العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ

التابع والمتبوع

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

عندما نرى قائدا شعبيا ووراءه جموع من الناس، يقفز إلى الذهن - أحيانا - تساؤل: «مَن يقود مَن؟».

هذا لأن من القادة من يريد أن ينعم بلذة الاستماع إلى صيحات الجماهير وهتافاتهم، وهم لا يريدون أبدا أن تخبو هذه الجذوة، لأن الجماهير كالأطفال، إن لم يطل القائد عليها باستمرار سيفقد وهجه لديها، ويفتر حماسهم تجاهه، وتبدأ الجماهير في البحث عن هموم أخرى، وربما قادة آخرين.

ومن القادة من يحاول جاهدا أن يلمع نفسه بين الفينة والأخرى إن بمشروع ضخم، وإن بخطب عصماء رنانة تحاكي ما يجوس في نفوس أتباعه، وتلعب على أوتار أأحاسيسهم، وتنكأ جروحهم، وهو حتى إن لم يقدم شيئا إليهم، ولم يقترح حلولا، ولم يسهم في التخفيف عنهم، فيكفيه أنه نفّس عما يكنونه.

هذا النوع من القادة لا يريد أن ينفضّ السامر من حوله، ولا أن يفقد رصيده الجماهيري، والذي - قد يكون - كل ما يملك، وبالتالي، يبدأ في المزايدة على آلام الناس وجروحاتهم، ويتقدم عليهم خطوات في الضجيج، ذلك لأن عينه على رضاهم وليس على مصلحتهم، عينه على التفافهم حوله لا على نجاتهم مما هم فيه. وهم إن غرقوا وهو على أكتافهم سيكون هو آخر الغارقين، ويراهن على أمور شتى ليكون هو أول الناجين.

إن الاستسلام والتلذذ بصيحات الإعجاب الجماهيرية يقلبان المعادلة رأسا على عقب، فيصبح الجمهور هو القائد وهو الذي يملي على القائد ما يقول، وكيف يقول وكيف يفكر، وإلا عاقبته بالابتعاد عنه، والبحث عمن هو «أسخن» منه.

فإن ارتضى القادة الشعبيون هذا الدور بأن يكونوا تابعين لا متبوعين، فإن ويلات آتية ستشهدها الجماهير ولاشك

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً