العدد 4055 - الأحد 13 أكتوبر 2013م الموافق 08 ذي الحجة 1434هـ

الباحث البحريني محمد جمال: "الحية بية" عادة تراثية توارثناها من آباءنا وأجدادنا

منذ قديم الزمان كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة ، وأدى هذا التقارب الثقافي والفكري الى تشابه بعض العادات والاطباع ، ويقول علماء التاريخ والاجتماع ان اهالى الخليج ابتكروا عادة " الحية بية " والتي تشابهت مع القصص والاساطير والخرافات، فوفق معتقدات الحضارة الهندية السائدة آنذاك فقد كانوا يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار كالرياح والبرق ، وفكروا في كيفية ارضاءها والتقرب اليها ، فكانوا يقدموا القرابين والهدايا الى الهتهم لينالوا رضائها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبنائهم ، فاعتادوا بأن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاه شابه في القرية ويقوموا بتجميلها وتزينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلى حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها الى البحر او النهر لتذهب مع الامواج الى البعيد وتختفى حتى تصل الى الالهة وبذلك ينالوا رضاءها .
وقد تأثر الخليجيون بهذه الاساطير فاستبدلوا قذف الفتاة في النهر أو بالحية "الحشائش الخضراء" وذلك إرضاء للبحر وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطيء ، وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية بين دول مجلس التعاون ، ويقال بأن أصل كلمة الحية بية هى "الحجى بيجى" كما هو لدى القطريين والكويتيين والاماراتيين وتعنى بأن الحاج سوف يأتي بعد انتهاء موسم الحج .
وقد أشار الباحث البحريني محمد جمال بأن "الحية بية" هي العادة تراثية شعبية توارثها الابناء من آبائهم وأجدادهم وقد حافظت هذه العادة على استمرارها حتى يومنا هذا بفضل تمسك أبناء البحرين بعاداتهم وتقاليدهم ، واهتمام المؤسسات والجمعيات المعنية بالثقافة والتراث ، كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الاضحى المبارك ، فيعبّر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي ، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وحلول عيد الاضحى المبارك .
واوضح الباحث محمد جمال بأنه في هذا اليوم يقضي الاطفال مع أهاليهم يوما اجتماعيا ممتعا على ساحل البحر ، وهم يرددون أنشودة "الحية البية" المشهورة حيث يتعلم الاطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم ، ففي هذا اليوم الشعبي يتزين الاطفال باللباس الشعبي فتلبس الفتاة ثوب "البخنق" المطرز بخيط الزري الذهبي ، أما الولد أو الصبي فأنه يلبس "الثوب والسديري والقحفية" وهو غطاء الرأس ويكون الاطفال في أجمل حلة فيتوجهوا مع أهاليهم قبل غروب الشمس الى أقرب ساحل ، ثم يبدأوا احتفالهم الشعبي بالافتخار بملابسهم وبجمال "الحية المعلقة على رقابهم ، ويردد الاطفال " حية بيه ويات حية على درب الحنينية " حتى آخر الانشودة ، وفى بعض القرى يردد الاطفال " ضحيتي ضحيتي حجى بى حجى بي الى مكة الى مكة زوري بي زوري بب واشربي من حوض زمزم زمزم " حتى آخر الانشودة .
وحول كيفية الحصول على الحية بية فقد أشار الباحث جمال أنه إما أن يشتريها الاطفال من السوق جاهزة على هيئة سلة من الخوص تسمى " قفه " وهى السلة التي يضع فيها المزارع التمر ليأكله ثم يضع الاطفال حب الشعير لينبت ، وكنا في السابق نقوم بصنعها فى المنزل وهو ما نحبذه فيأخذ الاطفال علبة حديدية ونقطعها من الاعلى ونثقب اسفلها بثقوب كثيرة حتى يسمح بخروج الماء عند سقيها .
وغالبا ما تكون تلك العلبة هى علبة الاناناس الحمراء المعروفة والمتداولة بين الناس حيث يتم ملئها بالتراب ثم يوضع بها بذر الحشيش او الشعير وتسقى بالماء حتى تنبت وتكبر ويتم ربطها بحبل رفيع حتى تعلق بسهوله فنستيقظ من صباح كل يوم لنرويها وهى تكبر يوما بعد يوم ، حيث تستغرق هذه العملية قرابة الاسبوع حتى تنبت البذور وتكبر ، ويذكّر الطفل الحية بأنه قد قام بإطعامها وسقيها بالماء واهتم بها فيطلب منها ان لا تدعى عليه وان تجعله مسرورا بيوم العيد وبعودة حجاج بيت الله الحرام ، وبعد قضاء يوما ممتعا يعود الاطفال مع أهاليهم الى منازلهم فرحين بعد قضاء هذا اليوم الشعبي الجميل ليستعدوا لعيد الاضحى المبارك .
وأشاد الباحث محمد جمال بجهود الجمعيات والمؤسسات المعنية بالتراث الشعبي في حفاظها على هذا الموروث من الاندثار وأحياء عادة " الحية بية " لتستمر وتصل الى الاجيال القادمة ، حيث تستعد الجمعيات والهيئات الاجتماعية للاحتفال بهذه المناسبة قبل حلولها فيتم الاعلان في مختلف وسائل الاعلام عن تنظيمها لفعالية الحية بية وعادة ما يكون موقع الاحتفال على أحد السواحل الجميلة التي تشتهر بها الدولة فيقوموا بتوزيع الحية بية على الاطفال ، كما تشارك في هذه الاحتفالية مختلف الفرق الشعبية التي تضفى مزيدا من الفرح والترفيه في قلوب الاطفال والاهالي ، ويتساءل الباحث ، هل يشرح الاب لأبنائه كيف اصحبت الحية بية وهل تستمر هذه العادة التراثية التي لازالت تجاهد من أجل البقاء رغم اختفائها من بعض البلدان الخليجية ؟

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 1:48 م

      تكملة

      الزرعة من حب الماش او الشعير وانا اتذكر عندما كنا صغار اننا كنا نضع الخبز فيها قبل رميها في البحر ونسقيها كما هو مسنون عند ذبح الأضحية.
      الخلاصة:هي موروث مستندلسنة أكيدة تطورت في الفترات التي حل الفقر في ربوع وطني من قديم الزمان!

    • زائر 16 | 1:48 م

      تسمى عندنا "الحجية"

      مع الاحترام الشديد لسيد محمد جمال!
      تسمى عندنا في قرى الساحل الغربي للبحرين "كرزكان " بال"الحجية "مشتقة من الحج او ال"ضحية" لانه من المسنون أن يضحي الانسان صبيحة يوم عيد الأضحى لغير الحاج ولما كان الناس لايقدرون على ذبح الأضحية اسعيض بها للأطفال بهذه

    • زائر 12 | 6:33 ص

      بلا خرابيط

      الناس وصلت القمر

    • زائر 9 | 5:27 ص

      يا سلام

      ذكرتني باغنيه الفنان كاظم الساهر انت لذغال حيه بيه... يخاف من جرت الحبل...

    • زائر 8 | 5:10 ص

      اسمها ( أضحية أو ضحية ) ولا للأسماء الدخيلة والمستوردة !@

      منذ كنا صغارًا لم نسمع يومًا ما وعند قدوم عيد الأضحى بشئ اسمه ( حية بية ) ! وكنا نسمع فقط كلمة واحدة من الكبار والصغار والآباء والأمهات ( ضحيّة العيد ) ! وكنا نذهب للبحر ثاني يوم للعيد منذ الصباح للإفطار والغذاء عند الساحل في قريتنا ، وكانت العائلات تجلس هناك وتنشد الأناشيد أو تتحادث وتتلاقى وتعايد دون أن ترد كلمة واحدة عن شئ اسمه (حية بية ) !!!
      كلام مغلوط يُراد منه مَحْو الهوية القديمة وصبغها بكلمات لا تمت للماضي بصلة ! فلا تتلاعبوا بالألفاظ لأجل مصالح ضيقة معروفة

    • زائر 6 | 4:50 ص

      أضحية العيد

      هذا ما وجدنا عليه أبائنا .

    • زائر 4 | 4:41 ص

      ربما تكون عادة ذات أصول هندية و ربما لا

      احنا في المنطقة الغربية طول عمرنا نسميها حجية بلفظ و تشديد الجيم و كسر الحاء فواضح تعلق الحجية بالحج و الحجاج من الأساس و كون هناك عادة وضع عروس على قارب في البحر من الهند لا يتشابه مع عادة رمي الأطفال للحجية في البحر و خصوصاً جهة القبلة غرباً إلى حيث مكة و الحجاج الذين قديماً يذهبون للحج بالسفن عن طريق البحر. قول إن العادة أتت من الهند هو محض تكهنات وويحتاج إلى دليل.

    • زائر 14 زائر 4 | 7:32 ص

      ضاع ولد الرفاع

      هل فهمة شياءً ياولد الرفاع؟

    • زائر 3 | 4:24 ص

      الباحث يحتاج مراجعة إلى الفكرة!

      الفكرة التي طرحها الباحث عن الهنود وتقربهم للآلهة، تتعارض مع هدف الخليجيين من عمل الحية بية، فالعامل الإسلامي وهو تقديم الأضحية عند الحاج يقابله تقديم الأطفال للحية بية. فكرة الباحث تحتاج للسبب الذي يدفع الخليجيين لاختيار يوم عيد الأضحى بالذات لرمي الأضاحي!

    • زائر 2 | 4:17 ص

      أنتم تساهمون في تشويه التاريخ

      لقد كانت لي وقفة من قبل على أسم "الحية بية" حيث أن هذا المصطلح ليس هو المسمى الصحيح والمتداول عند الناس في البحرين وما هذه التسمية إلا نوع من أنواع المغالطة.
      على الأقل اخضعوا هذه التسمية إلى التصويت إن كنتم منصفين !!

    • زائر 1 | 4:02 ص

      ولد الرفاع

      الحية بية عادة فرعونية الفراعنة كل سنة كانوا يقدمون هدية ل نهر النيل كانوا يغرقون اجمل بنت في مصر

اقرأ ايضاً