العدد 4108 - الخميس 05 ديسمبر 2013م الموافق 01 صفر 1435هـ

اليوم العالمي للتطوع

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التطوع مقوم رئيسي في منظومة العمل الاجتماعي والمدني العام ويعود اليه السبق في بناء الحضارة الانسانية، والتطوع ثقافة عرفتها الجماعات البشرية منذ القدم وكانت مجردة من أشكال البهرجة والمناهج الاستعراضية الحديثة التي أخذ البعض في تبنيها واخراجها من دائرة مفاهيمها وأهدافها ومبادئها الانسانية.

ويشكل التطوع جوهر مفاهيم العمل الانساني قبل أن يصير منهجا عالميا موجها ترعاه الأمم المتحدة وعناصر المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الناشطة في مجال العمل الاجتماعي، وان واقع الظروف الحياتية التي عاشها الانسان في المراحل الاولى لوجوده على البسيطة وكذلك الظروف التي عاشتها المجتمعات البشرية في بدايات تكون الحضارة الانسانية، تشكل المحفز الرئيسي الذي دفع الجماعات الانسانية في تبني ثقافة التطوع وتوحيد جهودها للقيام بالاعمال المشتركة للتمكن من مواجهة مخاطر الطبيعة والمصاعب الحياتية والمعيشية التي تهدد أمن وجودها وبقائها.

القيمة الفعلية للتطوع كعنصر مهم في انجاز المشاريع التنموية والحضارية للدول تشكل محفزا مهما في توجه الجمعية العامة للامم المتحدة، المؤكد في قرارها 212/40 المؤرخ في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1985، الذي جرى بموجبه اعتماد 5 ديسمبر يوما عالميا للتطوع ودعوة الحكومات إلى الاحتفال سنويا بهذه المناسبة، وحثهما على اتخاذ ما يلزم من تدابير لزيادة الوعي بأهمية التطوع ونشر ثقافة التطوع وتعميم اهدافه ومبادئه، للتمكن من تحفيز الافراد والجماعات للمساهمة بجهودهم التطوعية في انجاز المشاريع الاجتماعية والتنموية والحضارية.

تبني فكر العمل التطوعي يشكل مؤشرا جوهريا لثقافة الانتماء الاجتماعي والولاء الوطني ويبرز الميزة الاخلاقية والانسانية للفرد وجاهزيته للمساهمة في انجاز المشاريع التنموية

والارتقاء بالمستوى المعيشي والتقدم الحضاري لمجتمعه، ويشكل العمل البيئي احد الحقول المهمة في منظومة العمل التطوعي الحديث، وشهد تفاعلا مجتمعيا ومؤسسيا ملموسا وصار محورا رئيسيا ضمن منظومة العمل الاداري والمؤسسي لمؤسسات القطاع الحكومي والخاص.

ان حالة التلوث المتواترة التي شهدتها مياه حوض الخليج العربي في بداية تسعينيات القرن الماضي نتيجة تصاعد وتيرة العمليات الحربية واستخدام مياه الخليج هدفا ووسيلة للعمليات العسكرية، تشكل عاملا رئيسيا في بروز مجموعة من الجمعيات التي تبنت اهداف التطوعي البيئي، وعلى رغم وجود عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في المجال البيئي الا ان التطوع البيئي يشهد تراجعا في نشاطاته وجودة منجزاته في العصر الحديث.

ان المعطيات المتوفرة لدينا والتي تشكل حصيلة عملنا لسنوات طويلة في حقل العمل البيئي والتطوعي تشير الى أن هناك مجموعة من العوامل السلبية كانت السبب الفعلي فيما هو حاصل من تراجع وتتمثل في الاتي:

1 - ضعف الوعي الاجتماعي البيئي وانعكاسه سلبا على جوهر المفاهيم المجتمعية وعدم الادراك بضرورة وفوائد الانخراط في مشروعات العمل التطوعي التي تعنى بقضايا الحفاظ على البيئة.

2 - تفشي ظاهرة الشخصنة في اهداف ادارة وتنفذ المشاريع البيئية ومشاريع العمل التطوعي المدني والبيئي، ما ترك اثاره السلبية في امتناع عدد من الافراد عن المشاركة في انشطة العمل التطوعي في المجال البيئي وعدم ثقتهم بجدوى العمل واضاعة الوقت بحسب وجهة نظرهم في نشاطات غير مفيدة ومع جماعات غير نزيهة.

3 - عدم توفير الظروف المناسبة للموظف في انجاز مهماته التطوعية للمساهمة في انجاز المشاريع التطوعية والمجتمعية والبيئية التي تتبناها مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والتعليمية والاخرى وبالاخص منها المدارس.

4 - ضعف التقدير في مقابل ما يقوم به المتطوع من جهد وعمل على حساب الاسرة والذي يتواصل الى وقت متأخر من الليل.

5 - ضعف القناعة لدى عدد من مسئولي المؤسسات التي جرى التعامل معها بمن فيهم المؤسسة صاحبة المشروع البيئي بجدوى العمل التطوعي في حقل العمل البيئي واعتبار بعض مسئولي المؤسسات والافراد ان ذلك يدخل ضمن مسئوليات السلطة البيئية المختصة.

6 - عدم الاهتمام بتبني مشاريع العمل التطوعي والاجتماعي والعمل المدني وعرقلة تنفيذ البرامج التي يجري طرحها من قبل الناشطين في حقل العمل الاجتماعي من قبل الافراد الماسكين بزمام الادارة التنفيذية في المؤسسات الاجتماعية والتطوعية، ما ترك اثاره السلبية على عملية تنفيذ الخطط والانشطة ذات الدلالة الاستراتيجية في العمل الاجتماعي والتطوع المدني العام.

العمل التطوعي بشكل عام، ناهيك عن العمل التطوعي البيئي يعاني من قصور وضعف الاهتمام المجتمعي الى جانب ضعف الدعم الحكومي وشح مصادر دعم مناشط العمل التطوعي في المرحلة الراهنة وهي مشكلة عصرية، وينبغي العمل في وضع خطة عمل مؤسسة للارتقاء بالعمل التطوعي وتحفيز الاهتمام الاجتماعي بمناشطه وذلك يتطلب اجراء دراسة مؤسسة لقراءة واقع الخلل واتجاهات الحلول والعمل على تنظيم مؤتمر خاص بشأن ذلك بمشاركة خبراء وناشطين من المنظمات الدولية والاقليمية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمات المجتمع المدني في دول مجلس التعاون الخليجي لمعالجة واقع المشكلة للتمكن من استنباط الحلول وتشخيص المخرجات العلمية والعملية للتمكن من الارتقاء بفاعلية العمل التطوعي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4108 - الخميس 05 ديسمبر 2013م الموافق 01 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً