العدد 4045 - الخميس 03 أكتوبر 2013م الموافق 28 ذي القعدة 1434هـ

الرعاية الطبية المستعجلة بين ثقافة المريض والأنظمة الصحية المزودة لها (1)

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

تعيش المجتمعات حالة مطردة من الوعي والمعرفة المتناميين على كافة الأصعدة ويبرز اهتمام الفرد بجوانب حياته الصحية في مقدمة أولوياته لما للحياة الصحية السليمة في أبعادها المترابطة، البدنية والنفسية والعاطفية والاجتماعية وغيرها، حسب مفهوم وتعريف منظمة الصحة العالمية، من رافد مهم ومحوري في الحياة الأقتصادية والتنموية للفرد والمجتمع.

وقد برزت الحاجة للرعاية الطبية منذ أن عرف الانسان هذه الحياة فهي مكون أساسي لا غنى عنه أبداً ودافع للتحصيل العلمي والأدبي والاقتصادي. لذلك كان حريّاً على أنظمة الرعاية الصحية بناء سياساتها في هيكلة وتزويد الرعاية الطبية بدءاً وانتهاءً بالفرد، المكون الأساسي والفاعل لمجتمع صحي قادر على تحقيق المؤشرات المستدامة في التنمية البشرية.

لقد بنيت كثير من الأنظمة الصحية، ان لم يكن سوادها الأعظم، على أساس تقسيم تزويد الرعاية الصحية أوالطبية الى مستويات عدة، في تسلسل رياضي قد يكون منطقياً في البدايات الأولى لنشوء أنظمة الرعاية الصحية عالمياً. مستويات تزويد الرعاية الصحية تلك، أولية وثانوية وثلاثية ورباعية وربما تكون خماسية أو أكثر أذا نظرنا إلى طبيعة التفاعل والتناغم المستمر بين البيولوجية الانسانية وديناميكية العلم والمعرفة الطبية.

على الصعيد نفسه، وفي تباين واضح يبرز فراغ ثقافي ومعرفي لدى متلقي الخدمة الصحية كونه يبقى ينشد ضالته في غاية الوصول لرعاية صحية يحتاجها فى وقتها وعلى مستوى محدد من الكفاءة والحرفية المهنية. ذلك التباين مرده الى طبيعة الهيكلة الصحية في تزويد الخدمة أو الرعاية بمستوى من الجودة والاقتدار، فالمريض، وهو القطب المحوري ومتلقي الخدمة ومرآة تقييمنا، يأتي في حالة تتداخل فيها بواعث كثيرة من الألم والقلق وعدم المعرفة والخوف في درجات متفاوتة، ليجابه بمكونات ومفردات صحية قد لا تفي حتى بقدر بسيط من حقه كمريض.

إنه في تعاطينا، أطباء، ممرضين، ومزودي خدمات طبية مساندة يجب أن نستلهم روح النظام الصحي لا شكله؛ فالمريض يعرف انه اذا احتاج الى رعاية صحية تتساوى أمامه جميع مؤسسات الرعاية الصحية مع اختلاف مستوياتها في تزويد خدماتها سواءً كانت أولية أو ثانوية أو ثلاثية أو غيرها. لذا، في نهج إعداد وتدريب الكوادر الصحية بات من الضرورة بمكان، كما هو الحال لدى جزء ليس بالقليل من المؤسسات التدريبية الصحية، أن يتم تعزيز وتطوير مهارات الاتصال والتعامل مع المريض.

لقد خطت المؤسسات الصحية والمستشفيات خطوات كبيرة في تطبيق سياسات الرعاية الصحية على نطاق واسع ووضعت اللبنات الأولى في سبيل اخراج وتطبيق نظام رعاية صحية أمثل، ولكن يبقى دوماً فضاء التقدم والمعرفة مشرعاً أبوابه للمزيد مما يمكن تحقيقه.

نستخلص مما سبق أنه يتوجب تقريب الفارق المعرفي بين ما تمليه أنظمتنا الصحية في منحى توفير الرعاية الصحية وبين ما يعيه متلقي الرعاية ومن في حاجتها، ولنرسي قاعدة مهمة فى سبيل إنجاز رسالتنا كأطباء، أن مريضنا ورعايته المثلى وأكثر هي المعيار الأسمى وأننا في سباق حثيث لأقلمة طرقنا في توفير الرعاية الصحية حسب ما تقتضيه مصلحة وسلامة المريض أولاً، وعلينا في سبيل ذلك تسخير ما نملكه من مهارات ومعرفة طموحة في الوصول الآمن وأنفع آلية تمكننا جميعاً من الوقوف دائماً على عناية صحية ذات كفاءة رفيعة.

أستعرض في لقائنا القادم مستويات أنظمة الرعاية الصحية وآليتها ونلقي الضوء بشيء من الإسهاب في محور الحديث عن الرعاية الطبية المستعجلة وما يتصل بها من كافة النواحي.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4045 - الخميس 03 أكتوبر 2013م الموافق 28 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:55 ص

      للأمام أبو يوسف

      كلامك درر يا دكتورنا لكن احنا ما راح نتطور لسبب بسيط .. المعيار طائفي

اقرأ ايضاً