العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ

العبور بالخليج (1 - 2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

العبور بالخليج (Transgressing The Gulf) هو موضوع المنتدى السنوي الذي تقيمه جامعة اكستر (Exeter university) كل عام عن الخليج، وقد اختارت لموضوعه العبور بالخليج أي العبور من الوضع الحالي المليء بالأزمات الداخلية والإقليمية إلى الوضع الطبيعي في استقرار الأوضاع الداخلية، وتطبيع العلاقات الإقليمية والدولية.

على غير العادة، تأمنت للمشاركين بأوراق تكفل الجامعة بالتذاكر والامانة في السكن الداخلي للجامعة خلال أيام المنتدى 9 – 10 سبتمبر/ أيلول 2013، من خلال دعم مؤسسة الشيخ سلطان القاسمي للتعليم، وللصدفة فقد كان بين المتحدثين أيضاً سلطان القاسمي لكنه لا يجيز استخدام كلمة شيخ، وهو مثقف كبير ومتواضع. أما المفاجأة الثانية فهي مشاركة الشابة الفنانة منيرة القديري، التي أقامت معرضا غرائبيا عن البشر في الخليج، وهي ابنة صديق النضال محمد القديري، ولذا اشعرتني بتقدمي في السن، لكنها كانت مرحة جدا.

موضوع الانتقال بالخليج مما هو فيه من تأزم وتخلف، إلى رحاب التقدم والازدهار والاستقرار تناوله المشاركون من عده زوايا، وهذه المرة لم يطلب منهم تقديم أوراق بل ملخص لما يريدون طرحه، وتركه للحوار الخلاق. ويعود الفضل في نجاح المنتدى إلى خبير الشئون الخليجية ومشرف الدراسات العليا في جامعة اكستر وولي جالدس والمدرس بمعهد الدراسات العربية والإسلامية مارك فاليري، ونور القاسمي، ابنة الشيخ سلطان القاسمي ومنسقة المنتدى، وزوي الإدارية القديرة.

شارك من البحرين جاسم حسين وعبدالنبي العكري، وآلاء الشهابي إضافة إلى باحثين خليجيين.

بالنسبة لي فقد كان موضوع بحثي «الخليج، التحديث والحداثة وما بعد الحداثة في ظل الربيع العربي». استوحيت الفكرة من ورقة سبق أن شاركت فيها في ندوة مهمة لكنها منسية في جمعية الأطباء في العام 2005 كما اعتقد شارك فيها أيضاً رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري ورضي الموسوي حول تحديث البحرين. وقد أسهم معي الصديق حسين شبيب، في اعداد عرض يظهر عملية التحديث في الخليج طوال قرن في مختلف مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والإدارة والنقل والاتصالات والإعلام والسكان وغيره وعدم مواكبة هذه التغييرات المذهلة بفعل الذهب الأسود، مع تغييرات سياسية، تنقل بلدان الخليج من الحكم التسلطي إلى الحكم الديمقراطي، ومن مواقع الرعية إلى مفهوم المواطنة المتساوية، وتنقل مجلس التعاون من صفته الأمنية الحالية إلى صيغة التعاون الشامل لصالح المواطنين كما الاتحاد الأوروبي.

أما النائب المستقيل جاسم حسين فكان عرضه عن علاقات المواطنين والوافدين خلال الحراك الجماهيري في الخليج ضمن الربيع العربي. عرض جاسم حسين، أرقاماً أو جداول ذات دلالات خطيرة حاليا ومستقبلا، من حيث الاختلال المتفاقم في الاعتماد على العمالة الأجنبية واختلال الديمغرافية، بحيث تحول المواطنون إلى أقلية ضئيلة، في ظل دعوات بعض الجاليات الأجنبية وخصوصاً في البحرين، حيث تتزعم إحداهن ما يدعى باتحاد الجاليات الأجنبية والتي تمثل 55 في المئة من السكان، ما يستوجب أن تكون مقررة في الشئون الداخلية، وذلك يتم ويا للغرابة بدعم وتشجيع من حكومة البحرين، في استخدامها للأجانب ضد الحراك الأهلي والمعارضة الوطنية، أما القضية الثانية فهي تجنيد فئات وجنسيات من طائفة واحدة معينة في الجهات الأمنية، ما يخلق فجوة واسعة بين المواطنين من ناحية والحكومات والجاليات من ناحية أخرى، لكن جاسم حسين أكد أنه فيما يخص البحرين على الأقل فإن هناك تعايشا وتسامحا راسخا بين البحرينيين والوافدين، وان ما ذكر سابقا لم يجرّ القسم الأكبر المضطهد من الشعب والمعارضة إلى الاعتداء أو مضايقة الأجانب حيث يعيشون بسلام بين ظهرانيهم. أما القضية الثالثة التي عرضها فهي مستقبل تراجع دور الخليج كمصدر للطاقة (النفط والغاز) في ظل تسارع الاكتشافات واستخراج النفط الصخري والغاز في أميركا وكندا وخيار الطاقة البديلة في البلدان الصناعية الكبرى. أما القضية الرابعة فهي مدى تنافسية الاقتصادات الخليجية في ظل دمج السلطة بالثروة، والاضطرابات، وغياب التوافق السياسي بحيث تدنت مكانة البلدان الخليجية على مؤشر الانفتاح الاقتصادي لنادي دافوس، والائتمان على مؤشر موديز، وستاندرد اندبور. وأكد جاسم أن دول الخليج تواجه تحديات الانتقال باقتصاداتها من الاعتماد شبه المطلق إلى الاقتصاد المعتمد على المعرفة والقيمة المضافة.

الباحثة الأميركية ايرين كالبرايد، والتي أبعدت من البحرين قبل أشهر لكتاباتها عن حقوق الإنسان، كانت المفاجأة السارة في المنتدى، حيث قدمت بحثا شيقا عن اشكالية الهوية في البحرين، وهي قضية اعتبرتها أيرين تاريخية على امتداد أكثر من 240 عاما من الحكم الحالي.

عرضت إيرين لمفاهيم متعددة ومتناقضة للهوية البحرينية والوطنية البحرينية بحسب الفئات التي تتبناها أو الجهات التي تروج لها، منوهة إلى أن البحرين كانت دائما الملتقى الذي تتفاعل فيه الهجرات، لتجمع ما بين التعددية ووحدة الهوية.

إيرين أكدت أن مجتمع البحرين ليس مثاليا فيما يخص تعايش وتسامح مكوناته، لكنه لم ينزلق الى صراعات واقتتال أهلي كما يحدث في عدد من البلدان المنطقة، على رغم سياسة التمييز والتهميش الرسمي المستهدفة لغالبية المواطنين والتحريض وحملات الكراهية ضد مكون اساسي للشعب والمعارضة، وشيطنتها، واستنفار المكون الآخر، وتهويل مخاطر تهجيره إذا ما حدث تحول ديمقراطي وتوزيع أفضل للثروة والسلطة. عرجت إيرين إلى اشكالية الالحاح من قبل السلطة ومؤيديها على اشتراط الولاء للنظام السياسي، بالهوية والوطنية، ويمتد ذلك الى تنميط الثقافة والفنون والمعتقدات ورفض الجزء الأكبر من شعب البحرين لذلك طوال قرون. كما عرضت لمخطط التجنيس السياسي الواسع والذي يراد به تغيير التركيبة السكانية وتحويل الأغلبية لأقلية، وليس إصلاح النظام السياسي وبالتالي إعادة الوئام لمكونات الشعب، كما عرضت لجانب آخر من الانتقاص من هوية الغالبية والمعارضة باتهامها بالعمالة لقوى خارجية تنوعت على امتداد التاريخ الحديث من الناصرية والشيوعية وأخيرا الإيرانية.

وعرضت إيرين تجربة التحول في الولايات المتحدة من النمطية التي تعتبر الأميركي هو الأبيض وان المرأة الجميلة هي البيضاء، إلى التعددية باعتبار أميركا متعددة الأعراق وهويتها مركبة وان جمال المرأة الأميركية متعدد الألوان والأعراق من الاشقر حتى الأسود ومن الانجلو-ساكسوني حتى اللاتيني.

أما الباحثة آلاء الشهابي فقدمت بحثا بعنوان «صمود المقاومة في البحرين»، حيث عرضت فيه للحراك في البحرين بأنه حراك سلمي غير مكتمل، إذ لم تحقق حتى الآن طبيعة الأهداف التي رفعتها، وعرضت الشهابي إلى الدوافع السياسية والاقتصادية لحراك 14 فبراير 2011، وخصوصاً ما تكشف في انحراف العملية السياسية، وفضائح الفساد الضخمة وخصوصاً نهب الأراضي وموازنة الدولة، مقابل تدهور الأوضاع الاقتصادية لغالبية المواطنين واثار التجنيس والتمييز، وعرضت لأشكال الاحتجاجات التي تتباين ما بين الاجتماعات الجماهيرية المرخصة والاحتجاجات الصغيرة. كما عرضت إلى التباين في أطروحات القوى من الإصلاح إلى التغيير الشامل. لكنها أكدت على تفاهم قوى التغيير وتعايشها ودعمها المتبادل، ثم عرضت تعاطي الدولة مع الاحتجاجات بمزيج من التعاطي الأمني والتجويع الاقتصادي وكسب قطاع من السكان، والتظاهر أمام الحلفاء والعالم بمعالجة الأزمة من خلال جولتي الحوار وتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق والمثول امام مجلس حقوق الإنسان، مع المراوغة في تنفيذ توصيات اللجنة والمجلس، وحملة العلاقات الدولية حيث جندت العشرات من شركات العلاقات العامة، وصرفت عشرات الملايين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4067 - الجمعة 25 أكتوبر 2013م الموافق 20 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:03 ص

      جاسوسية

      اليست إيرين هذه هي نفسها عميلة المخابرات الامريكية الموالية لحرب الله؟؟ نرجو التصحيح

    • زائر 4 | 7:33 ص

      صناعة الأزمات و أمربكية الأزمه قال جحا!

      قد لا يقال أن صناع قرار بينما نمل وقمل ودسائس من خسة والساسه لكنهم لا يعلمون بما وما يفعلون! هنا القرار الأمريكي المدمر للإسراف والتبذير المنتشر عالميا بسبب البذخ والرفاهيه وفوق القانون!. فالأمر بالمعروف ليس كما النهي عن المنكر لكن أمريكي الصنع كما المخبر والمخابرات الأمريكيه والتجاره حتى بالبشر فهذا أعاد الناس إلى أي عصر؟ قال جحا!!!. يعني من كثرة السكر صنعوا إرهاب لكن اليوم التخلص منه كما أعلنوا صعب لأنهم يبيعونه السلاح والأسلحه الناريه. فهل هذا مُجاز دوليا يعني أو لا أخلاق فيه؟

اقرأ ايضاً