سفك الدم الفلسطيني منذ ستين عاماً. وهي التي كان لها القدح المعلّى في محجمة الدم الليبي الذي سال في عملية إسقاط نظام القذافي من أجل النفط والعقود النفطية.

إذا كان هذا هو التاريخ القريب، لهذه الدول الاستعمارية اللئيمة، وإذا كانت هذه هي أجندتها المعلنة التي تفوح منها رائحة النفط، فهل المطلوب من الشعوب العربية أن ترقص فرحاً لاستهداف سورية عسكرياً هذه الأيام؟ وهل سيدفع النظام السوري الدكتاتوري الثمن أم سيدفعه الشعب؟ وهل كُتب على الشعوب العربية أن تُساق من وعدٍ إلى آخر، ومن حربٍ إلى أخرى، لتقدّم التضحيات من دمها وعرقها ومستقبلها، على مذبح المصالح الكبرى للدول العظمى والتابعين لها بإحسان؟

لم ندافع يوماً عن نظام دكتاتوري مستبد، ولم نتعاطف يوماً مع هذه الأنظمة المتخلفة التي تعيش خارج الزمن، وتؤلّه الحكام، الذين بلغ بهم الغرور والاستئثار، توريث الرئاسة في دول جمهورية، لأبنائهم كما كان يفعل حكام القرون الوسطى. ولكن ما يجري ليس نشراً للديمقراطية والحريات، وإنّما تصفية حسابات وأجندات دول كبرى تحركها الأطماع.

إن أمةً خُدعت قبل مئة عام، ويعود الانجليز والفرنسيون أنفسهم ليخدعوها مرةً أخرى، ويسوقوها في حروب جديدة لن تجني منها غير زيادة التبعية والخذلان... تستحق أن يُقرأ على روحها السلام.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 2:57 م

      الله يرحم أمي العودة

      تقول : يصفِّيها و يجلِّيها أبو صالح

    • زائر 26 | 1:14 م

      طبعاً الجواب نعم!!!!!!!

      إذا كان هذا هو التاريخ القريب، لهذه الدول الاستعمارية اللئيمة، وإذا كانت هذه هي أجندتها المعلنة التي تفوح منها رائحة النفط، فهل المطلوب من الشعوب العربية أن ترقص فرحاً لاستهداف سورية عسكرياً هذه الأيام؟

    • زائر 25 | 12:57 م

      لن ولن

      لن يستوعبوا الدرس.... زنقة زنقة دار دار.

    • زائر 23 | 9:06 ص

      هذه هي المفارقة

      فرنسا وبريطانيا بالذات دول الانتداب على الشام تعود الى الشام. هما الطرفان الرئيسيان في العدوان الثلاثي على مصر 56. كيف يمكن أن نصدقهم؟؟؟؟؟

    • زائر 22 | 8:15 ص

      ؟

      اتفق معااك سيدي الكاتب بانه نظااام دكتاتوري .. ولكن البديل سيكوون نظاام تكفيري ارهابي ... هل ستقبل به كنظام ؟

    • زائر 21 | 6:10 ص

      هؤلاء العربان

      كما وصفهم القرآن الكريم" أولئك كا لإنعام بل هم أضل " لانتوقع ان يتعلمون مت الدروس بل هم المتآمرين على بلدانهم قبل شعوبهم وتشجيع الكفار على ضرب دولهم ودفع تكاليف الضربة الضربة من اموال شعوبهم. يا له من لؤم

    • زائر 19 | 4:27 ص

      عرب أعاربة مستعربة

      قالها أبو الأحرار كونوا عرباً كما تزعمون والتاريخ يعيد نفسه لكن لا أظن يفهم العربان.

    • زائر 20 زائر 19 | 5:18 ص

      التاريخ لا يعيد نفسه كما يشاع

      ولكن الاحقاد والافكار الغبية تتأصل

    • زائر 17 | 3:43 ص

      حين يصبح مصير ومستقبل الامم في ايد افراد يتلاعبون بمقدراتها من دون وازع ولا رادع

      نظام صدام خرب العراق وكلفّه تبعات بمئات المليارات ونظام القذافي وجعل يتلاعب بمقدرات ليبيا وبترولها الى درجة انه ادخل نفسه في حروب ومشاكل في العالم ليس لشعبه فيها ناقية ولا جمل وايضا بعض الدول الخليجية الغنية بالنفط والغاز
      جعلت من ثروات بلادها مكان للتلاعب بمئات المليارات هنا وهناك ترفع نظاما وتسقط آخر بدل من التنمية والارتقاء بهذا الشعوب.
      هذه الاموال لو صرفت على تعليم الشعوب وتطويرها وعلى البنية التحتية لهذه الدول لأصبحت دولا لا ترقى الى مستواها دولا في العالم ولكن الدول في ايد غير امينة

    • زائر 15 | 3:36 ص

      أخطاء انظمة تتحملها شعوب على مدى قرون

      النظام العراقي خاض الحرب العراقية الايرانية الاولى وقد كلفت العراق والدول الداعمة لها مئات المليارات من الدولارات ونفس الكلفة دفعتها ايران ايضا. وحرب احتلال وتحرير الكويت التي احرقت مئات المليارات ثم تأتي بعدها حرب تحرير العراق وهم ايضا نفس العملية. أي ان ثروات دول وشعوب تكفيها لمئات السنين
      أطارتها سياسة الاستفراد باتخاذ القرارات الخاطئة. ولا زلنا لم نعي الدرس فهاهي
      حقول البترول تباع بما فيها من اجل اسقاط نظام وابقاء نظام والشعوب مسكينة
      لا تستطيع ان تتفوه بكلمة واحدة

    • زائر 18 زائر 15 | 4:14 ص

      كما تقول المليارات احرقت ‏

      كما تقول المليارات احرقت من أجل اسقاط نظام وإبقاء نظام آخر وأنتم دائما تعتقدون أن النظام الذي يريدون اسقاطه بسبب علاقته مه ايران ولأنه نظام شريف وداعم للمقاومة فقلي لماذا اسقطوا نظام صدام ونظام العقيد القذافي ولماذا أسقطوا حكم مرسي رغم أنه ديمقراطي ‏.؟؟؟

    • زائر 11 | 2:36 ص

      هل وصف الخونة يليق بهم أم ماذا

      إذا كانت مطالب الناس بالمساوة والديمقراطية والحقوق السياسية وان حدثت فيها تجاوزات نتيجة التهميش والضغوط الداخلية وعدم المناصحة الجادة والاستعلاء والعنجهية يوصفون بالخونة والعمالة للخارج فماذ نطلق على الأعرابي السوري الجربا وهو يدعو الدول الاستعمارية الغربية إلى قصف البنية التحتية لوطنه سوريا مع احتمال كبير لسقوط ضحايا مدنيين من اجل أن يتربع هو وأصحابه على عرش سوريا ويكون مطيه للاستعمار الغربي والصهيوني

    • زائر 8 | 2:16 ص

      تصحيح

      القبائل التي أسقطت الدولة العثمانية ها هي تعيش في رفاهية في الأردن والسعودية، أما الحروب في منطقتنا فهي منّا، لأن الأسلحة لا تقتل أحدًا، بل الأفكار المعشعشة في الرؤوس هي التي تقتل، والغرب يبيعنا الأسلحة لكننا نحن من نقتل أنفسنا، لأن السلاح بدون دافع للقتل لا يقتل.

    • زائر 6 | 12:46 ص

      للاسف

      لا يتعلمون لانهم لا يريدون ان يتعلمون
      بخصوص سوريا ان وقعت حرب فسوف يكون الخاسر الاكبر هو الشعب السوري.

    • زائر 5 | 12:22 ص

      الأمام الحسين ع

      يقول الأمام ع بما معناه كونوا احرار كما تزعمون وعربا كما تدعون .ولكن عبيد الدنيا هيهات أن يتحرروا او يقدموا الخير او يتقدموا بل هم للحضيض اقربوا.

    • زائر 4 | 12:20 ص

      ليسو عرب

      لانهم ليس لديهم معرفة بالعروبة

    • زائر 3 | 12:18 ص

      الا تعلم

      يعرفون ولكن القرار ليست بيدهم

    • زائر 2 | 12:06 ص

      أينا الإنصاف

      لاحياة لمن تنادي وهولاء العرب سوف يندمون على ما يفعلونه وتلك الايام نداولها يا سيد وشكرا على قلمك الحر والنزيه

    • زائر 1 | 11:06 م

      لا يتعلمون ابدا

      لانهم يحبون ان يقودونهم هؤلا ء المستبدين الاقوياء اين عمر المختار وشرفاء العرب اين كرامة العرب

اقرأ ايضاً